*زليخة أبو ريشة
حتى نقول إن هذه الحركة النسائية أو تلك نجحت أو لم تنجح، لا بدّ من أن ننظر إلى ما تحقَّق من عدلٍ على أرض الواقع. وأين العدل في أنّ المرأة ما تزال تحتاج إلى وليٍّ يسمحُ ويمنعُ، في الزواجِ وجواز السفر، وما تزالُ يتهدّدها الزوجُ، ناكر الجميل قليل الشهامة، بالزواج عليها؟ إن لم تصل الحركة النسائية إلى تحقيق مساواةٍ مطلقةٍ في الحقوق الإنسانيّة، فهي حركةٌ عرجاء ناقصةٌ في مرمى نظرها، وما يزالُ أمامها الكثير لتنجزه.
فلا يقولنّ مسؤولٌ في موقع: إن المرأة لدينا في الطب والهندسة والصناعة والصيدلة والعمل الحر وصنع القرار، ناهيك عن التعليم! ولا يستعرضنّ لنا الأرقام الخداعة، فمن تحتها يجري انتهاك إنسانيّة المرأة انتهاكاً كاملاً. وما هي إذن معاملتها في النهاية معاملة الطفل القاصر؟ فلا يحقُّ لها التصرّف بنفسها وبمصيرها وبمالها لأنَّ القيّم عليها يستطيع ولا تستطيع؟ أجل! هي لا تستطيع التصرف بمالها تصرّفاً حرّاً ما دام الأب أو الزوجُ قيّماً عليها ووليّاً لها، فهي وما تملك لهما! وإلا كيف نفسّرُ استيلاء الورثة الذكور على ميراثها عنوةً أو تخجيلاً في معظم مدن المملكة وأريافها وفي أكبر العائلات والعشائر؟ وكيف نفسّر استيلاء الزوج، بطريقةٍ أو بأخرى، في معظم الحالات على دخل زوجته، لأن حضرته القيّم وصاحب الكلمة العليا، ثمّ عندما يجدُّ الجدُّ بأوَّل الأجَلَيْن (الموت أو الطلاق)، تكون المرأة خالية الوفاض من مالها وكدّ حياتها؟
ثمة خلل جوهريّ في وضع المرأة عندنا، كما في بلدانٍ أخرى، وهو أنها غير كاملة الأهليّة في القانون، ومن ثمَّ في المجتمع. فالولاية تعني أنها كالطفل ناقصة عقلٍ لا بسبب أميّتها مثلاً، فهي تجاوزت في العلم الحدود القصوى، بل بسبب جنسها. أي أنّ مبدأ الولاية يقرّر (لا يفترض) أن المرأة مهما أوتيت من العلم والخبرة والإنسانيّة والنضج الذي يتحقَّق بعد سنِّ معيّنة لن تستطيعَ أن تفهمَ أبسط الأمور وتقرّر لنفسها أبسط الخيارات ما دامت أنثى. وبذا تحوِّلُ ثقافةُ الولاية الأنوثةَ إلى لعنة والذكورةَ إلى نعمة! وعندها علينا أن لا نعجب لم تتهالك النسوة على إنجاب الذكور المبجلين في المجتمع، الحائزين (بغض النظر عن المحتوى المهلهل أحياناً كثيرة) على التقدير والفرص!
وعلى ذكر الفرص فإنني أطرحُ سؤالاً أرجو أن يكون مدوّياً، وهو:
كيف بحق الله والعدل والإنسانيّة تلمع النساء في الجامعات عندنا، ويحصدن الدرجات المتقدّمة، ويغلبن الذكور في العدد أيضاً، ثم لا نجد نسبتهن في الوظائف تتجاوز العشرين في المئة؟ وما هي المعادلة السحريّة التي تجعل من الفاشلين في الدراسة أو من الناجحين من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة أن يحتلوا المراتب الأولى في العمل؟ وهل أنّ “من يهمل في الدراسة ينجح في العمل” هي القاعدة الذهبية التي اكتشفها الأردن وطبّقها، وجعل لنا بذلك الحياةَ ورديّة، والخلاص ناجزاً؟
أيتها الحركة النسائية، التي أنا شخصياً جزء منها، إن لم تحرّري المرأة من الولاية، فالمرأة هنا، كما كل شيء “مكانك سر”!
دعونا لا نفقد الأمل…!
_______
*الغد