هل إكرام المتميز دفنه؟


أماني ماجد

لم يكن رحيل الفنان المصرى العالمى عمر الشريف مجرد خبر وفاة لفنان ينتمى إلى زمن الفن الجميل فحسب، بل إن رحيله ينكأ جرحا غائرا فى النفوس، وخاصة تلك التى لم تنل حظا من التكريم من بلدها وفى حياتها، وكان تصريح الفنان محمد صبحى أكبر وخزة لضمير مسئولى الثقافة فى مصر القائمين على أمر الترشيحات لجوائز الدولة. محمد صبحي أوصى جمهوره برفض تكريمه بعد وفاته، وهذه الوصية تستوجب التوقف عندها، فلم يقلها صبحى معبرا عن ذاته فحسب، بل قالها لتجد صدى فى قلوب وعقول كل المتميزين الذين لا يجدون موطأ قدم فى بلدهم، ولم يجدوا ترحيبا ولا تقديرا لفنهم وأعمالهم أيا كان التخصص، ولم يجدوا من يكرمهم فى حياتهم، وكأن إكرام المتميز لا يكون سوى بالجنازات وتقديم العزاءات، ثم يتذكرون بعد الرحيل التكريم إذا حدث. ولا يعلم أحد منا حتى هذه اللحظات أسباب تجاهل الدولة المصرية لعمر الشريف… هل لعدم الاعتراف بموهبته الفنية التى تجاوزت المحلية لتصل إلى العالمية، أم تراه للجدل الدائر حول ديانته التى كانت محل تساؤل الإعلامى وائل الإبراشى فى برنامجه، فأراد أن يعلم ديانة الشريف ليعلم أين سيدفن، فمن المعروف أن جذور الفنان الراحل كانت يهودية وديانته كانت المسيحية حتى أشهر إسلامه قبل الزواج من سيدة القصر الراحلة فاتن حمامة؟! لقد فاز عمر الشريف بجائزة الجولدن جلوب لأفضل ممثل عام 1966 فى فيلم الدكتور زيفاجو، ونال الكثير من الجوائز ففى عام 1962 رشح لجائزة الأوسكار عن أفضل دور مساعد فى فيلم لورانس، وفى العام 2004 تم منحه جائزة مشاهير فنانى العالم العربى تقديرًا لعطائه السينمائى خلال السنوات الماضية، وحاز أيضًا فى نفس العام جائزة سيزر لأفضل ممثل عن دوره فى فيلم “السيد إبراهيم وأزهار القرآن” لفرانسوا ديبرون. كما حصل على جائزة الأسد الذهبى من مهرجان البندقية السينمائى عن مجمل أعماله، وغيرها من الجوائز العالمية. كل تلك الجوائز ولم تعترف بلده بموهبته ولم يفكر مسئولو الثقافة المصرية فى ترشيحه لنيل أى جائزة من جوائز الدولة التى توزع للحبايب وأنصاف الموهوبين، وقلة من المتميزين، متناسين أن الفن هو أحد أذرع القوة الناعمة لمصر، الذى يجب دعم متميزيه ولو معنويا . قس على ذلك ما يحدث كل يوم، ليس مع الفنانين، بل مع كل كفاءة تعمل وتنتج وتتميز، ليصبح مصيرها الإهمال والركن على الأرفف ليعلوها صدأ الإحباط، وتشد الرحال إلى حيث تقدير الكفاءات دون النظر إلى الجنس أو اللون أو الديانة. والنماذج المصرية “كثيييرة!”، فلم تكرمهم الدولة إلا بعد أن التفت إليهم العالم وكرمهم، فإذا بأصحاب الشأن فى مصر “يخجلون” ويعلنون التكريم، وقليل منهم من يحظى به وهو على قيد الحياة، والكثيرون يكرمهم “الثرى!!”. يقينا، لا دولة تقوم أو تتقدم إلا بالكفاءات والمتميزين، فهل أصبح- فى بلدنا- إكرام “المتميز” دفنه؟!

اليوم السابع

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *