*
مي التلمساني روائية وقاصة وأكاديمية مصرية، تنتمي إلى جيل التسعينات، وقد استطاعت أن تحفر اسمها في الصفوف الأولى، ضمن خارطة الإبداع العربي، رغم إقامتها في كندا منذ ما يقرب من ربع قرن، حيث قامت بتدريس مادة تاريخ السينما العالمية لطلاب قسم السينما بجامعة مونتريال، وتعمل حالياً رئيساً لقسم الأدب الحديث بجامعة أوتاوا، وقد ترجمت رواياتها الثلاث إلى ست لغات أوروبية ضمن “برنامج ذاكرة المتوسط” وحصلت على جائزة “آرت مار” من جنوب فرنسا، وجائزة الدولة التشجيعية في مصر .
أصدرت “التلمساني” مجموعتيها القصصيتين: “نحت متكرر- خيانات ذهنية” ورواياتها: “دنيا زاد – هليوبوليس – أكابيلا”، إضافة إلى كتاب اليوميات “للجنة سور” وترجمت إلى العربية: “لماذا نقرأ الأدب الكلاسيكي”، “المدارس السينمائية الكبرى”، “قراءة المسرح” وهنا حوار معها .
* إلى أي مدى كان إدوار الخراط مؤثراً فيك كمبدعة؟
– ليس بالقدر الذي تتصوره، أشعر بتأثير إبراهيم أصلان ومحمد البساطي وصنع الله إبراهيم على ذائقتي العربية أكثر من الخراط، رغم أنني شاركته كتابة نص روائي مسلسل نشر في إحدى المجلات منذ أكثر من عشر سنوات، وكانت تجربة ممتعة، للأسف تاه النص بين أوراقي وكانت النسخة الوحيدة المتاحة مكتوبة بخط اليد، لكنه تابع كتاباتي وكتب نقدا عنها، وكان أول من كتب عن مجموعتي الأولى “نحت متكرر”، كما أثر في فهمي للكتابة التسعينية بمصطلح “الحساسية الجديدة” والدراسات التي نشرها في هذا المجال .
* بدأت قاصة عبر مجموعتين ثم تتابعت رواياتك، هل ودعت عالم القصة القصيرة؟
– لو لاحظت ستجد أنني أنشر قصصا قصيرة بالتوالي مع الروايات، على النحو التالي: نحت متكرر (قصص)، دنيازاد (رواية)، خيانات ذهنية (قصص)، هليوبوليس (رواية)، للجنة سور (يوميات)، أكابيللا (رواية) النص القصير إذن حاضر طوال الوقت منذ بدأت النشر في عام 1995 وحتى اليوم .
* “دنيا زاد” ترجمت إلى ست لغات ضمن برنامج ذاكرة المتوسط، ما أهمية هذه الخطوة بالنسبة لك؟
– هي خطوة للخروج إلى العالم، الترجمة أتاحت لي فرصا كثيرة للسفر ولقاء قراء من لغات مختلفة، وتوسيع رقعة التواصل مع كتاب من العالم وناشرين من مختلف الجنسيات، الآن رواياتي الثلاث مترجمة إلى الفرنسية، التي أعتبرها لغتي الأب، ويوميات “للجنة سور” ستنشر بالفرنسية في كندا مع نهاية هذا العام .
* روايتك الأحدث “أكابيلا” نشرت مسلسلة في إحدى المجلات الأسبوعية بعنوان “يوميات عايدة”، لماذا تغير العنوان فيما بعد؟
– لم أكن متأكدة من أن عنوان “يوميات عايدة” يناسب رواية منشورة، كنت أجده جذابا لقارئ رواية مسلسلة تستخدم نوع اليوميات لبناء الحدث وتشويق القارئ الأسبوعي لمجلة، وعدت عند نشرها في كتاب لفكرة الكلمة الواحدة، ذات الملمح الغربي كما في “هليوبوليس” .
* أيضاً حين تحدثت عن ترجمة الرواية إلى الفرنسية قلت إنك ستغيرين أسماء الشخصيات، لماذا؟
– حدث ذلك بالفعل، تغير اسم أسامة ليصبح بالفرنسية “ليو” ومعناها الأسد، كنت أريد أن أنفي عن الرواية كونها تحدث في مصر، وأجعلها أقرب لعالم متخيل، لا أعتقد أنني نجحت تماماً في ذلك فملامح المكان المصري قد لا تبدو واضحة للقارئ الغربي، لكن طبيعة العلاقات بين الشخصيات تبدو في الواقع محكومة بتقاليد شرقية تجاوزها الغرب إلى حد بعيد .
* “كابيلا” عنوان روايتك الأحدث بعيد عن وعي وذائقة القارئ العادي، هل تتوجهين إلى قارئ نوعي؟
– أتوجه إلى قارئ عربي مستعد للمغامرة، ويهوى الاستكشاف، هذا لو لم يكن يعرف معنى “أكابيللا” أصلا، وهو القارئ نفسه الذي اجتذبه عناوين مثل “دنيا زاد” و”هليوبوليس” و”خيانات ذهنية” لذا فغلاف الرواية مكتوب بالعربية وبالإيطالية .
* رسالة الماجستير الخاصة بك كانت عن “جماليات القص في مجموعة المباهج والأيام لمارسيل بروست” لماذا لم تعملي على “البحث عن الزمن المفقود” وهي الأكثر شهرة؟
– لم أستطع في رسالة ماجستير التطرق لرواية كتبت عنها مجلدات كاملة بكافة لغات العالم، قبل كتابة الماجستير ذهبت إلى فرنسا لمدة عام للبحث وجمع المادة العلمية واكتشفت أن مئات المقالات والكتب تنشر سنويا منذ وفاة بروست في عام ،1922 وحتى اليوم عن روايته “البحث عن الزمن المفقود”، والقليل القليل يهتم بكتاباته الأخرى، الرسائل (وهي عشرات المجلدات) والشذرات والمجموعة الأولى التي نشرها على نفقته في عام ،1896 وروايته غير المكتملة، وترجماته، فضلاً عن أنني كنت مهتمة آنذاك بكتابات جيرار جينيت عن التناص، فقررت التعامل مع المجموعة الأولى من هذا المنظور، الماجستير عادة ما يعطي الباحث فرصة تكوين نفسه بحثياً، ولا يليق أن يدعي قدرة ليست لديه لتقديم بحث جديد ومختلف عن رواية بعظمة “البحث عن الزمن المفقود” إلا لو كان عبقريا فذا، وأنا لا أدعي ذلك .
________
*الخليج الثقافي