من حيفا مع خالص العِتاب

(ثقافات)

من حيفا مع خالص العِتاب

 

مرزوق الحلبي

أطفالٌ ثلاثة على الشاطئ

هدمت قصرهم

موجة واحدة

*

العصفور الذي أضاف

إلى عُشّه قشّة

تفرّغ الآن للغناء

*

التقت نظراتنا

لحظةَ رشفتْ قهوتَها

وابتسمنا للجرحِ في أول نظرة

*

ضحكتُ لرسمة الجرافيتي قبالتي

كأنني أضحك لي

في المرآة

*

الصداقات القديمة

التي تركتُها في سفحِ الكرملِ

لم تغيّر مكانَها

*

في المسافةِ إلى محطّة الحافلات

ثلاثة انكبّوا على الحاويات

وهم يتمتِمون

*

امتدت قبلتُهما إلى الرصيفِ

دار النادل على روّاد الحانة

بالكؤوس

*

الشمس في حيفا تُخيفَ القططَ

تشوي وجوهَ الناس

وكلامَهم

*

الليلُ في المدينةِ

سرديّةُ الغريبِ للغريبِ

فرحٌ سائلٌ،

ضوءٌ خافتٌ في آخرِ الطريق

*

لأغاني الحانات

طعمٌ لا يُقاوَم

تنقرُه بأصابِعك على لوحةِ المفاتيح

*

شوارعُ المدينةِ خاليةً

أنتَ لا تعرفُ أحدًا فيها

*

في أعلَى الدرجاتِ

امرأةٌ تسألَك كلّ يومٍ بعضَ الدراهمِ

وتمْضي

 *

في المدينةِ لا تنتظر منّة من أحدٍ

المتسوّلون وحدهم يبتسمونَ لكَ

*

في مدخلِ المترو

حارسٌ يُجنُّ كلّما مررتَ

سيضطرّ لرفع نظره عن شاشة النقّال

*

المدينة مقسومة،

الناس الذين فوق

وأولئك الذين في إثرهم على السفح

*

في حيفا لغاتٌ كثيرة

وغيابٌ غير محكيّ

يطلّ من شبابيك مُغلقة بالباطون

*

بين الجبلِ والبحرِ

تنتظرُ النوارسُ

وننتظر

*

زرقةُ البحرِ في حيفا

تامة

والوجود ناقصٌ

*

خطّ الوشّامُ جملةً في أعلى نهدها

وقام العدل

(حيفا ـ أيار 2024)

عتاب بما يُشبه الفرح

كُلّ القصائدِ التي كتبتُها لكِ العامَ الفائت

تبدو لي الآن

محاولات للنجاة

من غُربةٍ في أقاصي الّلغات

وكلّ القصائد التي كتبتِها لي

أوقعتني في الصُدفِ

تركتِ العام الفائتَ في قصائدي

ما تتركُه أقدامُ الطيورِ على الثلج

والموجةُ في الذاكرة

والرغبةُ في الخاصرة

في العامَ الفائت

لم أقُل الحقيقة إلّا لقلّة

فالكثرةُ

صرعتْهُم الأكاذيب

في العامِ الفائتِ

بدا الكونُ أضيقَ على خطوِنا

وأقلّ قُدرةً على احتمالِ

السؤال

في العام الفائت فقدت ثقتي بكلّ شيء

ما عدا الخيبة

ظلّت إلى جانبي

في العامِ الفائتِ

دارتْ الدوائرُ أسرعَ من عادتِها

ولم ينجُ أحد

في العام الفائت

تكرّر كلّ شيء بشكلٍ أسوأ ممّا كان في العام

الذي سبق

بدا لنا العالمُ في العامِ الفائتِ

ثقبًا أسود

احتلْنا عليه بالمجازِ

والكنايةِ

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *