خطواتٌ فوقَ جسدِ الصّحراءِ (مسرحةُ الْقصيدةِ الْعربيّة)

خاص- ثقافات

*وهيب نديم وهبة

القسم الأول من المطولة – خطوات ” رحلةٌ نبويّةٌ منَ الجاهليّةِ حتّى حجّةِ الوداعِ”

قمرٌ

فوقَ ليلِ الْجزيرةِ /  ويداكَ منْ فضّةٍ / وجسمُكَ مِنْ ترابٍ /
وسماؤُكَ مِنْ نحاسٍ /  وَعِشْقُكَ منْ سَرابٍ.
ماذا سَتجنِي منْ سرابِ الْقلبِ؟ /  ماذا سَيأتي منْ غابرِ الزّمانِ؟

قمرٌ /  يرسمُ ظلَّ الّلونِ /  يلعبُ في فرشاةِ الضّوْءِ / يرسمُ بحرًا وجزيرةً /
يرسمُ قصرًا في صنعاءَ .. تسْكُنُهُ أميرةٌ .. /  وخيالاتٌ بعيدةٌ .. تطلُّ منْ قصرِ غَمَدانَ..

كانَ الْقمرُ يتنزّهُ في بستانِ الْأرضِ /  يصْغي إلى أصواتِ أغنياتِ المْاءِ /  تموجُ تندفعُ تتدفّقُ في أبراجِ فلكِ الرّغبةِ /  ويُدَحْرِجُ نصفَ الضّوْءِ /  فوقَ غاباتِ الشّجرِ الْعالي /  نِصفُ دوائرِ أشكالِ ألوانٍ لقوسِ قزَح /
تدورُ في نفسِ الْمكانِ /  ترسمُ شكلَ الْوطنِ الْقائمِ بينَ الْبحرِ وبينَ الرّملِ.. /  ترسمُ خارطةً على شكلِ سكّينٍ /  صنعَتْ ذاتَ زمنٍ مسكونٍ بالمْجدِ /  إمبراطوريّةً عربيّةً /  حَمَلَتِ الْأرضَ على كفِّ السّماءِ /

ويَهْمِسُ الْقمرُ .. ..
حينَ يندسُّ الضّوْءُ في المْاءِ
ويَعْلو المْوجُ إلى الْقمّةِ
ويختلطُ الشّعاعُ بالْياسمينِ
والنّورُ بالْعتمةِ لتحيا الْحياةُ.

قمرٌ /  يَرْسمُ وخيالاتٌ بعيدةٌ .. /  دَخَلتْ مدائِنَ الرّخامِ والْحريرِ /  وأجواءِ الْخيامِ وبراري الْهيامِ.. وبساتينِ الْعطورِ وغاباتِ النّخيلِ /  واغتَسَلتْ في ماءِ الْبحرِ /  وانتَظرَتِ الْفارسَ الْقادمَ منْ صحراءِ الْجزيرةِ /  يغْرزُ سهمًا في هوى الْقلبِ /  وسيفًا في الرّمالِ..

نادَتْ عَليه ِ مِنْ علياءِ طاقةِ الْقصرِ
يُقالُ: زرعَ النّورَ عندَ أسوارِ المْدائنِ
يُقالُ: حينَ اكتملَ الْبدرُ
كانَ قمرُ الزّمانِ
وكانَتْ بدرُ الْبدورِ
وكنْتُ في وادٍ .. وكنْتِ في وادٍ /  وما بيننا كانَتْ صحراءُ

صحراءُ
امرأةٌ كالرّيحِ مكشوفةُ الْوجهِ /  صعدتْ إلى معابدِ الشّمسِ /  حتّى احترقتْ في مواقدِ الشّعرِ والْحنينِ /
وانخفضتْ حتّى لامَسَتْ جدائلَ الّليلِ /  ومغيبَ الْأفقِ.. /  وجسَدَ الْأرضِ..  وخَرَجتِ امرأةٌ  /  سمراءُ..

تساهرُ النّجمَ حتّى ينامَ في ليلِ الْباديةِ / لمَعَتْ.. برَقَتْ.. سطعَتْ.. / مثلَ لؤلؤةٍ معلّقةٍ فوقَ ليلِ الْيمنِ ..
وغرقَتْ.. /  غرقَتْ بالضّياءِ ونجرانُ /  تغتَسِلُ بالضَوْءِ /  وتسطَعُ في بهاءِ السّماءِ /  وتنامُ في بحيرةِ الْفلكِ..

قمرٌ
يا بدرَ الْبدورِ يُغطّي السّماءَ /  يَفتَحُ سِفْرَ التّكوينِ وَرَسْمَ التّلوينِ /  وخرائطَ أقاليمِ الْهجرةِ منْ مكانٍ ما.. منْ نقطةٍ ما.. /  منْ زمنٍ يرسُمُ في كُتُبِ الْخلقِ كلامَ اللهِ / يَجْلِسُ سيّدُ المْكانِ والزّمانِ /  ويقرأُ في سفرِ الصّحراءِ /
ثلاثةٌ منَ المْلائكةِ
الأوّلُ: فرَشَ الصّحراءَ
الثّاني: نصَبَ الْخيمةَ
الثّالثُ: عربيٌّ
فرَشَ عباءَةَ السّماءِ خيمةً /  وَيَخْطُو مُرتحلًا منَ الْبحرِ الْأحمرِ / إلى المْحيطِ الْهادئ حتّى خليجِ الْعربِ /  وشرقًا منْ رأسِ خليجِ الْعقبةِ حتّى الْفراتِ

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *