حوار مع الشاعر العراقي د. عصام البرّام

(ثقافات)

حوار مع الشاعر  العراقي د. عصام البرّام

– الأدب العربي بخير رغم كل التحديات التي نعيشها اليوم.
-الثقافة العراقية تزخر بمساحة واسعة من الكتاب الذين بدأوا في بسط نتاجهم على مساحات واسعة بحكم التطور الاتصالي الحديث ومنصات التواصل الاجتماعي.

حاوره: محمود حسين عامر

 

الشاعر العراقي الدكتور عصام البرام ن هو شاعر عراقي من طراز خاص ، فهو إضافة إلى كونه شاعر وأديب وكاتب وأكاديمي ، فهو دبلوماسي عراقي يعمل في السلك الدبلوماسي العراقي منذ أكثر من عقدين من الزمن، تنقل بين العمل بديوان وزارة الخارجية العراقية والتنقلات في البعثات أي السفارات العراقية المنتشرة في العالم، عمل قنصلا لسفارة جمهورية العراق في دولة كينيا / نيروبي كما عمل في دول آسيوية واوربية، فضلاً عن عمله حيث يشغل منصب قنصلا في سفارة جمهورية العراق بالقاهرة من 2007 حتى 2011 ثم انتقل للعمل وزيراً مفوض في جامعة الدول العربية
صدرت له العديد من الدوواين الشعرية قاربت عشرة دوايين بالاضافة الى الكتب السياسة في الشأن العربي والصراع بمنطقة الخليج العربي ، كما له العديد من المقالات الادبية التي نشرت في صحف مصرية وعراقية وعربية وله مشاركات اكاديمية ودبلوماسية بتقديم البحوث السياسية إضافة إلى البحوث الادبية، أعتبره النقاد في مصر من جيل الثمانينات وجدد بقصيدة الهايكو اليابانية إلى جنس أدبي جديد مغاير أسماه بالهايكو العربي، يختلف تماماً في الشكل والإيقاع وعدد الأبيات والغرض الشعري المتنوع ، الذي امتازت به قصيدة الهايكو اليابانية التي تقوم بوصفها للربيع والطبيعة، حيث عمل سجالاً أدبيا في الوسط الثقافي المصري بين الكتاب والشعراء، ومنح جائزة أفضل شاعر عربي لعام 2016.
س/ الشاعر والدبلوماسي الدكتور عصام البرام في البدء كما تعودنا وددنا ان تحدثنا وتعرفنا عن أبرز المحطات الحياتية العلمية والأدبية عبر مسيرتك الشعرية وفي العمل الاكاديمي والدبلوماسي ؟
– كانت البداية الأولى من العراق البلد الذي يعشق القراءة والكتابة منذ فجر التاريخ، وشعبه الذي يمتاز بالذكاء والقوة والكرم، كنت طالبا في المرحلة الاعدادية عندما وجدني أستاذي المرحوم الاديب محمود الريفي أستاذ اللغة العربية أن هنالك نفسا شعريا يعيش في مخيلتي بحاجة لمن يطلق العنان له، وفعلا طلب مني ان اكتب نصا وقدمته له ثم عدل عليه بعض الرتوش ان صح التعبير بغية المشاركة في احدى الفعاليات الادبية والوطنية في الثانوية التي أدرس فيها، ثم انتقلت للمشاركات فيما بعد في المهرجانات المدرسية لمحافظة بغداد، واعقبتها فيما بعد للانطلاق في المشاركات الشعرية في الاوساط الثقافية التي تتوزع على معظم مناطق ومدن العراق.
أما فيما يخص بداية حياتي العلمية فكانت بالعراق الدراسات الاعلامية، كلية الاعلام ومن ثم الدراسات التاريخية وحصلت على التخصص الاكاديمي بالتاريخ السياسي حيث كنت استاذ محاضر اعطيت دروسا لمادة تاريخ الحضارة والفكر السياسي في جامعتي بغداد والمستنصرية، وعند انتقالي للعمل في السلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية العراقية انتقلت للعمل في البعثات أو السفارات العراقية في عدد من دول العالم ، وكانت فرصة مناسبة خلال عملي بالقاهرة عندما كنت قنصل سفارة جمهورية العراق أن اكمل الدراسة الاكاديمية التخصصية الثانية في مجال الإعلام ، وكان لوجودي فيها فرصة للتواصل مع الشعراء والكتاب المصريين والعرب والاعلاميين، والمشاركة في الفعاليات الادبية والمؤتمرات والمهرجات الشعرية، فضلا عن مزاولة عملي السياسي والدبلوماسي فيها.
في القاهرة طبعت ديواني تراتيل مؤجلة بطبعتين أولى وثانية، ثم اصدرت ديواني الثاني الذي تميز بأسلوب شعري مجدد حيث غيرت في هيكل قصيدة الهايكو اليابانية بإنجاز ديوان أسميته (حرير الكلمات تجربة في الهايكو العربي) وهو نص شعري مغاير تماما للهايكو الياباني بكل تفاصيل الشكل والإيقاع للنص وأسلوب البناء لجسد القصيدة وتعدد أغراضها. ونوقش في منتديات ثقافية وصالون دار الاوبرا، أما بقية دووايني الأخرى السابقة فمنها طبعت في العراق وبيروت ودمشق.
ثم منحت العضوية في اتحاد كتاب مصر، واتيليه القاهرة للكتاب والفنانين، كما منحت تكريماً قلادة الإبداع من اتحاد المؤرخين العرب اضافة لمنحي من إحدى المؤسسات الدولية شهادة الدكتوراه الفخرية.
صدرت لي ثلاثة كتب في المجال السياسي، تناولت في الكتاب الأول التطورات السايسية بمنطقة الخليج العربي والكتاب الثاني عن ( تطور الأحداث السياسية بعد ثورة 14 تموز/ يوليو بالعراق ) أما الكتاب الثالث كان عن ( دور الإعلام العربي و الجيل الرابع ) والآن بصدد اكتمال ديوان شعري جديد معد للطباعة إن شاء الله لم أحدد له اسماً الى الآن فمشكلتي دائما صعوبتها تكمن باختيار العنوان للنص أو أي كتاب كان أدبيا او أكاديميا.
الديوان يأخذ الطابع السياسي الذي يرصد عالمنا المشحون بالازمات والتحديات والمظاهرات منذ ما يسمى بالربيع العربي والى الان وما تسعى اليه الجهات المعادية للعرب ولشعوبها من اضطهاد وتهجير وفساد ودمار لم يسبق له مثيل من قبل .

س/ كونك أديب وشاعر كيف ترى الادب العربي اليوم مقارنة بإيجاز بين الماضي والحاضر؟
– لاشك أن التطور السريع الذي صاحب عالمنا الاتصالي عبر المنصات الاتصالية المتعددة والمتنوعة وكثرة المواقع الادبية والصحف العربية المتوزعة بين الادب الفنون والساياسة، اعطت فسحة كبيرة وواسعة للنشر و الكم الهائل من الكتاب أو الشعراء او القصاصين…إلخ دون شروط أو رقابة على كل ما ينشر، ودون الأخذ بنظر الاعتبار عن القيمة الادبية والفنية والعلمية لما ينشر، ولكن لا يعني أن كل ما ينشر خاوي من القيمة الفنية أو الابداعية، لاشك هنالك أقلام ودوواين شعرية وكتاب من الشباب أستطاعوا أن يفرضوا وجودهم الابداعي على الساحة الثقافية ولقد حضرت أمسيات ومسابقات عديدة شعرت ان هنالك أملاً بجيل قادر على نضج الابداع وتقديم الجديد، وبنفس الوقت هنالك أسفاف وكلام يقترب الى المباشرة التعبيرية في النصوص وضعف التجربة الانسانية و الابداعية، إلا إن الانفتاح الكبير في عالم الاتصال ومنصات التواصل وتأسيس اتحادات إعلامية و منتديات ثقافية، أدى الى فقدان السيطرة والمتابعة والمراقبة لما ينشر من نتاج أدبي، وهناك كتابات تجدها تخرج عن الذوق العام واخلاقية الاديب أو المبدع.
نعم، ازدادت المطابع ودور النشر في عالمنا العربي وانتشار المكتبات فضلا عن انعقاد معارض الكتاب في معظم دولنا العربية وهي ظارهة حضارية تبشر بالخير ودليل عافية للانسان العربي وتحريضه على القراءة خاصة الاطفال، والحقيقة انا متفائل بطبعي وارى ان المستقبل لابد ان يفرز لنا قامات ادبية كبيرة إن كان في الشعر أو الرواية او أي مجال إبداعي آخر، فلو تابعت برنامج شاعر المليون لوجدنا الكثير من الطاقات الشبابية التي تألقت بقصائدها الرائعة، ناهيك عن فوز العديد من المبدعين العرب في جائزة البوكر للرواية، ولكن يبقى السعي الحثيث كي نصل الى اكثر مما قدمه جيلنا السابق من كبار الكتاب والشعراء في مصر والعراق وسوريا والمغرب العربي وكل وطننا العربي الكبير من الخليج الى المحيط.
فالأدب العربي بخير رغم كل التحديات التي نعيشها اليوم، وأعتقد إن مثل هكذا أزمات وظروف الحياة المعقدة يخرج من رحمها الكثير، وتصنع أو تفرز لنا ادباء مبدعون ومحترفون ليعبروا عن الواقع الراهن باسلوب حداثي وابتكارات باللغة والتعبير والاسلوب والخيال.

س/ ما دور الحياة العراقية او الواقع العراقي من تأثير على كتاباتك في الداخل او الخارج؟

– أنت تعلم إن ما عاشه العراق والعراقيون طوال العقود الماضية، الكثير من الحروب والازمات والحصار الاقتصادي الطويل والخروقات الارهابية بعد الغزو الامريكي ، وما تخلل ذلك من فساد إداري في مرافق الدولة .. كل ذلك وبلا شك كان له أنعكاس طبيعي لكل مبدع خلال تلك الفترة وما لحقها فيما بعد، فالمسؤولية الوطنية وحتى القومية تحتم على الكاتب والشاعر والفنان إن كان رساماً أو موسيقياً أو غناء، عليه ان يقدم شيء يرتقي بالظروف التي تحيط بوطنه وشعبه، فالمبدع تبقى روحه مرآة عاكسة لكل النجاحات أو الانتصارات او حتى الاحباطات والانتكاسات وغيرها من العوامل الايجابية والسلبية التي تشكلها العواطف الانسانية عند البشر، فهو سجل لأحداث الامة، فما بالك بالمبدع وهو يعيش في خضم أزمات من الحروب المتكررة أو الغزوات الخارجية التي تنال من تراب وطنك، ففي مطلع الثمانينات من القرن الماضي صدر لي ديوان ( للوطن حب آخر ) ثم صدر بعده ( حناء على أبواب الفاو ) فضلاً عن صدور الدوواين الاخرى، كان كل ديوان له تجربته ويعاصر المرحلة التي عشتها، وتبقى القصيدة نبضاً قائم تأن مع أنين العراق، ويبقى العراق قوياً لا تهزه الظروف العابرة وأن طال بها الزمن، فالعراق يبقى أسداً بابلياً، وارض الانبياء والأولياء والصحابة والفقه والعلوم، العراق بلد النبي إبراهيم أبو الدنيا، وابو الخيرات، بلد الفراهيدي وسيدنا علي والحسين وأبي حنيفة النعمان والعديد من أهل بيت النبوة، والشعراء الكبار المتنبي والجواهيري والسياب ونازك الملائكة والكثير الكثير.
كما نشرت عدد من النصوص في الصحف العراقية والعربية وبعض المقالات، خاصة بعد التطور الحاصل في الثورة الاتصالية والتكنولوجيا الحديثة، ولا أخفيك كنا نشارك في الندوات والمهرجانات الادبية التي تعلن عنها مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والشبابية، هذا في الداخل.
أما في الخارج، وبعد عملي في السلك الدبلوماسي وتنقلي بين عدد من دول العالم كانت لكتاباتي لها مسار آخر، بحكم نضج التجربة الابداعية والاطلاع على تجارب أدبية واسعة اعطت لقصيدتي تحولاً في الاسلوب والايقاع والغرض الشعري، ففي القاهرة صدر لي ديوان تراتيل مؤجلة طبعة اولى وثانية أحتفى به أتيليه القاهرة للثقافة والفنون، كما أحتفى به اتحاد الكتاب في دول عربية، ثم صدر لي ديوان ( حرير الكلمات.. تجربة في الهايكو العربي ) وهذه المجموعة الاخيرة هي تجربة مخالفة لقصيدة الهايكو اليابانية في الايقاع والتشكيل وعدد الابيات والغرض الشعري، وصدر عام 2015 وفي السنة التالية عام 2016 كان هنالك سجال أدبي في الاوساط الثقافية ومناقشة المجموعة ومدى ارتباطها بقصيدة الهايكو اليابانية في صالون دار الاوبرا المصرية، ومنحت كأفضل مثقف عربي لذلك العام من جهة أدبية اخرى، واليوم لي مشروع هو قرآءاتي لنصوص الآخرين من الشعراء أو الروايات العالمية، حيث بدأت بكتابة عدد من المقالات عن روايات لكبار الكتاب العالميين وخاصة منهم الحاصلين على جائزة نوبل للآداب، قرآتي هذه قائمة على مراجعة ( إن صح التعبير ) لما وراء النص الروائي لهؤلاء الكتاب، واسعى الى تفكيك النص وثيمة النص خاصة تلك الروايات التي لا تزال لها طابعها الخاص والمعاصر، أي هنالك تناص مع نص الرواية القديم وما يحدث اليوم في عالمنا المعاصر من أزمات تكاد تشابه ماحصل بالماضي، أو كما يقال التاريخ يعيد نفسه.

س/ ما رأيك اليوم في الحركة الادبية العراقية ؟ وماهو تأثيرها في الوسط الثقافي العربي؟

– شكلت الثقافة العراقية والكتاب العراقي قصة وشعر ودراسات بحوث وكتب سيرة وتاريخ أنعطافة مهمة في تاريخ لحركة الثقافية العراقية والعربية، رغم كل ما عاصر وعاش العراق وما تعرض من ويلات وحروب وحصار وتدخلات خالارجية عديدة، شاركت في تدميره أو لنقل المحاولة لاسقاطه وتدميره .. ولكن العراق كما يقول سيدنا عمر بن الخطاب ( جمجمة العرب) العراقيون شعب قوي ويحب الحياة والانطلاق والتجديد، فالفرد فيه يمتلك من الطاقات الفكرية والذكاء وحب القراءة فضلا على امتلاء العراق القدرات المادية والطبيعية والزراعة التي يمنحه القوة في احلك الظروف.
والمثقف العراقي للاسف لم يجد ضالته بين اخوانه العرب، أو لنقل لم يجد من يسمح لنشر او تسويق النتاج العراقي شعرا او قصة او أي كتاب آخر في مجال التاريخ والمذكرات لشخصياته الساياسة والادبية والفنية وغيرهم الكثير من مبدعي ومؤرخي العراق وكتابه الكبار، لذا تجد الكثير من عالمنا العربي لا يعرف عنهم الا القيل .
واليوم تزخر الثقافة العراقية بمساحة واسعة من الكتاب الذين بدأو في بسط نتاجهم على مساحات واسعة بحكم التطور الاتصالي الحديث ومنصات التواصل لاجتماعي وتعدد دور النشر المنتشرة في ارجاء العراق من شماله الى جنوبه، ولقد أبرزت الساحة الثقافية اليوم بشعراء وكتاب قصة من الطراز الاول وأفلح الكثير منهم بالحصول على الجوائز الادبية والفنية في المحافل العربية والدولية، حتى في مجال الفن التشكيلي والنحت والسينما التسجيلية للافلام القصيرة

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *