(ثقافات)
الشِّعْرُ مِنْ فَمِي إِلَيْهَا يُغَادِرُ
رشوان حسن
الشِّعْرُ مِنْ فَمِي إِلَيْهَا يُغَادِرُ
فَلَيْتَ مَا بَيْنَنَا بِالحُبِّ عَامِرُ
فَلاَ ذَكَرْتُ مَحْجُوبَةَ الدَّارِ وَلَا
قُلْتُ شِعْرًا وَقِيْلَ هَذَا شَاعِرُ
أَمِنْ حُبِّهَا القَدِيمِ أَمْ ذِكْرَاهَا
أَمْ لِقَاهَا حَنَّتْ إِلَيْهَا المَشَاعِرُ
مَتَى حَنَّتْ مَشَاعِرِي تَذَكَّرْتُهَا
مُلِئَتْ بِهَا مِنْ تَذَكُّرِي الدَّفَاتِرُ
أَهِيمُ لِلِقَاهَا فَتَحْجِبُ نَفْسَهَا
ظُلْمًا فَالهُيَامُ سُلْطَانٌ جَائِرُ
ظَلَلتُ فِي هُيَامِي عُمْرًا أُمَنِّي
العُمْرَ القَادِمَ بِلَعَلَّ الحُبَّ عَابِرُ
مَنَّيتُ النَّفْسَ بِالمُسْتَحِيلِ فَمَا
كُنْتُ أُدْرِكُ أَنَّ الحُبَّ حَاضِرُ
مَرَضٌ عَافَاكَ المَعْبُودُ مُلَازِمٌ
مِنَ الأَطِبَّةِ لَمْ تُصْنَعْ لَهُ عَقَائِرُ
وَجُرْحٌ لَأَدْمَاهُ قَوْلُ العَوَاذِلِ
أَمَمْنُونٌ لَوْلَا أَنَّ التَّكَتُّمَ سَاتِرُ
تَغَمَّدَ الحُبُّ عَنْ عَيْنِ العُذَّلِ
وَلَكِنَّ الحُبَّ لِلنَّفْسِ ظَاهِرُ
صَابَتْ مَحْبُوبَةً وَعَاذِلَ حِيرَةٌ
فَالقَلْبُ بِاللَّامُبَالَاةِ مُتَظَاهِرُ
أَشْكَيْتُنِي هَمِّي فَنَفْسِي مِنْ
مَحْبُوبَةٍ لَمْ يُجْبَرْ لَهَا خَاطِرُ
فَأَرَانِي أُرَاعِي خَوَاطِرِي لِي
فَمَا جَبَرَ الخَوَاطِرَ لِي جَابِرُ
آسَفَتْنِي نَفْسِي حِيْنَ ذَكَرْتُهَا
فَلَمْ يَقُمْ بِالقُرَى لِحُبِّهِ ذَاكِرُ
فَلَا أَدْرِي أَأَلْتَمِسُ لِقَصَائِدِهَا
عُذْرًا حِينَ يَقُومُ لَهُنَّ عَاذِرُ
فَعِنْدَ تَذَكُّرِهَا تُحِيطُ بِالفِكْرِ
ذِكْرَيَاتٌ تُسَاقُ إِلَيهِنَّ مَعَاذِرُ
كَانَ مَسْتُورًا هُيَامِي بِغِمْدِهِ
لَمْ يُلْقِي عَلَيْهِ العَذْلَ مُعَاصِرُ
فَلَمَّا خُلِعَ عَنْهُ ثَوْبُ التَّغَمُّدِ
رَمَتْ عَلَيْهِ أَبْصَارَهَا النَّوَاظِرُ
يُلَامُ فِي حُبِّ زَهْرَة فُؤَادٌ
حَمَلَ اللَّوْمَ وَزَهْرَة آذَار تُكَابِرُ
مُحْتَارٌ أَنَا مَا بَيْنَ أَمْرَينِ فَلِي
فُؤَادٌ مَلْهُوفٌ وَعَقْلٌ يُصَابِرُ
يُشْقِي العَقْلَ قَرِيبٌ غَادِرٌ
وَيُعَذِّبُ القَلْبَ حُبٌّ مُجَاوِرُ
لَمَحْتُهَا لَدَى بَيْتِ اللهِ ذَاهِبَةً
وَقَلْبِي أَيْنَمَا ذَهَبَتْ يُسَافِرُ
قَضَيْتُ لِرُؤْيَتِهَا الَّيْلَ سَاهِرًا
يَأخُذنِي مِنْ لَيْلِهَا أَوَّلٌ وآخِرُ
كَأنِي وَعَدْتُ مَحْجُوبَةً وَعْدًا
إِذَا لَمَحْتُهَا فَإِنَّ طَرْفِيَ سَاهِرُ
وَلَمْ أُمَنِّي يَوْمًا النَّفْسَ بِهَا وَلَا
خَلَوْتُ بِطَيْفِهَا فَالحُبُّ طَاهِرُ
سَطَّرْتُ الَّذِي بِي وَلَمْ أَكْتَرِث
بَعْدَ اليَوْمِ لَنْ تُخْفَى السَّرَائِرُ
تُكَبَّرُ فِي عَيْنِ العُشَّاقِ الأَمَانِي
وَتُصَغَّرُ فِي أَعْيُنِهِمْ المَخَاطِرُ
لَا تَسْألَانِي قَدْ عَرَفْتُ مَا بِكُمَا
تَقُولَانِ لَوْ غَمَّدْتَ أَفَأنْتَ خَاسِرُ
سَيُجِيبُ حَتْمًا يَا سَائِلَيَّ عَنْ
أَمْرِهَا الَّذِي بِقَصَائِدِهَا يُسَامِرُ
فَحُبِّي إِلَيْهَا مَا دُمْنَا وَإِلَى أَنْ
تَتَشَقَّق عَنْ كُلِّ العُشَّاقِ المَقَابِرُ