سيرة حياة ألاسدير غراي / روج غلاس*

 (ثقافات)

سيرة حياة ألاسدير غراي / روج غلاس*

ترجمة صالح الرزوق – بإذن من الكاتب

في السنوات القليلة السابقة أنفقت مع ألاسدير وقتا أطول مما أنفقته مع أي عضو من أفراد عائلتي، وتلقيت منه مساعدة لإنجاز أولى رواياتي، وكان مشرفا على سير عملي في جامعة غلاسكو، ولذلك رأيته وهو يعمل على عدة كتب من مسافة قريبة، وهي: نهاية قيودنا، حياة في صور، كبار السن العاشقون، ثم أخيرا: كيف يجب أن نحكم أنفسنا.

وقد علمني أساليب الكتابة، واهتم بعدة جوانب من حياتي. كما أنني استدعيت إلى المستشفى في اليوم التالي لإصابته بنوبة قلبية (لأسجل ملاحظاتي، وقد رفضت ذلك – حتى مر يوم آخر). وكنت أباشر يومي بإلقاء نظرة عليه، وأختمه بنظرة مماثلة. وتابعته في كل أطواره: متماسكا، ومخمورا، ومنفعلا، وكئيبا، ومنوما، وعاريا (فقد كان يمر بي في الردهة وهو بطريقه إلى الحمام). أيضا شاهدته بكامل قيافته حينما زرته عدة مرات لأتلقى منه الإرشادات.

في ذلك الوقت، بالإضافة إلى موراغ نفسها(1)، ومساعديه في صالة الفنون في أوران مور، ربما رأيت من ألاسدير غراي ما لم يشاهده الآخرون.  وأنا مدين له بذلك – وإذا كنت أول الأمر معجبا به، أصبحت لاحقا وجزئيا أعتمد على ما يوفره لي من تمويل – ولهذا السبب  أرى أنني أسوأ إنسان مرشح لكتابة سيرته في كل هذا الوجود.

وحينما فاتحته بهذه الفكرة بحذر أثناء تناول القهوة في الصباح، توقعت أن تظهر  على وجهه علامات توحي بالضغينة وعدم الارتياح، لكن حصل العكس. فقد غمره الرضا والسعادة. واعترف لي أن المسألة تداعب غروره. وأضاف: على الأرجح أنني سأؤدي عملا لامعا. وبعد نقاش قصير، عدنا إلى عملنا المسائي المعتاد، وتابعناه بهدوء ودون منغصات. وبين الفصول التي تناولت الثورتين الفرنسية والأمريكية قدم لي لمحة عن سيرة حياة الشهير صامويل جونسون كما كتبها بوزويل، وتمنى أن أتبع هذا الأسلوب في خطة كتابي المزمع عنه، ومنحني حق التصرف بكل مؤلفاته، ووعد أن لا يؤثر على رأيي في أي مرحلة من المراحل. وأضاف: إنه لن يقرأ أو ينتقد ما سأكتب إلا بعد أن يخرج من المطبعة.

بعد ذلك لزمنا الصمت حول الفكرة.  لكنه كان دائما يفترض أنني أدون ما يلزم من ملاحظات ورؤوس أقلام.

وأذكر أنه يومها رفع صوته و هتف:”كن أنت لي مثل بوزويل”. وتمايل حول الغرفة وهو يشير للسماء بإحدى أصابعه وقال بصوت جهوري:”هيا. أخبر العالم عن عبقريتي”.

ثم عاد إلى هدوئه وسرد لي وبحوالي عشر دقائق حكاية عن بوزويل، وكيف جعل من قشور برتقال جونسون موضوعا هاما.

وكانت الحكاية في ذهني وأنا أتقدم بخطة البحث والكتاب إلى ألان بيسيت(2).

1- موراغ ماغيل كريست مؤسسة أرشيف ألاسدير.

2- روائي ومسرحي. رئيس جامعة غلاسكو لعام 2014.

*روائي وأكاديمي اسكوتلاندي /

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *