أحمد جرادات في كتابه الجديد: “بتلات شائكة”

(ثقافات)

أحمد جرادات في كتابه الجديد: “بتلات شائكة”

الدكتور جورج الفار*

اكتشفتُ للتو أن صديقي ابا ناصر، احمد جرادات، “مخبىء بقشوره”، فيمكن أن يخدعك بتواضعه الجم أو بمظهره الرزين، لكني كنت احسده مرات عديدة على ضحكته الرنانة الخارجة من القلب. لم اعرف أن لديه موهبة للادب الساخر أو أنه قادر على كتابة كوميديا سوداء تضحكك وتبكيك في الوقت نفسه حتى قرأت كتابه الاخير ” بتلات شائكة: نصوص مسرحية وقصصية ومُمسرحة” . ومع تنوع نصوص هذا الكتاب، إلا أن هناك خيطاً يجمعها معاً، أنها قصص من واقعنا الحزين حوَّلها إلى نصوص مسرحية مُلهمة حقاً تجعلك تقهقه من اعماق قلبك وتبكي بملء ما في الدنيا من احزان وشجون.

من الامور الواضحة في هذه النصوص أنها منحازة إلى الشعب وإلى الفقراء والمظلومين منهم ، فهو لا يروي إلا عن اولائك المهمشين الذين ضحك منهم الناس في حياتهم واعتبروهم تسلية وفكاهة المجتمع. جاء احمد جرادا.ت ليسلط الضوء عليهم وكأنه يقول: هؤلاء الظُلاّم هم نحن الذين نحتقر الناس وخاصة الضعفاء منهم والمهمشين، مع أنهم ملح ارضنا وفقراء بلادنا، عليهم أن يسامحونا لما ارتكبنا بحقهم من اهمال ومن دنيئة مع أنهم اصدق واطهر منّا جميعاً .

هذه النصوص المسرحية ليست نصوصاً تقليدية، بل هي نمط جديد في كتابة المسرحية تمزج بين المُعاش والمتخيَّل، بين السياسة والادب من جهة وبين المفارقة والتنوير الادبي المحلي والنزعة الانسانية العالمية من جهة أخرى. يحتفي احمد جرادات بالانسان ، الانسان المهمش والفقير والمظلوم ، ليرفعه فيصبح بطل قصة ساخرة ولكنها تجعلك تلوي رقبتك لتنظر إلى منْ يعيشون حولك وما صنعت يداك في هؤلاء الغلابا.

نجح جرادات في اضحاكنا إلى حد البكاء، ونجح في جعلنا ندرك أن الحياة التي نحياها يتحكم بها ويسيرها طغمة من التافهين والساسة القامعين لحرية الإنسان ولمجتمع يعيش ويتغذى من قمعه ويتحول إلى قامع للمهمشين والفقراء الاضعف منه والذين يعيشون على هامشه.

دعوني اوصيكم بقراءة هذا الكتاب، ففيه متعة وفائدة نجنيها ونظرة انسانية جديدة ننظر من خلالها إلى مجتمعنا، اولاً ومن ثم إلى العالم…”

* أستاذ الفلسفة في الجامعة الأردنية

شاهد أيضاً

رواية “قناع بلون السماء”…ملامح الهوية الفلسطينية بين التحقق والذوبان

(ثقافات) رواية “قناع بلون السماء”…ملامح الهوية الفلسطينية بين التحقق والذوبان  صفاء الحطاب تذهب بنا رواية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *