أبرز الأحداث الثقافية للعام المنصرم 2023

أبرز الأحداث الثقافية للعام المنصرم 2023

بقلم/ مؤمن سمير-مصر

طغت الأحداث العسكرية التي بدأت بضربات السابع من أكتوبر واستمرار الضربات الهمجية البربرية التي يمارسها الاحتلال الصهيوني على أهالينا في غزة بما يتجاوز حدود كل تصور إنساني والحراك الشعبي العالمي المتاخم لها على كل اهتمام آخر في العام 2023 حتى أن الكثيرين نسوا ما فات من أحداث أو فعاليات ثقافية أو غيرها نتيجة ثباتنا جميعاً في موقع المراقب المرتعش والمتابع المكلوم وتوهج أرواحنا جميعاً بالغضب وما يصاحبه من حصار الإحساس بالعجز الذي يكبلنا تجاه الإبادة الجماعية والمجازر غير المسبوقة التي تنفذها قوات الاحتلال الاسرائيلي في غزة.. لكننا بغير جهد كبير نستطيع ملاحظة استمرار عدة ظواهر ثقافية كانت قد ظهرت في السنوات الماضية واستقر تأثيرها مثل توالي إقامة الكثير من معارض الكتاب في العواصم والمدن العربية المختلفة وما يصاحبها من ندوات فكرية وفعاليات فنية وثقافية حيث تتوزع المعارض بطول شهور العام وبطول الجغرافيا كذلك وتمثل بعض تلك المعارض أعراساً ثقافية صادقة تصنع وَهَجاً ملموساً وحالة تنويريةً حقيقية وبعضها يكون محدوداً وباهتاً يكون نشاطه الأساس هو بيع الكتب فقط.. أيضاً لا مناص من متابعة الجوائز العربية المختلفة والضجيج الذي يصاحب إعلان القوائم الطويلة والقصيرة ثم إعلان أسماء الظافرين بها وهي جوائز تنجح كثيراً في لفت الانتباه لكُتَّاب رائعين لم يكونوا معروفين بالأساس أو ربما كان الاهتمام بأعمالهم خافتاً من قبل وبالطبع تجديد الاهتمام بكُتَّاب راسخين وإعادة اكتشافهم، هذه الجوائز بقيمتها المالية الكبيرة قد تساهم كذلك في تكريس اتجاهات وزوايا نظر ربما ليست محايدة ومُوجَّهة عبر كُتَّاب آخرين ربما لا يستحقون جزءاً كبيراً من هالاتهم.. ومن اللافت كذلك أنه قد أقيم هذا العام العديد من مهرجانات الشِعر في الكثير من العواصم العربية وهو أمر محمود ككل أمر يخص هذا الفن العظيم الذي يُصر البعض ويساهم كذلك في محاولة تهميشه لصالح فنون أخرى لأغراض ربما بعضها تجاري بالأساس.. مع ملاحظة أن التنظيم في هذه الملتقيات قد لا يخلو من أغراض تنتصر لأشكال كتابية دون الأخرى مما قد يخرج بالأمر عن البراءة والموضوعية، هذه المهرجانات التي تُعنى بالشِعر لا تنفي إقامة مهرجانات وتجمعات وملتقيات تخص فنون أخرى مثل الرواية والقصة القصيرة وظهور أنشطة “مختبرات السرد” في العديد من المدن العربية وينطبق الأمر كذلك على المسرح والفن التشكيلي وما شاكلهم.. كذلك استمرت المواقع الثقافية على الشبكة العنكبوتية في استقطابها للعديد من أصحاب الأقلام ومحاولتها سد غياب النشر الورقي الذي تراجع في العالم العربي كله وهي مواقع توفر الحرية والسرعة في ردود الأفعال والتجاوب.. وبالطبع استمرت مواقع التواصل في تقديم فضاءٍ أكثر رحابةً للمبدعين الشباب وفي نفس الوقت تغري الكبار بالمشاركة في هذا الحضور المَوَّار وهو ما يسبب تلاقحاً فنياً يلقي الضوء باستمرار على المشاريع الإبداعية المتحققة وكذا المشاريع التي في طور التحقق.. كما شهد هذا العام رحيل الكثير من أصحاب القامات الفكرية الفنية الكبيرة وكذلك الشباب منهم على حد سواء بطول الدول العربية، ويمكن التمثيل لهذا الغياب الفادح بما يخص شكلاً كتابياً واحداً فقط هو قصيدة النثر، حيث فقدت الحياة الشعرية في بلدٍ واحدٍ فقط هي مصر، الشعراء محمود قرني وسامي الغباشي وعبد الحفيظ طايل ومحمود سليمان وشهدان الغرباوي وأشرف عامر ومهاب نصر وأميرة الأدهم وهم الذين ينتمون لجيليْ الثمانينيات والتسعينيات الشعريان الطليعيان في مصر وذلك بعد أن فُجع كل كُتَّاب قصيدة النثر في الوطن العربي في وفاة الشاعر الفلسطيني الكبير زكريا محمد.. وبالنسبة للكتب، فقد مَثَّل فوز الكاتب المسرحي النرويجي “يون فوسه” بجائزة نوبل في الأدب لعام 2023مفاجأة ربما صارت معتادة مع اختيارات لجنة الجائزة العريقة التي تخالف في كل مرة التوقعات والترشيحات بالكامل.. وقد صدر في أغلب الدول العربية الكثير من الكتب المتنوعة عن دور نشر عريقة استمرت في نشاطها رغم كل الظروف المالية القاسية وكذلك عادت الكثير من دور النشر التي كانت متوراية في السنوات الأخيرة للإنتاج الثقافي مرة أخرى وتم تدشين ظهور الكثير من دور النشر الجديدة، الصغيرة والكبيرة كذلك .. وربما صار بالإمكان الحديث عن ما يُسمى بروايات الجوائز مثل البوكر العربية أو الشيخ زايد أو كتارا أو ساويرس الخ حيث تتسبب هذه الجوائز في رفد المكتبة العربية بروايات رفيعة المستوى ومن ثَمَّ توجيه بوصلة الاهتمام لصالح مبدعين رائعين لكن لا يخلو الأمر من روايات متوسطة القيمة يمثل اختيارها لغزاً لا يمكن تفسيره بأريحية.. وكأثر طبيعي للأحداث العسكرية في غزة زاد الاهتمام بشكل واضح ومثير للبهجة بالكتب الفكرية التي تتناول القضية الفلسطينية وخاصة التاريخية منها التي تحكي قصة المأساة التي كنا نعيشها وحدنا لكنَّ العالم أصبح يشاركنا في هذا الاهتمام.. وهنا يجب لفت الانتباه إلى انتشار العديد من المواقع التي تختص بالكتب وتوفر الحديث منها حيث جذبت الكثير من القراء بمقاومتها أسعار الكتاب المتزايد .. وبشكل شخصي صدر لي هذا العام ديوانيْن شعرييْن هما “ذاكرة بيضاء” عن الهيئة المصرية العامة للكتاب و “شَوْكَة الراوي العليم” عن دار “بتَّانة” المصرية كذلك..

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *