الخفَّة والثقل في “كسماءٍ أخيرة” للشاعر السوري عماد الدين موسى


*وائل الناصر

خاص- ( ثقافات )

في ديوانه الصَّادر مؤخَّراً عن دار فضاءات (الأردن- 2015)، والمعنون “كسماءٍ أخيرة”، يُقدِّم لنا الشَّاعر السوري عماد الدين موسى نبوءة نهاية، نبوءة صدمة. النصوص حافلة بالمتناقضات حتَّى في تفاصيلها الدقيقة حيث لا وجود للأشياء دون سمائها. لا وجود لطائرٍ بدون عشِّه/ وطنه، اضطراب الوجود أمام الوطن: “الطائر الذي فقد عشَّه/ فقد جناحيه أيضاً”.
الأشياء والكائنات، الكواكب والنجوم، الأشجار والنباتات كلها تعيش كربها الذي يكشف العدم حسب هايدجر. البحر في لفظه لأشيائه لينتحر، إذن ثمَّة انشراخٌ في الوجود، انجذابٌ نحو ما سيكون وهروبٌ هائلٌ ممَّا هو كائن: “حياتنا كلاحياتنا/ الأبيض أسود/ والنَّهار ليل”، وكأنِّي بالشاعر قد تقمَّص الأشياء كلها وأدركَ مثل ذاك الطَّائر أنَّ السَّماء الأخيرة هي فعلاً كذلك.
العنوان/ اللّْغز، رمزيَّة السّماء الأخيرة تأخذ معنيين:
الأوّل: أن هذا الوجود يعيش على أبواب لا وجوده.
الثاني: السماء وقدسيتها هل تشمل الإله أيضاً؟ كلُّ كائنٍ تحت هذه السَّماء الأخيرة يعيش في شيئه ولا شيئه، إمّا وجودٌ وإمّا فناء.
الخفَّة والثقل تضرب جذورها في نصوص الشاعر وكأنَّ كائناته التي تُظلُّها سماءٌ أخيرة هي أيضاً تُظلُّ الكائن الذي لا تُحتَملُ خفَّته لميلان كونديرا. البحر في امتلائه، في هشاشة وجوده، يريدُ أن يُصبحَ خفيفاً، أن يسكنَ الفراغ: “البحر/ وهو يلفظ كائناته/ على سبيل الانتحار البطيء”، الرَّصاصة كفعلٍ ثقيلٍ، الرَّصاصة والكائن الذي لن يرى اللَّيل ليلاً على خفَّته، لن يعرف مدى كونه خفيفاً ومابين ثقل الرّصاصة وخفَّة الكائن نفقد قيمة أي فعل وأي قول لأنَّ الرّصاصة بثقلها أخذت خفّة الكائن إلى مصبِّ زواله المحتَّم: “ماذا ينبغي أن نفعل؟/ وماذا نقول؟/ الأشياء بموسيقاها الهادئة/ إلى زوالٍ محتَّم/ والكائن كذلك”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب: كسَماءٍ أخيرة- شِعر
المؤلف: عماد الدين موسى- سورية
الناشر: دار فضاءات، الأردن- 2015
الصفحات: 88 صفحة
القطع: المتوسط

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *