مبدعون: “التطرف” أبرز أحداث 2014 الثقافية


( ثقافات )

شهد العام 2014 الكثير من الأحداث الثقافية عالميا وعربيا، حيث أثار الإعلان عن نتائج بعض الجوائز المرموقة مثل “نوبل” و”البوكر” الكثير من الجدل، كما فقدت الأوساط الثقافية عددا من أبرز أعلامها، إلا أن الأحداث السياسية وتداعياتها هي التي طبعت ردود الكتّاب العرب عندما توجهنا لاستطلاع آرائهم حول أبرز الأحداث الثقافية خلال العام. 
الروائي والقاص الفلسطيني محمود شقير، قال إن: ” صعود ثقافة التطرف هو الحدث الثقافي الأبرز في العام 2014؛ ذلك أن اجتياح هذه الثقافة لعدد من مجتمعاتنا العربية يعتبر الظاهرة الأكثر خطورة على حاضرنا ومستقبلنا. وهي تتخذ أشكالاً وتجليات عدة ابتداء من تحريم السلام على أخوتنا المسيحيين في أعيادهم، وانتهاء بتكفير الغالبية العظمى من المواطنين، واللجوء إلى ذبح الكائن البشري مثلما تذبح الشاة بالسكين”. 
وأضاف في حديث خاص: “هذه الظاهرة واستفحالها وصعودها ليست معزولة عن طبيعة الأنظمة السياسية المستبدة التي تحكمت لسنوات طوال في الدولة القومية الناشئة بعد الاستقلال، وهي ليست معزولة عن سياسات الهيمنة التي مارستها وما زالت تمارسها دول المركز الرأسمالي الطامعة في الثروات العربية، والراغبة في تأجيج الصراعات الطائفية والإقليمية والإثنية في المجتمعات العربية لزعزعة هذه المجتمعات ولتفكيكها ولتخريب النسيج الاجتماعي فيها، ولتقسيمها إلى دويلات طائفية هزيلة؛ لضمان استمرار السيطرة على ثرواتها الطبيعية وعلى أسواقها، ولاستنزاف مدخراتها عبر اضطرارها إلى شراء السلاح للتصدي للخصوم المحليين، الذين لا يقع العدو الصهيوني في عدادهم”.
واستطرد مفسرا : “إن صعود ثقافة التطرف وتجليها في شكل تنظيمات مسلحة ذات طبيعة همجية، وتمسحها بالإسلام والإسلام منها براء، إنما يجد تفسيره في التمرد على القمع الذي مارسته الدولة الاستبدادية لسنوات؛ هذا القمع الذي خرب الحياة السياسية وأقام حظرًا على نشاط الأحزاب، وحرم الجماهير من حقها في ممارسة السياسة وفي التعبير الحر عن قناعاتها. ويجد تفسيره في اليأس من العدالة الدولية، وبالذات في ما يتعلق برفع الظلم الواقع على الشعب العربي الفلسطيني، وتمكينه من حقه في الحرية والعودة وتقرير المصير والاستقلال”.
وأضاف “شقير” أن هذا الوضع هو الذي: ” يدفع أعدادًا غير قليلة من جيل الشباب العربي وغير العربي إلى الالتحاق بهذه التنظيمات، مع عدم استبعاد حقيقة أن هذه التنظيمات أو بعضها قد نشأت بدعم من دول المركز الرأسمالي التي استغلتها وما زالت تستغلها لأغراضها في الهيمنة واستنزاف الثروات، رغم بعض التناقض في الغايات والأهداف بين دول المركز وهذه التنظيمات، واضطرارها إلى تقليم أظافرها بين الحين والآخر من دون القضاء عليها، لغايات لا تخفى على أي مراقب لما يجري في منطقتنا من صراعات.”
ولفت الروائي الفلسطيني إلى أنه: “في ظل هذا الوضع المأساوي، يمكن الإشارة إلى أنه رغم وفرة الأنشطة الثقافية التي شهدتها بلدان عربية عدة في هذا العام، مثل إقامة المهرجانات والندوات والمؤتمرات الثقافية والفنية، وتنظيم معارض الكتب وغير ذلك، فإن تأثير الثقافة الوطنية الديمقراطية في المجتمعات العربية ما زال محدودًا، بسبب ضعف انتشارها في أوساط الناس. كما أن تهميش دور المثقفين العرب في الحياة العامة ما زال مستمرًّا على نحو مؤسف، بسبب استهانة الأنظمة الحاكمة في البلدان العربية بدور الثقافة والمثقفين في نشر قيم الحرية والعدالة والديمقراطية والتسامح والمساواة، وفي هذا ما يتيح فرصًا مؤكدة لثقافة التطرف من أجل مواصلة الصعود، وإشاعة الفوضى والخراب في مجتمعاتنا إلى أمد قد يطول”.
أما الروائية الأردنية سميحة خريس، فقالت: ” لا أجد حدثا محدداً، ولكنني أرصد بانتباه ظاهرة اعتبرها مؤثرة ثقافيًا وفكريًا؛ بسبب الأحداث العاصفة التي تمر بها أمتنا وانكشاف مخاطر الفكر السلفي”.
وأضافت”خريس”: ” هناك أكثر من محاولة لقراءة الحال، يرافق ذلك إعادة النظر بصورة واعية وجادة في موروثنا الفكري الفقهي السلفي. أعتقد أن ذلك سيسفر عن مواجهة حقيقية لأمور سكتنا عنها دهراً وحان الأوان لمحاسبتها على تخلفنا وهزائمنا وتطرفنا ايضا؛ هناك علماء في الفقه والدين والعلم ومفكرون يقلبون الأمور وهناك توافق إعلامي يمنح الفرصة لتصويب فكر خطر يسود بين الشباب مع كل ظلامية المرحلة سياسياً واقتصادياً ، هناك بصيص من أمل تنويري”.
وتحدث الإعلامي والكاتب الكويتي صالح الشايجي، عن حدث ثقافي محلي اعتبره الأبرز بشكل سلبي وهو: ” دعوة الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي إلى معرض الكتاب في الكويت، التي أثارت انتقادات كثيرة وموجة رفض عارمة من قبل كثير من المثقفين الكويتيين؛ الذين رأوا في دعوتها استفزازا لمشاعر الكويتيين واستهانة بالوطن الكويتي؛ نظرا لتأييد مستغانمي المعلن والمبالغ فيه لصدام حسين الذي غزا الكويت واحتلها وقتل وأحرق وشرّد،.. لذلك قوبلت تلك الدعوة بالتنديد الشديد إلى الدرجة التي أدّت بإدارة المعرض إلى الغاء أنشطة مستغانمي فيه”. 
أمّا الروائي الأردني هاشم غرايبة، فتفاعل مع السؤال بطريقة حاسمة ومختصرة، إذ أجاب بكلمة واحدة، قائلا: “داعش”. 
وأجاب الروائي التونسي كمال الرياحي، قائلا: “لا أعتقد إنني مررت بحدث ثقافي أكثر أهمية من اعتصامي ثلاثة أيام من أجل تحرير تمثال ابن خلدون من الكوكا كولا”؛ في إشارة إلى الحدث الذي تابعته ( ثقافات ) ونشرت تفاصيله، حيث استطاع “الرياحي” بالاعتصام السلمي، إزالة لافتة دعائية عملاقة لشركة “الكوكاكولا”، قبل موعد رفعها المقرر في 31 كانون الأول/ ديسمبر، حيث كانت تحجب تمثال “ابن خلدون” الشهير الذي نحته الفنان التونسي الكبير زبير التركي بطلب من الزعيم الحبيب بورقيبة تقديرا للفكر والمفكرين.
ويأتي هذا الاحتجاج، بحسب الروائي التونسي، في إطار الدفاع عن صورة المثقف، وتقديرا للفكر ودفاعا عن الشارع التونسي بصفته ملكا للشعب من أي تشويه يطاله من الشركات الإمبريالية التي أصبحت تهدد الثقافة من خلال حجب رموزه.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *