خاص- ثقافات
القسم الأول من المطولة – خطوات ” رحلةٌ نبويّةٌ منَ الجاهليّةِ حتّى حجّةِ الوداعِ”
قمرٌ
فوقَ ليلِ الْجزيرةِ / ويداكَ منْ فضّةٍ / وجسمُكَ مِنْ ترابٍ /
وسماؤُكَ مِنْ نحاسٍ / وَعِشْقُكَ منْ سَرابٍ.
ماذا سَتجنِي منْ سرابِ الْقلبِ؟ / ماذا سَيأتي منْ غابرِ الزّمانِ؟
قمرٌ / يرسمُ ظلَّ الّلونِ / يلعبُ في فرشاةِ الضّوْءِ / يرسمُ بحرًا وجزيرةً /
يرسمُ قصرًا في صنعاءَ .. تسْكُنُهُ أميرةٌ .. / وخيالاتٌ بعيدةٌ .. تطلُّ منْ قصرِ غَمَدانَ..
كانَ الْقمرُ يتنزّهُ في بستانِ الْأرضِ / يصْغي إلى أصواتِ أغنياتِ المْاءِ / تموجُ تندفعُ تتدفّقُ في أبراجِ فلكِ الرّغبةِ / ويُدَحْرِجُ نصفَ الضّوْءِ / فوقَ غاباتِ الشّجرِ الْعالي / نِصفُ دوائرِ أشكالِ ألوانٍ لقوسِ قزَح /
تدورُ في نفسِ الْمكانِ / ترسمُ شكلَ الْوطنِ الْقائمِ بينَ الْبحرِ وبينَ الرّملِ.. / ترسمُ خارطةً على شكلِ سكّينٍ / صنعَتْ ذاتَ زمنٍ مسكونٍ بالمْجدِ / إمبراطوريّةً عربيّةً / حَمَلَتِ الْأرضَ على كفِّ السّماءِ /
ويَهْمِسُ الْقمرُ .. ..
حينَ يندسُّ الضّوْءُ في المْاءِ
ويَعْلو المْوجُ إلى الْقمّةِ
ويختلطُ الشّعاعُ بالْياسمينِ
والنّورُ بالْعتمةِ لتحيا الْحياةُ.
قمرٌ / يَرْسمُ وخيالاتٌ بعيدةٌ .. / دَخَلتْ مدائِنَ الرّخامِ والْحريرِ / وأجواءِ الْخيامِ وبراري الْهيامِ.. وبساتينِ الْعطورِ وغاباتِ النّخيلِ / واغتَسَلتْ في ماءِ الْبحرِ / وانتَظرَتِ الْفارسَ الْقادمَ منْ صحراءِ الْجزيرةِ / يغْرزُ سهمًا في هوى الْقلبِ / وسيفًا في الرّمالِ..
نادَتْ عَليه ِ مِنْ علياءِ طاقةِ الْقصرِ
يُقالُ: زرعَ النّورَ عندَ أسوارِ المْدائنِ
يُقالُ: حينَ اكتملَ الْبدرُ
كانَ قمرُ الزّمانِ
وكانَتْ بدرُ الْبدورِ
وكنْتُ في وادٍ .. وكنْتِ في وادٍ / وما بيننا كانَتْ صحراءُ
صحراءُ
امرأةٌ كالرّيحِ مكشوفةُ الْوجهِ / صعدتْ إلى معابدِ الشّمسِ / حتّى احترقتْ في مواقدِ الشّعرِ والْحنينِ /
وانخفضتْ حتّى لامَسَتْ جدائلَ الّليلِ / ومغيبَ الْأفقِ.. / وجسَدَ الْأرضِ.. وخَرَجتِ امرأةٌ / سمراءُ..
تساهرُ النّجمَ حتّى ينامَ في ليلِ الْباديةِ / لمَعَتْ.. برَقَتْ.. سطعَتْ.. / مثلَ لؤلؤةٍ معلّقةٍ فوقَ ليلِ الْيمنِ ..
وغرقَتْ.. / غرقَتْ بالضّياءِ ونجرانُ / تغتَسِلُ بالضَوْءِ / وتسطَعُ في بهاءِ السّماءِ / وتنامُ في بحيرةِ الْفلكِ..
قمرٌ
يا بدرَ الْبدورِ يُغطّي السّماءَ / يَفتَحُ سِفْرَ التّكوينِ وَرَسْمَ التّلوينِ / وخرائطَ أقاليمِ الْهجرةِ منْ مكانٍ ما.. منْ نقطةٍ ما.. / منْ زمنٍ يرسُمُ في كُتُبِ الْخلقِ كلامَ اللهِ / يَجْلِسُ سيّدُ المْكانِ والزّمانِ / ويقرأُ في سفرِ الصّحراءِ /
ثلاثةٌ منَ المْلائكةِ
الأوّلُ: فرَشَ الصّحراءَ
الثّاني: نصَبَ الْخيمةَ
الثّالثُ: عربيٌّ
فرَشَ عباءَةَ السّماءِ خيمةً / وَيَخْطُو مُرتحلًا منَ الْبحرِ الْأحمرِ / إلى المْحيطِ الْهادئ حتّى خليجِ الْعربِ / وشرقًا منْ رأسِ خليجِ الْعقبةِ حتّى الْفراتِ