خُطُواتٌ فوقَ جسدِ الصّحراءِ : مَسرحةُ الْقصيدةِ الْعربيّةِ للأديب وهيب نديم وهبة

(ثقافات)

خُطُواتٌ فوقَ جسدِ الصّحراءِ : مَسرحةُ الْقصيدةِ الْعربيّةِ للأديب وهيب نديم وهبة

الدكتور: محمد خليل

خطوات فوق جسد الصحراء- (1999- الطبعة الأولى والطبعة الثامنة 2021) ويحكي الرحلةَ النبويّة الخالدة، من الجاهليّةِ إلى حِجّةِ الوداع، فيها يتداخل الأدبي بالتاريخي والشعري والمسرحي، بما تحمله في ثناياها من نفحات نورانية إيمانية.

البحرُ والصحراء: (الرباعية الكاملة–لمسرحة القصيدة العربية) يعدُّ كتابُ “البحرُ والصحراءُ” فيما بلغَهُ علمُنا، نَتاجَ تجربةٍ إبداعية رائدة شكلًا ومضمونًا، تنضافُ إلى مجمل إبداعات المؤلف، ونقلة نوعية ليس في مسيرة أديبنا فحسب، بل وفي مشهدِ حركتِنا الأدبية. وأديبُنا، كما يبدو، لم يدخر جهدًا أو وسعًا بُغيةَ أن ينميَ ملكتَه الُّلغويةَ أو مخزونَ ثروته أللفظية والدلالية، وذلك من خلال سعةِ القراءةِ والخبرة الثقافية والتأمل، في مختلف ألوان المعرفة وليس في مجال تخصصه أو هوايته فحسب، فكان مما لا شك فيه، أنَّ ثقافةَ شاعرِنا فنيًا ومعرفيًا هي المؤهلُ الذي مكنه من الإبداع الفني الذي يتجلى في الكثير من إبداعاته المتعددة. وقد انعكس ذلك بوضوح تام في ولوجه طقوسَ “البحر والصحراء” أو إلى حالةِ الصوفي العارفِ في تأملاتِه! فالشعرُ ليس مجردَ بوحٍ وتعبيرٍ فقط إنما كشفٌ وانطلاقٌ ورؤيا! وإننا لنراه يميل إلى التخلص من الصور الفنية التقليدية والمألوفة، إلى صورٍ فنيةٍ مبتكرةٍ تقدِّم المشهد، مع ما فيها من إيحاءاتٍ معبِّرةٍ ومثارِ خواطرَ وتداعي أفكارٍ، تتناغم إلى حد كبير مع المضمون. وهو في ذلك المنحى إنما نراه متأثرًا بالمتصوفة وبجبران تحديدًا. لكن بأسلوبه الخاص به! يقول المرحوم محمد الماغوط في آخر لقاء صحافي معه: أنا شاعرُ الصورة لا الفكرة! وهو ما يلمسُهُ القارئُ في الرباعية.

ويقول ابن منظور: إنما “سمي الشاعر شاعرًا لأنه يشعر بما لا يشعر به غيرُه”! من هنا يُخيَّلُ إلينا بأنَّ مبدعَنا (ربما بفعل المرحلة العمرية التي بلغها) قد سئم العالم الواقعي المألوف، توقًا إلى عالم افتراضي جديد، وهما على طرفي نقيض، على ظهر طائر جناحاه: خيالٌ جامح وعقلٌ متأمِّل، لكي يرى واقعًا آخرَ أكثرَ غنىً واتساعًا، واقعًا يُلهم على التأمل والخيال وروحِ المغامرة في فضاء مغاير، وذلك فرارًا من المعاناة من أحداث هذا العالم، بعد أن ضاق بهما ذرعًا. الأمرُ الذي قد يعني من بين ما يعنيه رحلةَ اللجوءِ أو العودةِ إلى الجذور إلى الإيمان، وكذلك رحلة البحث عن الحرية والانعتاق، عن الحقيقة والمعرفة الروحانية، وحبًا بتغيير الواقع. فالفن الجيد هو الذي يطمح دائمًا إلى التغيير! وإن كنتُ أخشى ما أخشاه عليه وعلينا، من تلكَ الشياطينِ التي تكمن في التفاصيل!

في خضم أجواء العولمة والحداثة وأمواجِ القلق والشك، وشقاء الإنسان بينهما! يضع مبدعُنا، في مركز اهتمامه، محاولةً جادَّة لإعادة الإنسانِ إلى انسانيته، بعد أن ابتعد عنها أو كاد، واستغرق في متاهات التشظي من جشع وشهوة وأنانية ومادية ونفاق، كفعل جبرانِ في روحانيته التي استقاها من كافة الأديان، إذ ينزه نفسه عن الكذب والخداع والتملُّق في الشرق، وعن المادية الطاغية في الغرب! بحثًا عن تجليات الحق والخير والجمال، يقول الدكتور عبد الواحد لؤلؤه في دراسته الرائعة “البحث عن معنى” (بغداد، 1973) “لكي يكونَ العملُ الأدبِيُّ ناجحًا، يجبُ أن يتوافر فيه صدقُ التعبير عن واقع الحياة ودقة التصوير لمشكلات المجتمع”! لكي تصبحَ حياتُنا أسمى وأرقى وأجملَ، وهذا ما فعلَه مبدعُنا في رباعيته الخالدة!

أخيرًا، هنيئًا لنا ولك هذا الإنجاز الإبداعيُ الرائع، مع ما فيه من حرارة التجربة والكشف والتجاوز، فلا نضبَ دمُ يراعِكَ، ولا جفَّ معينُ إبداعِكَ!

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *