آلاء عثمان
صدر عن مركز المخطوطات فى مكتبة الإسكندرية كتاب “الآثار العربية..منتخبات من أبحاث المؤرخ الدكتور جواد على “وهو نتاج مشروع بحثي قام عليه رامي الجمل وحرره أحمد عبد الرحيم، وتقديم الدكتور بشار عواد.
ولد الدكتور جواد علي في بلدة الكاظمية في الجانب الغربي من بغداد سنة 1907م، وتعلم القراءة والكتابة فيها، ثم انتقل عبر نهر دجلة إلى الجانب الشرقي إلى بلدة الأعظمية ليلتحق مع أخيه “وصفي” بمدرستها، مدرسة الإمام أبي حنيفة التي كان يديرها يومئذ الحاج نُعمان الأعظمي يرحمه الله.
وبدأ مشروعه العظيم بكتابة أوسع تاريخ للعرب قبل الإسلام فأنجزه فى ثمانية مجلدات ضخام بمراجعة أستاذه، ثم رفيق دربه، العلامة محمد بهجة الأثرى، فى تسع سنوات “1951- 1960″، فطبع بمطبعة المجمع العلمى العراقى “وقد جود فيه البحث تقصيًا وبسطًا وتحقيقًا” على حد تعبير شيخنا الأثرى. وكان هذا الكتاب أساسًا لنشرة ثانية مزيدة ومنقحة فى عشرة مجلدات ضخام، خصص العاشر منها للفهارس العامة، عرف باسم “المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام”، ويعد الكتاب الأول- على مستوى العالم- فى تخصصه وشموله وسعة معلوماته ودقتها، لا يستغنى عنه باحث فى هذه المدة مهما بذل من جهد واستقصاء، فكان كتابه الرائد والخاتم لتاريخ العرب قبل الإسلام.
كان الدكتور جواد علي مؤرخًا متميزًا متأثرًا بالمدرسة الألمانية تأثرًا كبيرًا، لاسيما في “ليوبولد فون رانكه” الذي يؤكد أن وظيفة المؤرخ الحق هو إعادة تشكيل الحدث التاريخي كما وقع بالضبط، من ثم كان الدكتور جواد علي يدرك أن تدخل العواطف وتحكم المذهبية العقائدية من أخطر الآفات التي تواجه المؤرخ.
ويؤكد الدكتور جواد على، فى تفسيره للتاريخ، عدم الرضوخ لمدرسة من مدارس تفسير التاريخ بعينها، لأن كل مدرسة لابد أن تكون متأثرة بديانتها ومذهبيتها: العقائدية أو السياسية فى التفسير، وهو أمر يتنافى مع ضرورات المنهج العلمى فى البحث والتقصى، ويرى أن التاريخ يستمد وحيه من واقع الظروف التى صنع فيها، وهو أمر لا يتحصل إلا عن طريق الإحاطة بالروايات والوثائق الواردة في أي حدث، وتحليلها وعمل الفكر فيها، والاجتهاد في الوصول إلى حقيقتها.
اليوم السابع