غناء أخير للمسافات


غدير حدادين *

( ثقافات )


سأُغنِّي للنِّهاية ..
أُسدِلُ صوتـها المهملَ على مسرحِ الحياةْ، 
لا ألتفتُ لذاك الجمهور الأخرسِ 
لا أنحني أمامهُمْ مثلَ نهرٍ باردٍ فقدَ سمعَهْ،
أُدركُ أنَّ النِّهايةَ تستلزمُ مساحيقَ الأناقةِ
وأوغِلُ في التجربةْ،
علَّني أُغنِّي يوماً دونَ وشاحِ الخوفْ!

سأُغنِّي للخطرْ .. 
أسندُ دمي (بالأسبرين) وأمضي للهدوء، 
أتجرَّعُ السكونَ .. 
أنتظرُ اللقاءَ المؤجلَ 
أُوقفُ عقربَ الوقتِ وأفرحُ بالنتيجةِ رغم خيبتي!

سأُغنِّي للبحرْ ..
ذاكَ الشارد على موانئ الانتظارْ، 
أُشعلُ أصدافهُ المنسيةَ مثلَ عيونِ الراحلينْ، 
أسألهُ عن المطرِ 
وعن الرِّيحِ السَّاكنةِ في جدائلِ الغيمْ، 
(أتعربشُ) على مرايا الماءِ وأبني حُلم بِلقيسْ!

سأُغنِّي للطريقْ .. 
أُوقظُ عصافيرَ الصباحِ الثَّملةِ بالحياةْ، 
أُطعمها حنطةَ الحبِّ و أسألها عن الاشتياقْ، 
تجيبُ: الأزقَّةُ كحلُ الذَّاكرة 
والليلُ ضريرٌ يكسوه المللْ! 
ثمَّ تفِرُّ صافعةً زُرقةَ السماءِ بأجنحتها.

سأُغنِّي للفرحْ .. 
أُغلِقُ الماضيَ كي أنجوَ من صوتِ الحنينْ، 
أشربُ الصَّبرَ وأُقـبِّلُ فمَ الحياةِ 
وانتظركْ.


سأُغنِّي للقاءْ .. 
أحضِنُ أشياءً قد أحتاجُ إليها بمسيري، 
رائحةُ حنانِكَ، 
طعم سجائركَ الـمُشبع بالنعناعْ، 
فأنا أخشى إنْ لـم ألتقِ بكَ 
أنْ يمتلئ الكونُ بالوحدةِ والبحرُ بالفراغْ!

***


* شاعرة من الأردن

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *