خاتم الزفاف – قصيدة للشاعرة فروغ فرخزاد

(ثقافات)

الزفاف – قصيدة للشاعرة فروغ فرخزاد

ترجمة نزار سرطاوي

ابتسمت الفتاة قائلةً: ما

سر هذه الحلقة الذهبية،

سر هذه الحلقة التي تُطوّق

إصبعي بإحكام،

سر هذا الخاتم

الذي يتلألأ ويلمع هكذا؟

قال الرجل وقد أرعشته المفاجأة:

إنها حلقة حسن الحظ، حلقة الحياة.

قال الجميع: مبروك وأطيب التمنيات!

قالت الفتاة: واحسرتاه

فما زالت تراودني الشكوك حول معناها.

مرت سنون، وذات ليلة

ألقت امرأةٌ يائسةٌ نظرةً على ذلك الخاتم الذهبي

ولمحت في صورته البرّاقة

أيامًا ضائعةً في الرجاء المعقود على إخلاص الزوج

أيامًا ضائعةً تمامًا.

اهتاجت المرأة وصرخت بأعلى صوتها:

يا ويلتي، هذه الحلقة التي

لم تزل تتلألأ وتلمع

هي خاتم الرقّ والعبودية.

———————————

تعتبر الشاعرة فروغ فرخُزاد من أشهر شاعرات وشعراء إيران وأعظمهم تأثيرًا في القرن العشرين. فقد أسهمت إسهامًا كبيرًا في تطوير الثقافة الشعبية الإيرانية، ولعبت دورًا بارزًا في نقل الشعر الإيراني إلى الحداثة. تميزت بشجاعتها النادرة في تجاوز المحرمات الثقافية، وهذا ما منح شعرها أصالةً فريدة.  وقد ساعدتها على ذلك الظروف التي سادت في أربعينيات القرن الماضي، حيث شهدت إيران إعادةً للبناء الاجتماعي في تلك الحقبة وما بعدها، مما أدى إلى إعادة النظر في الحدود التي فرضتها التقاليد الراسخة.

ولدت فرخُزاد في 5 كانون الثاني / يناير عام  1935 في العاصمة طهران لأسرة ميسورة الحال، حيث كان والدها يعمل ضابطًا في الجيش. التحقت بالمدرسة وأنهت الصف التاسع، لتتابع بعدها دراسة الرسم والحياكة في مدرسةٍ للفنون الحرفية خاصةٍ بالإناث. وقد بدأت تكتب الشعر وعمرها لا يتجاور أربعة عشر عامًا. وكانت بواكير قصائدها غزلية، تعتمد على الأشكال الشعرية القديمة الملتزمة بالوزن والقافية.

حين بلغت عامها السادس عشر تزوجت من أحد أقاربها، وهو الكاتب الإيراني الساخر برويز شابور، الذي كان يكبرها بخمسة عشر عامًا، وانتقلت معه إلى الأهواز حيث رُزقا بطفلهما الأول والوحيد كاميار. ومع أن الزواج حال دون مواصلاتها الدراسةَ الأكاديمية، فإنها ظلت تكتب الشعر. وفكرت في أن تنشر قصائدها، لذا سافرت لاحقًا إلى طهران حيث التقت بالشاعر فريدون مشيري، الذي كان محررًا لقسم الشعر في مجلة موشانفكر  وعرضت عليه قصيدة لها بعنوانخطيئة” تميّزت بطابعها الرومانسي الإيروتيكي، فرحب بها. وقد سببت القصيدة، التي تتحدث عن تجربة جنسية، صدمةً لدى المتعصبين، خصوصًا أن كاتبتها كانت شابةً صغيرة. لكنها أيضًا فتحت أمامها أبواب الشهرة.  وفي عام 1952 أصدرت ديوانها الأول الأسيرة، الذي حظي بانتشار واسع.

في عام 1955، انفصلت عن زوجها شابور بالطلاق. لكنها لم تتمكن من الاحتفاظ بولدها كاميار، الذي التحق بعائلة والده، فيما عادت فرخُزاد إلى أسرتها. وقد تسبب انفصالها عن زوجها وفراقها القسري لابنها والضغوط العائلية إلى إصابتها بانهيار عصبي نُقلت على أثره إلى عيادة للأمراض النفسية، حيث مكثت بضعة شهور. وبعد خروجها من المستشفى تركت عائلتها واستقرت في طهران، حيث أصدرت ديوانها الثاني الجدار (1956).

في ذلك العام سافرت فرخُزاد إلى أوروبا في رحلة استغرقت تسعة أشهر، وبعد عامين أصدرت ديوانها الثالث بعنوان عصيان (1958). وفي تلك المرحلة أخذت مكانتها تترسخ في الأوساط الأدبية، لكنها كانت مشوبةً بشيءٍ من سوء السمعة. وقد ارتبطت آنذاك مع المصور السينمائي إبراهيم غولستان، وكان لهذه العلاقة أثرٌ كبير في حياتها الشخصية استمر حتى مماتها.

أخرجت فرخُزاد في عام 1962 فيلمًا وثائقيًا قصيرًا بعنوان “البيت أسود” يدور حول منطقة مخصصة للمصابين بالجذام. وكان هذا هو الفيلم الوحيد من إخراجها قبل وفاتها. ثم أصدرت بعده ديوانها الرابع ولادة أخرى (1964). وفي العام الذي يليه أعدت مخطوطةَ ديوانها الخامس والأخير لنؤمنْ ببداية الفصل البارد. لكن الكتاب لم يطبع إلا بعد وفاتها.

توفيت فرخُزاد في 14 كانون ثاني / يناير عام 1967 في حادث سيرٍ مريع. فقد انحرفت بسيارتها لتتجنب مركبة قادمة باتجاهها، فارتطمت بجدار. وقضت متأثرة بجراح بليغة في الرأس. وشُيّع جثمانها أثناء تساقط الثلوج، ودفنت في مقبرة ظاهر الدولة في طهران.

بعد الثورة الإسامية في إيران عام 1979، تم حظر أشعار فرخُزاد لما يزيد على عشرة أعوام.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *