لظى التَّشريد

(ثقافات)

 

لظى التَّشريد
الشاعرة الزهراء صعيدي/سوريا

 

ماذا جَنيتَ على عمرٍ منَ التَّعَبِ
سوى المرارةِ في دنيا منَ العَجَبِ؟

ماذا جَنيتَ لتَفنى فيكَ أمنيةٌ
أُهرِقتَ من أجلها صبرًا ولم تَؤُبِ؟

جُوزيتَ يا قلبُ عن كلِّ القلوبِ أسًى
واختصَّكَ الحزنُ يا أيقونةَ الكَرَبِ

وترقُبُ الحبَّ يأتي من مشارقِهِ
ماذا وقد صارَ غربًا غيرَ مُرتقَبِ؟

وكلَّما سطعَت للوصلِ بارقةٌ
تُسَدُّ نافذةُ الآمالِ بالرِّيَبِ

تغتالُ وحدتَكَ الصَّماءَ أخيِلةٌ
من كلِّ زاويةٍ تأتيكَ بالصّخبِ

كم حاولَ الصِّمتُ إخمادَ الأنينِ إلى
أن مزّقَ الصَّمتَ،واستُنفِدتَ في الوصَبِ

أما لنائبةٍ إلَّاكَ مُتَّجَها؟
كأنّما يُتَّمٌ قد أَعثرُوا بأبِ

تهوي عليكَ سهامُ العادياتِ ولم
تُشفقْ عليكَ وقد سُوّمنَ باللَّهَبِ

أحالَتِ العمرَ قفرًا والسُّنونَ بدَت
فيها الفصولُ أسىً مغرورقَ السُّحُبِ

واليومَ تأسرُكَ الأحزانُ طاويةً
جمرَ الهزائمِ في دهرٍ منَ النَّصَبِ

يكفيكَ ما أرّقَ الأجفانَ من مِحَنٍ
لتكتبَ الوجعَ الممزوجَ بالعتَبِ

يا صرخةً في لظى التَّشريدِ تسمعُها
معَ القصيدِ همَت من عينِ مُنتَحِبِ

يا صرخةً غافلَت أنكالَها ومضَت
تحرّرُ الآهَ من أنقاضِ مُكتَئِبِ

هل يشتفي كبدٌ لم يتّخذ وطنًا
إلّا وألقَوهُ في النِّيرانِ كالحَصَبِ

يهادِنُ الجرحُ أعوامًا وتفتُقُهُ
ذكرى ليومٍ بهِ الأفراحُ لم تغِبِ

بي شوقُ آذارَ للأوطانِ يحضنُها
وما إلى غدهِ المأمولِ من سببِ

فيُشرِقَ الضَّوءُ في أحداقِ منكدرِ
وتنتهي وَحشةٌ في سِجنِهِ الخَرِبِ

لولا اليقينُ بأنّ الجدبَ يعقبُهُ
خصبٌ لما عُلِّقَ المَيمونُ بالحُجُبِ

وأنّ للصّبر قيدَ الحادثاتِ رؤىً
تبثُّ إيمانَها في اليائسينَ وبي

ما كان للذَّودِ عن فجرِ المنى أملٌ
كالقابضينَ على جمرٍ مدى النُّوَبِ

هل تنتهي في بزوغِ النُّورِ كُربتُنا
ويُزهرُ الحلمُ في أعماقِ مغتَربِ؟

حتّامَ نحصدُ في الأيَّامِ خَيبتَنا
وما بجعبتنا صبرٌ على الغَلَبِ؟

مَن كانَ مثليَ في حزنٍ رأى حزَنًا
من حولهِ والسَّما تبكيهِ في الغُيُبِ

أبصرتُ بالشّمسِ دمعًا كلّما غربَت
يذوبُ في الشّفقِ المحزونِ كالذّهبٍ

وما توارى بسترِ اللَّيلِ يحجبُهُ
وإنَّما هوَ فيهِ بارقُ الشُّهبِ

كأنّني الشّمسُ تعطي دونما طلبٍ
أو واهبُ الشِّعرِ في تغريبةِ الأدَبِ

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *