العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات)

“طربوش أبو عزمي العلي”:

  العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

زياد أحمد سلامة

  نقلنا الدكتور وليد سيف في مسلسله الشهير “التغريبة الفلسطينية” إلى أجواء الثورة الفلسطينية الكبرى التي وقعت بين عامي (1936 ـ 1939) وما فيها من أحداث ومواجهات بين الثوار والإنجليز، ورأينا من تلك الشخصيات التي رسمها الدكتور باقتدار شخصية الزعيم الإقطاعي (أبو عزمي) الذي كان زعيما يحيط به عدد كبير من الرجال الذين يعملون في حراسته وخدمته، وكان ذا نفوذ كبير، وعمل على السيطرة على مناطق واسعة من الأراضي بحجة أنها من الأرض المشاع التي ليس لها صاحب محدد، وعندما نشبت الثورة الكبرى حاول ركوب موجة الثوار فشكل فصيلاً مقاتلاً لحسابه الشخصي، وقد خاض من خلاله معارك شجاعة ومؤثرة ضد الإنجليز، وفي ذات الوقت رفض العمل تحت جناح الثورة ويكون فصيلاً من فصائلها، وكان يعتبر نفسه رأساً كبيراً من رؤوس الثورة حتى إنه اشتاط غضباً عندما أعد الإنجليز قائمة بالمطلوبين من الثوار ولم يظهر اسمه في القائمة، ولكن بعد مدة رأيناه قد استغل اسم الثورة في جمع الأتاوات من الناس بحجة التبرع للثورة، فشاهدنا رجاله يحملون “طربوشاً” قالوا بأنه “طربوش أبو عزمي”، ويطلبون من الناس وضع التبرعات فيه (رغماً عنهم) مما اضطر قيادة الثوار إلى تنبيهه على هذا العمل الخطير، ورأيناه يقوم بتصفية وقتل الكثير من خصوم بحجة أنهم عملاء وأعداء للثورة، ومنهم الدكتور “أكرم السويدي” ورأيناه يبدأ اتصالاته بالإنجليز بحجة إظهار لين الجانب لهم على قاعدة (خذ وطالب)، وقد اضطرت الثورة إلى تنبيهه عدة مرات ليقطع اتصالاته بالمحتلين ويعود إلى صفوف الثورة. وكانت نهايته على يد ابن أخيه وخطيب ابنته الذي اكتشف صدق اتهامات الثوار لعمه وصلته بالإنجليز، فأطلق عليه النار يوم عرسه؛ هذه النهاية كانت مشابهة لشخص تحاكي أحداث حياته حياة أبي عزمي، بما في ذلك قتله في حفلة عرس!

  فمن “أبو عزمي” هذا؟ وهل من الضروري معرفة شخصيته الحقيقية؟

  لم يقصد الدكتور وليد سيف تأريخ القضية الفلسطينية تأريخاً وثائقياً في هذا المسلسل وبقية مسلسلاته، فمهمة كاتب الدراما التاريخية غير مهمة كاتب التاريخ، ويكفي العمل الدرامي رسم الشخصيات بدون تحديد قاطع لصاحب الشخصية الحقيقة في حال كون هذه الشخصية تحاكي شخصاً حقيقياً، وهناك شخصيات كثيرة في هذا العمل لها امتدادات في الواقع الحي، ولكنها لا تكون تسجيلاً حرفياً لحياتهم، ومن تلك الشخصيات التي نستطيع الإشارة إليها في المسلسل شخصية على والتي فيها الكثير من شخصية الدكتور “محمد إبراهيم” وهو عم الدكتور وليد، وفيها شيء من حياة الدكتور إحسان عباس، وهناك الكثير من شخصية “صلاح” تلتقي مع شخصية الدكتور وليد نفسه، وأما شخصية “أم أحمد” ففيها من شخصية جدته، وشخصية “أبو أحمد” فيها من شخصية جده،  وتلتقي شخصية القائد “أبي صالح” مع والده، وقيل بأن شخصية أبي صالح هي لرجل حقيقي اسمه “أحمد أبو عوض” من قرية الكابري قضاء عكا، [أو عطية أحمد عوض: من بلد الشيخ،  أحد من قيادات منطقة الشمال خلال ثورة فلسطين 1936. استشهد في معركة اليامون بالقرب من جنين في آذار 1938] وأما شخصية “أم صالح” فتلتقي مع ووالدته، وأما رشدي ففيه شيء من وليد سيف نفسه لا سيما عندما دخل إلى الداخل الفلسطيني لمقابلة أمه التي لم تهاجر مع الناس عام 1948، فقد زار سيف حيفا بطريقة مشابهة عام 1968 وقابل هناك محمود درويش وسميح القاسم وعدداً من الأدباء، وحتى “أم سالم” المجنونة” كان لها ما يماثلها في الواقع.

لم يذكر الدكتور سيف أسماء شخصيات حقيقية في مسلسله لأنه اعتنى بالحدث الدرامي الذي سيقدم فكرة عما جرى، وليس تقديم تأريخ موثق، ولكنه تطرق إلى بعض الأسماء مثل الشيخ عز الدين القسام وعبد الرحيم الحاج محمد، وحسن سلامة ويوسف أبو درة وعارف عبد الرزاق وعبد القادر الحسيني، وذلك لإعطاء بُعد واقعي للأحداث.

  بالعودة إلى أبي عزمي، قال الدكتور وليد سيف في مقابلة معه بأنه عند رسم هذه الشخصية استدعى شخصية حقيقية في تاريخ القضية الفلسطينية وبنى عليها هذه الشخصية، وقال بأن الشخصية الحقيقة التي استدعاها كونت فِرَقاً تُسمى “فِرَق السلام”، عملت مع الإنجليز على مطاردة الثورة الفلسطينية.

  كان السؤال عن شخصية أبي عزمي الحقيقية يُلح عليَّ مع علمي أن معرفة شخصيته الحقيقية لا يُقدِّم شيئاً، فالمهم الحالة وما تمثله الشخصية، ولكني كنتُ أقرأ في كتاب “إما نحن وإمَّا هم: معركة القسطل: الساعات الأربع والعشرون الحاسمة” للكاتب الإسرائيلي “داني روبنشتاين” وفيه حديث عن شخصية تنطبق عليها صفات أبي عزمي، هو فخري النشاشيبي ولكن من خلال البحث وجدتُ شخصية أخرى أقرب لشخصية أبي عزمي هو “فخري عبد الهادي”.

فرق السلام:

 يقول الأستاذ غسان كنفاني في كتابه “ثورة 36 ـ 39”: “أسهم عدد من قادة حزب الدفاع في إنشاء ما أسموه بـ “فرق السلام” وهي قوات صغيرة مرتزقة تكونت بالتعاون مع الإنكليز وساهمت في مطاردة الثوار والاشتباك معهم، وزحزحتهم عن بعض المواقع التي كانوا يسيطرون عليها، وكان فخري النشاشيبي ممن ساهموا في تكوين هذه الفرق وتسليحها وتوجيه نشاطها”.

  ويقول الأستاذ محمد الوليدي في مقاله” هؤلاء أضاعوا فلسطين” انه في تموز ١٩٣٧ وعندما أشتعل لهيب الثورة، قررت بريطانيا الاستعانة بعملائها في فلسطين؛ فاتفقت مع راغب النشاشيبي  على تشكيل قوات فلسطينية من أجل محاربة الثوار والتي أسموها بـ “فرق “السلام” وتم دعمها وتمويلها وتسليحها من قبل السلطات البريطانية، كما شاركت الحركة الصهيونية بتسليحها أيضا، وكذلك تم استدعاء ” فخري عبد الهادي”  للغاية نفسها من أجل قيادة فرق “السلام” في منطقة جنين وما حولها، وأطلق “عبد الهادي” على جماعته “حملة حطين” تشبيها لنفسه بصلاح الدين الأيوبي! لإيهام العوام بعدالة حملته، وقام بإغراء المئات من قريته والقرى التي حولها للالتحاق بفرقته، كما أنشأ شبكة من المخبرين والجواسيس ونشرهم في القرى التي حوله للتجسس على أخبار الثوار وأمكنتهم، وبلغ عدد فصائل السلام في فلسطين ثلاثين فصيلاً أو ما يقارب (500) مسلح.  امتدت “فصائل السلام” لتشمل نابلس والخليل وجنين والروحة ومرج ابن عامر وعكا والجليل الغربي. إلا أن هذه   الفصائل كانت تعاني من عدم التنظيم والتكتل.

   فخري النشاشيبي: (1899ـ 1941م)

 ابن شقيق راغب النشاشيب الزعيم المقدسي وزعيم “حزب الدفاع الوطني” المعارض للحاج أمين الحسيني، كان فخري أحد القادة البارزين المنظمين للإضراب في المدن الفلسطينية عام 1936 وساند الحزب الثورة في سنتها الأولى، واعتقِل فخري وآخرون من قيادات حزب الدفاع في آب 1936 في معتقل عوجة الحفير في النقب. إلا أنه وافق عام 1937 على مخرجات لجنة بيل البريطانية التي ارتأت تقسيم فلسطين، وانسحب من اللجنة العربية العليا، ما عنى الصدام المباشر بين حزب الدفاع والثورة المسلحة. في تموز 1937 أصيب بالرصاص في يده في محاولة لاغتياله امام مقهى الحلواني في يافا.

بعد حملة الاعتقالات التي طالت أعضاء اللجنة العربية العليا وفرار أمين الحسيني من فلسطين في أيلول 1937، رأى حزب الدفاع أن الوقت ملائم لتسلم القيادة، وأبدى راغب وفخري النشاشيبي في الاتصالات بالوكالة اليهودية استعدادا للتعاون من أجل التوصل إلى اتفاق عربي يهودي بريطاني. وكان فخري النشاشيبي من أوائل من اقترحوا تشكيل فرقة مسلحة تعمل ضد الثوار، وتلقى في خريف 1938 أسلحة من الهاغاناه، وقد اعتبر رجال هذه “الفرق” أن الثورة المسلحة قد انتهت بقرار من الملوك والرؤساء العرب ولم تعد ذات ضرورة بعد صدور خطة التقسيم، وبعد دعوة بريطانيا العربَ واليهود إلى طاولة المفاوضات في لندن.

فخري عبد الهادي: (1885ـ 1943م)

كان في بداية الثورة مسانداً لها قلباً وقالباً وشارك في هجمات على القوات الإنجليزية، وأصدر منشورات تدعو إلى إحلال السلام في البلاد ومقاطعة البضائع الإنكليزية وأعلن: “نحن ما زلنا أقوياء في طموحاتنا الوطنية”، و أطلق أنصاره عليه لقب ” المجاهد البطل فخري عبد الهادي” وامتنع عن المس بالمفتي الحاج أمين الحسيني علانية، وكانت أشهر المعارك التي شارك فيها (عبد الهادي) معركة بلعا المعروفة بمعركة المنطار التي جرت يوم (3/9/1936) بالتنسيق مع القائد فوزي القاوقجي والقائد عبد الرحيم الحاج محمد (أبو كمال)، وفي هذه المعركة تم إسقاط طائرتين بريطانيتين، وقتل طيارين كانا داخلهما، في حين اضطرت طائرتان ثانيتان إلى الهبوط الاضطراري، بعد أن أصيبتا وقد جرح أحد طياريها، تقول المصادر الإنجليزية بأنه قد قُتل أحد عشر ثائراً، منهم  شهيدان فلسطينيان وتسعة من البلاد العربية الأخرى ” .وقد قام الإنجليز بعد المعركة بوضع الشهيد  محمد بلعاوي [أحد الشهيدين] فقد وضعه البريطانيون على كومة من القش والبلاّن واضرموا في جثته النار. وقد شهدنا هذه المعركة في بداية الحلقة السابعة من “التغريبة”.

   قرر قادة الفصائل الفلسطينية تعيين الضابط السابق في الجيش السوري “فوزي القاوقجي” الذي جاء متطوعا في ثورة 1936(ثم كان على رأس جيش الإنقاذ عام 1948) قائداً أعلى للثورة العربية في سورية الجنوبية أي فلسطين. فكان من قراراته تولى فخري عبد الهادي قيادة السرية الفلسطينية ضمن قادة الفصائل الذين شكلوا ” الثورة “فأصبح “عبد الهادي” ـ وكما يقول مؤيدوه ـ قائداً لجميع الفصائل الفلسطينية بينما بقي الآخرون مجرد قادة فصائل يأتمرون بأمره. كما أن القاوقجي عَيَّنَه نائباً عنه ومساعداً له، ولهذا يصفه مؤيدوه بأنه كان قائد الثورة الفلسطينية عام 1936.

  ثم انقلب “عبد الهادي على الثورة” وبدأ اتصالاته بالإنجليز ومنظمة الهاغاناه اليهودية، وفي تقرير للهاجاناه مؤرخ في 6/11/1938ورد أن سمعة فخري عبد الهادي ساءت بعد انتشار أخبار بأنه عميل خائن وبأنه يعمل لصالح الإنكليز، وقد انقسمت بلدنه “عرَّابة” إلى قسمين: مؤيد له ومعارض؛ وهم الأكثرية، والاعتقاد السائد أنه لا يستطيع مواصلة أعماله من عرَّابة وربما يترك البلاد”

    قويت شوكته وصارت له سطوة في المنطقة؛ فقام بملاحقة الثوار، فقتل عدداً كبيراً منهم، وزج بالعشرات في السجن وعذبهم، وأضر ببيوت وأملاك المجاهدين، وسلب الأموال من القرى المؤيدة للثوار. كان له في قلعة عرَّابة سجن وجلاد مسؤول عن تنفيذ عمليات الإعدام. أراد الانتقام من كل من سببوا في إبعاده عن قيادة الثورة، الأمر الذي جعل الناس يطلقون عليه لقب اللحام.

 أدت خدمات “فرق السلام” للسلطات البريطانية إلى إضعاف الثورة والكشف عن أماكن الثوار وخططهم، ومن خلال إشعال فتنة الثارات والتصفيات بين العائلات المختلفة، انضم لهذه الحركة العديد من أبناء العائلات التي قُتل أحد أبنائها في موجة الاغتيالات والتجاوزات، من قبل فصائل الثورة، أو اختلفت مع فصائل الثورة لأي سبب كان. على ضوء هذه المستجدات، سرعان ما تحولت الثورة الفلسطينية، التي وجهت أصلاً ضد البريطانيين والحركة الصهيونية، إلى حرب أهلية حقيقية دفع ثمنها العديد من الأبرياء والعزل، أثخن الاحتراب الداخلي المجتمع الفلسطيني بجراح غائرة لا تزال آثارها حتى يومنا هذا، وانعكست على أداء الشعب الفلسطيني كله في ساعة الحسم عام 1948.

   علاقة فخري عبد الهادي مع القائد عبد الرحيم الحاج محمد:

  في الحلقة التاسعة من “التغريبة” يأتي القائد أبو صالح إلى أبي “عزمي العلي” ويسأله عن إقدام رجلين من رجاله على قتل فلسطينيين دون عرضهم على محاكم الثورة، فيقول أبو عزمي بأن لديه محاكمه الخاصة، وهنا يحذره أبو صالح بأن هذه التصرفات قد تضر بالثورة وسيلجأ بعض الناس لتصفية حساباتهم مع خصومهم على خلفية ثارات قديمة بحجة العمالة، فيقول أبو عزمي لأبي صالح: “ولماذا أرسلتك قيادة الثورة لتبليغي بهذه الشكوى! ولماذا لم يحضر عبد الرحيم الحج محمد؛ فلعلي أقبل الكلام معه، فيقول له أبو صالح بأنه انتهى وأن قيادة الثورة كفت يده عن العمل، وبعد انسحاب أبي صالح وجماعته يقول أبو عزمي لابن أخيه (محمد) متهكماً ومتوعداً: من هو عبد الرحيم الحاج محمد! ومن هي (ذَنَّابة) التي أخرجته!! وذنَّابة هي بلدة عبد الرحيم الحاج محمد وبلدة وليد سيف، فهما من عائلة سيف.

  هذا الحوار يشير إلى العلاقة المتوترة بين القائدين، وإلى نزعة الاستعلاء لدى أبي عزمي، وفيها إشارة إلى تعسفه في اضطهاد الناس والتضييق عليهم، وثبت فيما بعد وجود اتصالات بين (فخري عبد الهادي) والإنجليز واليهود، ورد في تقرير للهاغاناه مؤرخ في 31/10/1938 وقوع صدام بين رجال عبد الرحيم الحاج محمد ورجال فخري عبد الهادي في عرَّابة راح ضحيته عدد من القتلى من الجانبين، وأن هذا الصدام وقع بسبب أمر جاء من اللجنة المركزية للجهاد بوجوب تجريد فخري من سلاحه ولكنهم لم ينجحوا في ذلك. وجاء في التقرير كذلك أن رجال فخري يتجولون في عرابة دون أن تقوم الحكومة بالتشويش عليهم، أو تجري تفتيشاً لديهم.

  ساعد أحد هذه الفصائل البريطانيين على الظفر بالقائد العسكري العام للثورة، عبد الرحيم الحاج محمد، حيث قام أحد أفرادها بتعقبه أثناء عودته من دمشق يوم (26/3/1939) وحين بلوغه قرية صانور (قضاء جنين) وقضائه الليل هناك في ضيافة صديقه فوزي جرار (أحد قادة الفصائل البارزين في منطقته) قام ذلك الشخص المتعقب بإبلاغ البريطانيين الذين بادروا بإحكام الحصار على صانور وتصفية القائد أبي كمال وحارسه (سليمان أبو خليفة) بعد معركة قصيرة دارت في صبيحة اليوم التالي؛ ويُروى أن فصيلأ تابعاً لإحدى العائلات المتنفذة ضرب طوقاً على عبد الرحيم الحاج محمد في صانور حتى جاء الجيش فقتله.

  بعد انتهاء الثورة الكبرى عام 1939 طالبت بريطانيا من النشاشيبي وعبد الهادي تسليم السلاح الذي قدمته لهم، فقد انتهت المهمة، وتقرر وقف صرف المال لهم. وسبب ذلك:

  1. إيمان الحكومة بأن السلام والهدوء عادا إلى البلاد، وأن بإمكانها القضاء فوراً على كل حركة تمرد.

  2. خشية الحكومة من أن يُوجَّه سلاح فصائل السلام ضدها.

  3. استعمال فصائل السلام السلاح بصورة سلبية حيث ارتكبت فظائع وأعمال إرهابية منافية للقانون.

  4. رغبة الحكومة في المصالحة مع رجال المفتي وفتح صفحة جديدة.

النهاية:

أغتيل فخري النشاشيبي أمام فندق سميراميس في بغداد يوم(9/11/1941)   على أيدي أنصار أمين الحسيني، وتشير مصادر إلى أن القائد عارف عبد الرازق أصدر الأمر باغتياله بتهمة الخيانة. دفن في مقبرة باب الساهرة في القدس.

أما فخري عبد الهادي فقد كانت نهايته درامية؛ إذ قتل يوم (13/4/1943) في بلدته “عرَّابة” في حفل زفاف ابنه. إذ قام أحد أبناء عمومته بإطلاق النار عليه وقتله على مرأى من القائد الإنكليزي العام للمنطقة الذي دعاه فخري لحفل الزفاف، ويقال إن سبب هذا القتل هو عدم رغبة فخري في إرجاع مبالغ مالية ضخمة اقترضها من والد القاتل.

التقاطع بين شخصيتي فخري النشاشيبي وفخري عبد الهادي مع شخصية أبي عزمي في المسلسل:

  لم يسرد المسلسل سيرة هذين الرجلين وما قاما به بالتفصيل، وإنما اكتفى الدكتور سيف بجعل هذين الشخصين خلفية للأحداث، بجعلهما المقابل للثوار، مكتفياً بالخطوط العامة،  ولم يذكرهما بالاسم، فهما شخصان كانا مخلصين للثورة وتعرض أحدهما للاعتقال وقاد جانباً من نضال الدعوة للإضراب الشهير، وخاض الآخر معارك قوية مع الاحتلال أصيب في إحداها (في معركة بلعا)، وكلا الشخصين انقلب على الثورة وتعاون مع الإنجليز والصهاينة،   فأما النشاشيبي فأراد تصفية حسابه وحساب حزب الدفاع مع المفتي وحزبه، وأما الآخر فأراد الانتقام من الثوار الذين عزلوه وأخذوا عليه قسوته وعنفه واستسهاله للقتل.

 دمج سيف شخصيتي (الفخريين) وشكل منهما شخصية واحدة هي شخصية أبي عزمي، وطورها لتكون نموذجاً للعميل المتخاذل الذي استحق الإعدام.

 أراد المسلسل التعرض للجانب السيء السلبي لبعض الفلسطينيين الذين أساؤوا للقضية وتسببوا في إضعاف الثورة وتقوية الجانب الفلسطيني، وبيان سبب من أسباب انتهاء الثورة!

  أطلق “عبد الهادي على فرقته ” حملة حطين” في حين كان اسم فصيل أبي صالح “فصيل حطين” في إشارة إلى أن الفئة الصحيحة الحاملة لراية صلاح الدين في تحرير فلسطين هي ما عليه أبو صالح وثواره، لا ذلك الذي سرق الاسم.

 كانت نهاية أبي عزمي على يد “محمد “ابن أخيه وخطيب ابنته بعد أن تأكدت له عمالة عمه واتصالاته بالإنجليز، فأثناء الاحتفال بعرس “محمد” وبينما كان أبو عزمي متصدراً المدعوين، وبجانبه اثنان من كبار المسؤولين الانجليز، أطلق عليه “محمد” النار من المسدس الذي كان قد أهداه له عمه، وهو يردد ساخراً: “لعينيك يا عمي”، ثم أطلق النار على الضيفين الإنجليزيين. بينما كانت نهاية عبد الهادي على يد أحد أقاربه لأسباب شخصية.

المراجع:

  1. وليد سيف: الشاهد المشهود

  2. وليد سيف: التغريبة الفلسطينية، أيام البلاد، (رواية) الدار الأهلية، عمان، ط1، 2022

  3. وليد سيف: التغريبة الفلسطينية، (مسلسل)

  4. زياد أحمد سلامة: وليد سيف أديباً ومفكراً، وزارة الثقافة ودار الوضاح، عمان، ط1، 2019

  5. غسان كنفاني: ثورة 36 ـ 39، خلفيات وتفاصيل وتحليل.

  6. فخري عبد الهادي قائد حملة حطين، الموسوعة الرقمية العربية

  7. محمد الوليدي: هؤلاء أضاعوا فلسطين -فخري عبد الهادي، مجلة الراصد العربي، 12/4/2012

  8. د. عبد الحميد الشقران: من هو القائد الخالد فخري عبد الهادي بطل ثورة عام 1936 في فلسطين؟ أخبار البلد، 19/12/2012

  9. خالد عودة الله: مقدّمات لدراسة “التعاون” مع المحتلّين في فلسطين/ موقع باب الواد وموقع البابور، 13/2/2021

  10. د. فايز أبو شمالة: لماذا ينكص الثوار على عقبيهم؟ موقع كل العرب، 15/4/2021

  11. د. مصطفى كبها: فصائل السلام والثورة المضادة: ثورة 1936 -1939 والذاكرة الشعبية الفلسطينية (الحلقة 32) موقع فلسطين في الذاكرة، 7/8/2009

  12. فخري عبد الهادي قائد حملة حطين، الموسوعة الرقمية العربية

  13. فخري النشاشيبي، ويكيبيديا

  14. القائد الاعلى لثورة فلسطين الكبرى عام 36 فخري عبد الهادي لن يستطيع أيا كان أن يزاود عليه، موقع اخبار البلد، 19/11/2011

  15. كرم الشبطي: الذكرى ال 79 على استشهاد القائد عبد الرحيم الحاج محمد (أبو كمال) 27 آذار 1939 – 27 آذار 2018م، موقع (الإعلام الحقيقي) 1/4/2018

  16. الثورة العربية في فلسطين 1936-1939، ويكيبيديا

  17. داني روبنشتاين: إما نحن وإمَّا هم: معركة القسطل: الساعات الأربع والعشرون الحاسمة” ترجمة سليم سلامة، دار الأهلية، عمان، 2023

زياد أحمد سلامة

عمان / الأردن

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

2 تعليقات

  1. حكمت النوايسة

    كل الشكر والتقدير أخي زياد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *