حياة على شاهد موتي

(ثقافات)

حياة على شاهد موتي

بثينة هرماسي

الكتابة ..
سفر لا نعود منه كما كنّا …
سفر ..
نربّت فيه على كتف الحياة ،
و نتلعثم فيه موتنا ..
أكره ان اتهيّأ للكتابة ،
أكره أن أكتب بارادة واعية ..
وأكره أن أكتب “من فوق قلبي” مرغمة ..
كما أكره أن أباشر النصّ من أوّل سطر ..
أحبّ أن أبدأ الرغيف من النّصف .
أحبّ أن يولد
النصّ ميّتا
مشظّى الأطراف ..
يولد مشوّها
جسدا بلا عنق ..
فيتوقّف في كلّ فقرة ويهتف ..
يطلب أن أنفخ فيه من روحي ليستقيم حيّا..
نصّ يحبو ..
ويتلعثم ..
ثم يبدأ النطق والمشي منتصبا
شيئا فشيئا ..
فيسير متعثّرا
دون خارطة أو بوصلة يلاحقني في كلّ منعطف لاهثا
ليسألني في حيرة
– أين رأسي ؟
فأبسم وأمضي أخربطه ..
لأضع له مكان الرأس
ذراعا أو قدما
أو شيئا مجهولا مبهما
أو ربما نقط استفهام مسترسلة ..
الكتابة مع سابق الاضمار والترصّد لا أحبّها أبدا !
لا أريد أن تأتي الكلمة عن مضض صاغرة متيبسة ..
فأنا في كل العلاقات
أمقت الاكراه
والارغام ..
والكلمة أنثى معتدّة بنفسها ..
تأتي بإرادتها متأنّقة
في سيلان و انجذاب وانثيال فطري
دون تكلّف ..
فنكرع من ثمل سلافتها
عشقنا للكلمات ..
أسعد بالوقوع في
فخاخ الشَّدَهِ ..
و كمائن التّخيال ..
والارتطام في غرابة معان و مجازات
مخملية الملمس .. أطرّزها ،،
ليكون نصّي من رداء ذهول موَشّى ..
أحبّ الكلمات وهي تهدَوْدر من تعرّق قلبي ..
وأحبّها حين تنحبس في العين لمعتها ..
في غياب يوارب النّطق ليتلصّص عليّ ..
ويباغتني متلبسة
مع الهذيان في حالة نشو ..
في أوضاع شاذة تخدش الصّمت وتجرحه ليصخب ..
يصخب الصّمت
فيعرّي خلوتي مع الحبر ،،
ملتقطا لنا صورا
حميمية جدّا
صارخة بالهذر والخطل ..
يصخب الصّمت ..
ليفضح إجحاف الكتابة بشبقها ..
يوما ما ..
ستحتضر الكتابة
سيفرغ الحبر ،،
وتمتلأ الورقة
وتخلص الرّحلة ..
فأغادر اللّوحة ،
واغادر شطحي مع الحرف ..
يوما ما ..
قد يحصل أن تحتشد الكتابة بغيابي
،،،
وقد يحصل ..
ان احتشد على الورق
حياةً …
على شاهد الموت ..

* شاعرة من تونس

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *