(ثقافات)
اليوم بلغتُ الستينْ
صلاح أبو لاوي
تركضُ أحلامي
طرقاتي تركضُ
الموت ورائي كالذئبِ الجائعِ يركضُ
والسنواتْ
في الستينْ
أبحث عمّا فاتْ
أبحث عني
أبحث عن شكلٍ يشبهني
أبحث عن طفلٍ فيَّ
فتخذلني المرآةْ
في الستينْ
وقد اكتملتْ أجنحة الأبناءِ
فطاروا خلف الغربة والعيشِ
وخلف الأزواج وخلف الزوجاتْ
وتُركتُ وحيداً كأثاث البيتِ
حياتي صارتْ نصفَ حياةْ
في الستينْ
وكأنَّ السنواتِ عيونٌ تتفتحُ واحدةً بعد الأخرى
أبصرت الله الثائر في جسدي
اللهَ الحاضرَ والغائبَ في آنْ
اللهَ الساكن في أحلامِ الفقراءِ
وليس اللهَ العاملَ في قصر السلطانْ
اللهَ الأوسع من كلِّ الأديانْ
في الستينْ
كان وراءَ البابْ
ناديتُ عليهِ
يا موتُ أتمهلني حتى أكتبَ عن شَجَرِ البحرِ؟
فقد صار البحرُ قريباً يا موتُ….
ارتجّتْ عتباتُ البيتِ
وغابْ
فصرخت على العتباتْ
أمهلني يا موتُ
أيااا موتْ
فارتدَّ الصوتْ
أمهلتك تسع سنينٍ معدوداتْ
هل تتحرر يافا في تسعِ سنينَ؟
سألتُ
فعاد صدى صوتي المرتابْ
كم أخشى أن تحرمني يا موتُ قصيدة عمري
أن تحرمني اللحظةَ صادقةً
وأنا عشتُ العمر الكذّابْ
في الستينْ
صرتُ بسيطاً كالماءْ
أكتب ما يوحى منه لأروي عَطَشَ الصحراءْ
صرتُ أليفاً كالقطة والقطِّ
مطيعاً ككلاب الصيدِ
جباناً كالطعنة في الظهرِ
سعيداً كالجدول عند لقاء البحرِ
حزيناً كالخنساءْ
لم يبق من الماضي في الروحِ
سوى نظراتِ الشهداءْ
في الستينْ
أسأل عن روحٍ تسكنني
-
وهنا التأنيثُ ضرورةْ،