جمال الجلاصي: الترجمة فعل حبّ أقوم به لتهريب أرواح البعيدين إلى حضارتي ولغتي

جمال الجلاصي:  الترجمة فعل حبّ أقوم به لتهريب أرواح البعيدين إلى حضارتي ولغتي

* حاوره: أبو جرير

نعم.. أكتب فقط من أجل تغيير العالم!

لم أكتب قطُّ من أجل كسب الأموال أو الشّهرة أو استمالة قلب فتاة، أكتب من أجل استمالة قلب هذا الكون… لو لم يكن هناك معنى أريد اقتلاعه من قلب الكينونة عن طريق هذه الكتابة لكان من الممكن أن أكون سعيدا دون كتابة…

تبدو هذه الكلمات كبيرة ومغلفة بإتقان يبعث على الرهبة أو السّخرية، لكنها صادقة وحقيقية! أكتب إنصافا للكتابة ذاتها بوصفها خزّان التاريخ وحافظة ذكريات هذا الكون…

وهي ـالكتابةـ التي أوقفت التتالي العبثي للحياة كبقاء لا يراكم معانيه… وسمحت للإنسان بالنظر إلى أعماق نفسه التي بدأت تصنع الحضارة وأعماق هذا العالم الذي هو مسرح الإنسان…

هناك أناس كثيرون، بل أغلبية الناس يولدون، يفرحون ويحزنون، يحبون ويكرهون، يتزوجون وينجبون أولادا دون أن يفكروا في الكتابة ولا في المعاني المجرّدة، ولا يهمهم جوهر الإنسان وحقيقة الكون… ولكنّي أعلم أيضا أن الذي يصنع التاريخ، والذي يخرج هذه الحياة من برودها وحيادها هو الذي يمسك القلم سواء ليكتب قصة حب أو معادلة رياضية أو رسما هندسيا لمعبد أو مدرسة…

اخترت هذه الكلمات التي تعبّر عمّن أحاوره كي تكون مقدمة الحوار الذي أجريته مع الشاعر والروائي والمترجم الكبير جمال الجلاصي.

أحيانا، أجدني أسأل نفسي من أين اكتسب كل هذه التجارب المتنوعة. من أين له هذا العمق والحفر والنبش في تجارب كونية وخاصة اهتمامه بإبداع زنوج افريقيا.

جمال الجلاصي طائر عملاق في كلّ كتاب وفي كل الأفق وفي كل الفصول وفي كل خلق. هو فقط طفل يمشي على حقل المعرفة والحبر وسيلته لتغيير عواطف سكان العالم.

التقت به «الشعب» فكان هذا الحوار:

* بداية لهذا الحوار، ما فاتحة النص الذي ورطك في عالم الكتابة؟ أخبرنا قليلا عن البدايات؟

– كنت في الخامسة عشرة، وكنت حارسَ مرمى في الفريق المحلّي وأعتقد أني لو ثابرت على التمارين منذ أن بدأت اللعب لتمكنت من اللعب في أحد الفرق الكبرى، وكنت عضوا في فرقة رقص عصريّ في دار الشّباب. لكنّ الكتابة اختطفتني. أصبحت أتغيّب عن التمارين لأبقى في الغرفة الشّاسعة التي خصّتني بها العائلة لأنّي الذّكر الوحيد أطالع الكتب التي أستعيرها من المكتبة العمومية أو من الأصدقاء أو من بعض الأساتذة. لم أستطع نسيان «الأيام» ذلك الكتاب الذي فتح أمامي آفاقا واسعة وآمالا رهيبة. إن هذا الصبي الأعمى القاطن في إحدى قرى الريف المصري لم يخرجه من الهامشية والالتحاق بملايين الأطفال الذين يقضي عليهم الفقر والعاهة سوى القراءة. إن ما ميز هذا الصبي عن إخوته هو ولوعه بالقراءة وتفتح خياله ورغبته في تغيير واقعه ونمط عيشه… أذكر جيدا تحليقه بعيدا عن الجميع بواسطة «خاتم سليمان» الذي سيجده في «الترعة»… وكان أن وجد خاتم سليمان فعلا وخرج له الجنّيّ فعلا…

هل وعيت عندها وأنا في الخامسة عشرة أن الجن كامن في القراءة. في تلك الكتب التي كنت أنفر منها إلى ذلك الحين! أو لم تكن تعني لي أكثر من أداء واجب للنجاح في الدراسة. هل وعيت عندها أن القراءة المكثفة هي التي ستجعلني قمقما أخرج المارد من داخلي وآمره أن يغير وضعي فيفعل صاغرا؟ هل وعيت بعدها أن المارد الذي سأعتصره من داخلي قادر على تغيير ليس واقعي البسيط السّاذَج فحسب، بل تغيير كل الأوضاع البسيطة والسّاذَجة في هذا الكون؟

* ما الذي يجمع مشروعك الروائي الذي بدأت تخطّه من خلال اهتمامك بالمناضلين واختياراتك في الترجمة؟

– روايتي الأولى «الأوراق المالحة» هي رواية جيل التسعينات في تونس، رواية تقدم ذاتها ذاكرةً جمعية لجيل من الأدباء يرون أنفسهم ورثة ما وصلت إليه الإنسانية من ثراء إبداعي وثقافي، وأن دورهم قد حان للمساهمة في هذا الجهد الإنساني بمزيد تثوير المشهد الإبداعي وجعله أكثر إنسانية.

ثم بدأت أفكر في كتابة رواية التخييل السيري التي تُعنى برموز وطنية أثْرَت تاريخ تونس الحديث والمعاصر بمواقفها ونضالاتها.

بدأتُ بسيرة علي بن غذاهم الثائر التونسي الذي قاد انتفاضة سلمية عام 1864 احتجاجا على مضاعفة الضريبة ولقب «باي العربان»، وقد نجح في تحقيق أهداف انتفاضته، وأثنى الباي على قراره.

ما يهمني في هذه الشخصية هو ما تمثله من مبادئ وقيم دافع عنها، وكذلك النسيج المجتمعي الذي أنبتها. ومن خلاله نعبر القرن الـ19 بما فيه من إصلاحات وانتكاسات ودور جامع الزيتونة في نشر العلم والمعرفة والأدب.

* لديك رغبة عارمة في الكتابة توضحه غزارة إنتاجك. ماذا عن طقوسك الكتابية؟

– أنا أكتب، هذا فقط ما أعرفه، ليس لديّ أيّ طقوس خاصّة ولا أحتاج سوى وسائل الكتابة: قلم وورقة، أو حاسوبي التي تعوّدت الكتابة عليه منذ منتصف التّسعينات. أحبّ الكتابة في مقهى النّورس على شاطئ قليبية مدينتي. لكنّ تغيّر الأمكنة واللّيل والنّهار لا يؤثّر فيّ كثيراً. انتقلت بين مدن كثيرة بحكم مهنتي أستاذًا، لكن ذلك كان قادحاً آخر للكتابة، فلكلّ مدينة أجواؤها وعوالمها التي تثري أرواحنا وتهدينا مواضيع وطاقات أخرى للكتابة، أكتب في مقهى شعبيّ وسط ضجيج لاعبي الورق، كما أكتب في مكتبي، أحيانا في الحافلة، أو القطار. الكتابة عندي ليست ترفاً، كي أشترط مكتباً فخماً أو نوعاً معيّنا من الورق، إنها ضرورة حياة.

* تقول «الشعر غابة وليس حديقة، غابة فيها آلاف الأشجار وشجيرات صغيرة وأعشاب ونباتات، ولا تنفي عظمة شجرة جمال شُجيْرة أو عشبة». ما وظيفة الشاعر اليوم؟

– بالفعل صديقي، الشّعر غابة. والغابة تحتضن التنوّع والاختلاف بل وتفخر به وتزدهي. التّشابه للعدم والتنوّع هو سمة الحياة. ولهذا أحبّ الشعر العمودي كما أحبّ قصيدة النّثر والتفعيلة، المهمّ أن يثير أحاسيسنا ويؤكّد إنسانيّتنا، وهذه وظيفة الشعر الحقيقيّة في رأيي. إيقاظ ما نام من إنسانيّتنا ووضع الأصبع على عوائق اكتمالنا أو بحثنا عن حسن البقاء. الكتابة محرار خروج الإنسان من مملكة الطبيعة الوحشيّة التي غادرها منذ زمن غير بعيد، وهو الحارس لقيم الإنسان الكبرى (العدالة والخير والجمال…) التي اكتسبها عبر الزّمن ودعّمها الفلاسفة والأنبياء والحكماء.

* أنت شاعر وقاصّ وروائيّ ومترجم، أي الأجناس التعبيرية الأكثر قربا من عوالمك؟

– الترجمة فعل حبّ أقوم به لتهريب أرواح إخوتي وأخواتي البعيدين إلى حضارتي ولغتي، وهي جناح إضافيّ يهديه المترجم إلى النّصّ ليحلّق أعلى، وقد ظلّ المترجمون خيول التّنوير وسفراء النّوايا الحسنة المبشّرين باللّغة الكونيّة الكامنة في كلّ نص إبداعي صميم. الشّعر والقصّة القصيرة والرّواية هي وسائل للتّعبير عمّا يخالجني من مشاعر وعمّا أحمل من قناعات ومعتقدات. لعلّ ما يدفعني إلى الكتابة دفعا هو الرغبة في تغيير العالم.

نعم! أكتب فقط من أجل تغيير العالم! لم أكتب قطُّ من أجل كسب الأموال ولا من أجل استمالة قلب فتاة، إني أكتب من أجل استمالة قلب هذا الكون… لو لم يكن هناك معنى أريد اقتلاعه من قلب الكينونة عن طريق هذه الكتابة لكان من الممكن حينئذ أن أكون سعيدا دون كتابة…

هذه الكلمات تبدو كبيرة ومغلفة بإتقان يبعث على الرهبة ولكنها صادقة وحقيقية! أنا أكتب إنصافا للكتابة ذاتها بوصفها خزّان التاريخ وحافظة ذكريات هذا الكون… وهي -الكتابة- التي أوقفت التتالي العبثي للحياة كبقاء لا يراكم معانيه… لا أتذكر من قال إن الكتابة سمحت للإنسان بالنظر إلى أعماق ذاته التي بدأت تصنع الحضارة وأعماق هذا العالم الذي هو مسرح الإنسان.

* روايتك الأولى «الأوراق المالحة» هي رواية جيل التسعينات في تونس، رواية تقدم ذاتها ذاكرةً جمعية لجيل من الأدباء يرون أنفسهم ورثة ما وصلت إليه الإنسانية من ثراء إبداعي وثقافي، وأن دورهم قد حان للمساهمة في هذا الجهد الإنساني بتثوير المشهد الإبداعي وجعله أكثر إنسانية. كيف ترى هذا الجيل اليوم، هل لحقه حيف نقدي، وعدم تقدير كافٍ من الأدباء الشباب؟

– الآن بعد ستّ عشرة سنة من صدور «الأوراق المالحة» يمكن أن أطلق عليها رواية الفرص الضّائعة والأحلام المجهضة. نحن جيل الهزائم والانكسارات، ولعلّنا نكتب لنخفي هذه الخيبة أو لنوهم أنفسنا أنّنا ما زلنا قادرين على الفعل والتّأثير في الواقع. لم ينتبه إلينا أحد، وانشغل مجايلونا من النقاد بتجارب أخرى مشرقية أو غربيّة، وأهملنا الجيل الذي سبقنا، ورآنا خطراً على اطمئنانهم المعرفي وسيادتهم على المشهد. في المقابل أرى أنّ العلاقة مع الجيل الذي لحقنا علاقة صحّيّة لأنّها خالية من وهم الوصاية والأبوّة الكاذبة التي عانينا منها نحن.

* تعتبر أن قصيدة النثر هي مستقبل الشعر العربي، مهما اختلفنا حول شروطها وتسمياتها وطريقة كتابتها، وأنها تمثل الالتقاء الصافي بين ما هو يومي تفصيلي وبين ما هو كلي شعري، هل تجد اليوم بعد أن ارتاحت هذه القصيدة من المطارحات والسجالات حولها، وانتصر لها الأدباء الشباب، أنها حققت كامل الوعد الذي انفجرت منه؟

– إنّ تميّز قصيدة النثر كامن حسب رأيي في انفتاحها على الأجناس الكتابيّة الأخرى واستفادتها من شتّى الفنون الرّافدة لها. قصيدة النثر هي الشّعر الخالص لأنّها لا تستفيد من بلاغة أو من بديع لغويّ… إنّها تطحن كلّ الإرث الأدبي وتعجنه داخلها لتقدّم لنا رغيفاً كونيّاً يوحّد بين رحلة حبّة القمح وشهاب يخترق الأكوان. كلّ ذلك في تواضع الحكماء وجنون العشّاق. كما أنّ ميزتها الأخرى هي القابليّة للتطوّر الدّاخلي والحلم المستحيل ببلوغ الصّفاء المطلق للقصيدة المحلوم بها.

* لك عدة ترجمات من أهمّها ترجمتك للأعمال الشّعرية الكاملة للشاعر السنغالي ليوبولد سيدار سنغور، كما ترجمت عددا من الروايات منها «السيد الرئيس» لميغيل أنخيل أستورياس إضافة إلى «إضراب الشحاذين» لأميناتا ساو فال، و»الإله الصغير عقراب» لروبير إسكاربيت، وعدة نصوص شعرية عربية نقتلها إلى الفرنسية، إضافة إلى ترجمات أخرى، المعروف أنك لست مترجما تحت الطلب أو مترجما متعاقدا، كيف تجد حاجتنا في العالم العربي إلى مؤسسات داعمة ترعى المترجمين وتوزّع ترجماتهم؟

– أكرّر دائماً أنّ الترجمة فعل حبّ، وأنّ المترجم قارب صغير يهرّب الأرواح من نهر اللّغات الضيّق إلى محيط الأدب الشّاسع. ولا يمكن للإنسانيّة أن تحلم بالأخوّة الكونيّة إلا بوجود المترجمين. على هذا الأساس كان مركبي دوماً جاهزاً لأيّ روح جديدة أكتشفها وأحسّ أنّها ستثري لغتي وحضارتي وعلى هذا الأساس ترجمت إضافة إلى ما ذكرت: مختارات لإيمي سيزير الشاعر المارتينيكي الكبير، ورواية شحّاذو المعجزات لفيرجيل جيورجيو الرّوائي الرّماني، صاحب رائعة «الساعة الخامسة والعشرون»، و»الله ليس مجبَراً» للروائي أمادو كوروما من كوت ديفوار (ساحل العاج سابقا). كما أضيف أنّني قارَب من كتيبة كاملة من القوارب منتشرة على كامل الوطن العربي، ولن أذكر أسماء لأنّ كثرتنا قد تُنسيني ذكر بعض الأسماء، إضافة إلى سفن عملاقة تربّينا على تهريبها مثل صالح علماني ومحمّد علي اليوسفي وآدم فتحي وعبد القادر عبد اللّاي، وغيرهم… ولكنّ هذه القوارب المفرَدة رغم جهودها، ستظلّ دوماً عاجزة عن القيام بعملها في غياب مؤسسات عامة كبرى داعمة لجهدها محفّزة لها، حتى يقوم بعملها على أحسن وجه. وهي على الخصوص مراكز الترجمة الوطنية. ومن بين هذه المؤسسات أذكر بكلّ فرح «مشروع كلمة» التّابع للمكتبة الوطنيّة بأبي ظبي والتي تكرّس جهودها لخدمة الترجمة: ترجمة الآداب العالمية إلى اللغة العربيّة وهي تشجّع كلّ المترجمين على هذا الجهد. وأنا أعمل من أكثر من سنة ضمن فريق لترجمة موسوعة الشّعر الفرنسي إلى اللغة العربيّة في مائة كتاب، بين مختارات جماعية ومجاميع شخصيّة حسب أهمّية الشّاعر وقيمته في عصره. ويشرف بجهد كبير على هذا العمل الجبّار الشّاعر والمترجم الفذّ كاظم جهاد.

* طالما كان لشعراء إفريقيا، مهمّة جليلة طوّقوا أنفسهم بها، ليغنّوا للسّود نشيد الآدمية والإنسانية والمساواة، هل هذا هو الجاذب الأكبر الذي جعلك تترجم أشعارهم؟

– تماماً: «مهاناً، مستعبَداً، ينتصب [الأسود]، يلتقط كلمة زنجيّ التي يرمونه بها مثل حجر، يستردّ، بفخر، ذاته كأسود، أمام الأبيض» (جون بول سارتر، «أورفيوس الأسود»). رغم أنّها وُلِدت، فعليّاً، من المعاناة التي قاساها «الزّنوج»، وعنف المستعمر، وبشكل أوسع من سيطرة العنصر الأبيض، فإنّ الزّنوجة تطرح نفسها نقيضاً لأيّ أطروحة «بؤسويّة». لأنّها تُمضي مرسوم رفض، نهائي، فهي إذن، إمكانية كرامة مستعادة: فخر خلّاق يعقُب العار.

الزنوجة تعبير عن عرق مضطهد

الزنوجة تجلٍّ لطريقة أن تكون أصيلا

كان من الضروري التخلّص من الملابس المقترضة، أي من الاستلاب.

الزنوجة أداة للصراع

إنها أداة التحرير الفعالة. الزنوجة أداة جمالية.

* أعتقد أنّ منعرج التحوّل عند جمال الجلاصي هو ترجمة أعمال الشاعر السينغالي ليوبولد سيدار سنغور Léopold Sédar Senghor، وروايات أخرى لكتّاب أفارقة، هل كانت الترجمة رغبة في إنصاف السود أم اعترافا بتميّزهم؟

– كانت الترجمة محاولة لتحويل بوصلة اهتمام القارئ العربي، نحو المنابع الأولى الحارّة الحارقة للإبداع الإنساني… تلقينا للأسف ثقافة مدرسية ملخصها أن المعرفة والأدب والفلسفة والفن منبعها الغرب والشمال، لكنّي اكتشفت (مؤخراً للأسف) أن أفريقيا، قارتنا، تفور بكل الفنون والثقافات والأساطير والخرافات التي يجعلها خزّانا للإنسان. من هنا جاء اهتمامي إنصافاً واعترافاً. وإثراء للمكتبة العربية بكتّاب كبار أضافوا للمكتبة الإنسانية ما يجعلنا نفخر بالانتماء إليهم.

* لو أعطيتك اسم كاتب وعنوان كتاب (إيمي سيزيرAimé Césaire) الأسلحة الخارقة Les armes miraculeuses ماذا ستقول؟

– هذا الديوان يمثّل قمّة النضج الشعري عند إيمي سيزير وتشبعه بالرؤية السوريالية، لا بدّ من القول إن الجزء الثاني من الديوان كتب بعد الصداقة المتينة التي ربطت إيمي سيزير بأندريه بروتون… يشمل هذه الديوان مجموعة من القصائد التي أعتبرها خطراً على الاطمئنان البشري، خطراً كخطورة الربيع على الحقول الجافة… إنها نصوص مربكة لغة وأسلوباً ومضمونا.

سنضرب الهواءَ الجديدَ برؤوسنا المدرّعة

سنضرب الشّمسَ بأكفّنا المفتوحة على اتّساعها

سنضرب الأرض بالقدم العارية لأصواتنا

ستنام الزّهور الفحلة في جوْن المرايا

وسيعتكف دِرع ثلاثيّة الفصوص ذاتُه

في نصف ضوء الأبديَّةِ

على حناجر مناجم الحليب الرّقيقة المنتفخة

ألن نعبر الرّواقَ

رواقَ التهلكة؟

طريقا صلبا بصفرة خمريّةٍ

فاترا

حيث تتقافز جواميس الغضب المستعصي

قصيرا

يبتلع حافّة الأعاصير النّاضجة

للخيزران الرّنّان.

* عن الشعب

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *