(ثقافات)
الناقد د. محمد عبيدالله يقرأ من رواية “أمي وأعرفها”
تجري الرواية بأسلوب يُعاند الحبكة المنظّمة، وينأى عن التنظيم السردي الذي يقدم عادة أحداثا مترابطة وفق علاقات سببية منطقية، وعوضا عن هذا نجد آثار الأحداث وطوابعها على الشخصيات أكثر مما نجد الحدث نفسه، كما أن الأحداث لا تنتظم في سلاسل متتابعة، بل تحضر بشكل أقرب إلى فتات وإلى كِسَر وشظايا، تستعيدها الشخصيات من خلال وقعها وأثرها المؤلم الباقي.
وهذه الطريقة في الحبكة المفككة، وفي تفتيت الحدث، تقتضي غالبا الانتقال من الخارج إلى الداخل، ومن بلاغة النظام إلى جماليات الفوضى، ومن ضوابط العقل والمنطق إلى فيوض النفس غير المطمئنة، وهي بعض خصائص الرواية الجديدة. ولذلك فلا غرابة أن فصولا وفقرات طويلة من الرواية ليست إلا ضربا مما يسمى بــ (تيار الوعي) الذي يكشف عن أحاديث النفس ومنولوجاتها الداخلية حين يضيق عليها العالم الخارجي، وحين تذهب مع الشرود والسرحان والتيه عن الواقعي واليومي، فتتفجر خواطرها وتتدفق أفكارها واستيهاماتها دون ضوابط أو حدود.
