(ثقافات)
ربيع ٢٠٠٢ الفلسطيني في الأدب:
رواية “رجل يشبهني” لإلياس خوري
أعادتني ” رجل يشبهني ” إلى ربيع ٢٠٠٢ الذي شهدته الضفة الغربية في أثناء انتفاضة الأقصى ٢٨ / ٩ / ٢٠٠٠ وانعكاسه في الأدب ، بخاصة القصة القصيرة والرواية .
كنت قبل أسابيع كتبت عن حصار نابلس والحصار في الأدب الفلسطيني ؛ حصار نابلس في خريف العام ٢٠٢٢ .
تذكرت روايات عديدة أنجزت في الموضوع منها رواية عفاف خلف ” لغة الماء ” ( ٢٠٠٧ ) ورواية سهاد عبد الهادي ” ذاكرة زيتونة ” ( ٢٠٠٧ ) ورواية سحر خليفة ” ربيع حار ” ( ٢٠٠٤ ) ، وهذه روايات كتبت بعد الحصار بعامين أو ثلاثة ، وقرأت روايتي وليد الشرفا ” ليتني كنت أعمى ” ( ٢٠١٩ ) و ” أرجوحة من عظام “( ٢٠٢٢ ) ، وكميل أبو حنيش ” جهة سابعة ” ( ٢٠٢٢ ) ومؤخرا رواية إلياس خوري ” رجل يشبهني ” ( ٢٠٢٣ ) .
كتبت الكاتبات الثلاثة عن مدينتهن نابلس ، وكتب الشرفا عن جنين ونابلس وبيت لحم ، وأبو حنيش عن نابلس ، ويكتب خوري في روايته الأخيرة عن جنين ونابلس بعد أن كان كتب عن اللد وحيفا ويافا وقرى الجليل مثل عيلبون وقبية وقرى الجنوب مثل أبو شوشة ، فغطى بروايته فلسطين وكان في ” باب الشمس ” ١٩٩٨ غطى الشتات الفلسطيني في لبنان ، وفي ” الوجوه البيضاء ” كتب عن الفدائي الفلسطيني في زمن اللجوء الأول .
في انتفاضة الأقصى أنجزت مجموعة قصصية ” فسحة لدعابة ما ” في العام ٢٠٠٣ .
خطر ببالي وأنا استحضر هذه الكتابات كلها أن أوازن بينها من حيث طبيعة ساردها وموقع كاتبها في زمن جريان الحدث ، لأرى الفرق بين كتابة من داخل الحدث وكتابة من خارجه .
عموما لم يعش أي منا في ربيع ٢٠٠٢ في البلدة القديمة باستثناء أبو حنيش ، وربما كانت عفاف خلف مثله الأقرب إليها فكتبت عن أجوائها .
كانت سهاد تقيم في أطراف المدينة ومثلها أنا وعشنا الاجتياح لكن ليس من داخل البلدة القديمة ، وزارت سحر خليفة نابلس ، هي المقيمة في عمان ، زيارة عابرة فاجتمعت مع نساء حوش العطعوط وأصغت إليهن ودونت روايتهن .
من المؤكد أن إلياس خوري يتكيء على روايات فلسطينيين أمدوه بها ووصفوا له المدينة وصوروها له بأشرطة فيديو وقد يكون دخل إلى خرائط ( غوغل ) ليتعرف إلى المكان .
تقدم الأعمال المذكورة نماذج فلسطينية مختلفة وترسم جوانب ، من حياة أهل نابلس في حينه ، بالكاد تتقاطع .
ما كتبه أبو حنيش عن الطبوق يختلف عما كتبه إلياس ، وما كتبه الشرفا عن البلدة القديمة يختلف عما كتبه إلياس أيضا .
شخصيا كتبت عن انعكاس الحصار علي وكتبت عما شاهدت . رأيت البلدة القديمة بعد انتهاء الحصار والمسيرة التي نظمت وسرت فيها ، فكتبت قصة ” هن .. هن ” وكتبت نصوصا نثرية لم أذكر فيها أي شخص ممن ذكرهم أبو حنيش وإلياس خوري .
رواية ” جهة سابعة ” في جزئها الثالث المكون من ١١٤ صفحة هي سرد الكاتب عن مشاركته وما رآه حيث كان في قلب البلدة القديمة ونجا من الموت مرارا .
سمى الشرفا شارع النصر حارة النصر ، وكتب إلياس عن بستان مواز لجامع النصر واختلط وصف المكان على كميل ، فكان أحيانا ينعت حارة الياسمينة بحي الياسمينة ، وهو في سرده كتب سطرا مهما جدا بخصوص معرفته بالمكان . كميل من بيت دجن وسكن في البلدة القديمة ولكنه لم يحفظ تضاريسها عن ظهر قلب ” لا نعرف الكثير عن البلدة وحاراتها وبيوتها ” وهكذا قادته خطاه ” لأحد الأزقة في حي الياسمينة ” .
ولكن ما كتب عنه لم يكتب عنه أي من الآخرين وأنا منهم .
في ذروة الحصار كان بين المقاتلين جواسيس يرشدون الإسرائيليين ويمدونهم بالمعلومات ، وقد اكتشف أحدهم ، وأراد المقاتلون محاكمته . في هذه الأثناء يقنص القناصة الإسرائيليون مقاتلين يرتقيان شهيدين ، وكل من يقترب من جثتهما قد يقنص . هنا يخير المقاتلون الجاسوس بين ميتتين ؛ أن يقتل خائنا وجاسوسا أو أن يحاول سحب الجثتين فيموت برصاص إسرائيلي إن نجح القناصة في قنصه ، ويختار هذا .
من المؤكد أن كميل أبو حنيش يروي من الداخل ، ومثله كان من روى قصة الحصار على إلياس . أنا كنت أقيم في المساكن الشعبية الشرقية لا في البلدة القديمة ، وهكذا كتبت شيئا مختلفا . القصص التي كتبتها وجرت أحداثها في البلدة القديمة هي قصص تصور نابلس في يومها الأول بعد انتهاء الاجتياح حيث كانت البلدة القديمة والدوار شبه خراب .
أعتقد أن النصوص الوارد ذكرها تستحق أن يكتب فيها بتفصيل أكثر . لعل دارسا ما ينجز هذه الكتابة .
مرتبط
إقرأ أيضاً
-
-
الأدب في خطر*سلمان عز الدينينطوي العنوان الذي اختاره تزفيتان تودوروف لكتابه «الأدب في خطر» على مفاجأة، إذ…