محمد نجيم
يحتفي موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ 37، بالفنان المغربي الراحل فريد بلكاهية، أحد كبار الفنانين التشكيليين المغاربة والعرب، الذي وصلت شهرته إلى العالم متخطية الحدود المغربية، والذي فقدته الساحة الفنية المغربية والعربية السنة الماضية مخلفاً إرثاً فنياً كبيراً يرقى، في مستواه إلى العالمية.
وقد انطلقت فعاليات الدورة الـ37 من منتدى أصيلة الثقافي الدولي يوم الجمعة الفائت تحت شعار: «فريد بلكاهية في الذاكرة»، بمشاركة عدد كبير من الكتاب والمثقفين والفنانين ورجال السياسية والفكر من مختلف البلدان الأوروبية والعربية. كما ينظم المهرجان ندوة كبرى في 4 أغسطس المقبل، لاستحضار أعمال وحياة هذا الفنان ومكانته في الساحة الفنية المغربية والعربية والعالمية تحمل عنوان: «فريد بلكاهية مسار مُتعدد»، بمشاركة عدد من الفنانين والنقاد التشكيليين العرب والمغاربة ومنهم: عبد الرزاق بن شعبان، عزيز الداكي، مليم العروسي، فريد الزاهي، محمد المليحي، حميد التريكي، عبد الله كروم، ناصر بن الشيخ، ومن فرنسا ألكسندر كازروفي، جاك ليتهارد، مراد مونتزامي.
لم يكن فريد بلكاهية، فناناً مجدداً فحسب، بل فاعلاً إبداعياً، ترك بصماته واضحة بما راكمه من مشاريع فنية ذات مدى بعيد. فبعد عودته من الخارج في بداية الستينيات، أشرف على إدارة مدرسة الفنون الجميلة في الدار البيضاء وخلق من خلالها دينامية رسمت معالم البحث التشكيلي في المغرب. ومن حينها، لم يكف عن النضال من أجل فن مغربي وعربي موسوم بثقافته وتراثه وهويته.
يقول فريد الزاهي، منسق الندوة، إن فريد بلكاهية، ظل يبلور في مشغله في الدار البيضاء ثم بعد ذلك في مراكش عالماً فنياً متعدداً وذا ثراء باهر لا ينضب معينه. كان مسيره الفني استكشافا لا يكلّ للمادة ودلالاتها المختلفة، المادية والروحية والإنسانية. فمن النحاس إلى الجلد والحنه، ظل يحتفي بثقافته وتراثه، من خلال سلسلة من الأعمال تستحضر الشريف الإدريسي والقدس وغيرها من الوجوه والمواقع الرمزية لثقافتنا.
كان فريد بلكاهية يكنّ لأصيلة عشقاً لا ينمحي. فقد كان أحد الفنانين الذين ساهموا بفعالية في ولادة موسمها الثقافي كما في امتداده واستمراره. ففي سنة 1978 كانت مساهمته في الجداريات الأولى لأصيلة بلوحة أنجزها على فرن. وعدا مساهمته النشيطة في أول مشغل للحفر عرف توالي فنانين ذوي شهرة عالمية كان أول فنان مغربي يهدي لأصيلة تصميماً شخصياً لأرضية ساحة ليوبولد سيغار سنغور.
ظل بلكاهية، يقول فريد الزاهي، منسق الندوة الاستعادية، وفيا لأصيلة. وهو الوفاء الذي سيترجمه بلكاهية باقتناء بيت له بأصيلة، حيث كان يعيش المدينة ويجدد اللقاء بها. لقد كان بلكاهية شغوفاً بعالم الصيادين ومصاحبا لهم، وهو ما جعل عمدة مدينة أصيلة يفكر في مشروع متحف للصيادين، احتفاء بهذه الصداقة.
ويضيف الزاهي أن هذه الندوة «تريد لنفسها أن تكون احتفاء بفنان متفرد وبأعمال فنية شامخة تعبر عن زمننا. إنه احتفاء بروح وعمل الفنان يقوم به أصدقاؤه ومجايلوه، وتحتضنه المدينة التي ترك فيها أثر حضوره وإبداعه منذ الدورة الأولى لموسمها الثقافي الدولي سنة 1978». يشار أن مدينة أًصيلة، تلبس، خلال أيام المهرجان وعرسها الصيفي، حلة زاهية تتشكل من الجداريات التي أبدعها فنانون كبار من مختلف أنحاء العالم. وتشكل حديقة جميلة مكونة من اللوحات التي يشارك بها أصحابها في هذا الموسم الثقافي.
يشهد موسم أصيلة الثقافي ندوات مُهمة تقارب الشأن السياسي والفكري والأدبي العربي والعالمي، ومن بينها: ندوة «قدماً إلى الماضي: نحو حرب باردة عالمية جديدة»، وتنعقد في مكتبة الأمير بندر بن سلطان، بالتعاون مع مركز العلاقات الدولية للتنمية المستدامة في صربيا، ويشارك فيها: محمد بنعيسى أمين عام منتدى أصيلة الدولي، لييونيل فرنا نديز رينا، رئيس جمهورية الدومنيكان السابق، محمد بن عبد العزيز الكواري، وزير الثقافة والفنون والتراث في قطر، ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات، وأسماء أخرى من صربيا، الكويت، باكستان، قطر، البرتغال، غانا، الشيلي، فرنسا، الهند، البرازيل، المغرب، الولايات المتحدة الأميركية، البحرين، تركيا، ودول أخرى.
الاتحاد