إبراهيم عبدالمجيد

ضد التاريخ

(ثقافات)

ضد التاريخ

إبراهيم عبد المجيد

بعد عودتي من العمليات الجراحية الأربعة التي أُجريت لي، أمسكت بهذا الكتاب لعله يذكرني بالحياة الثقافية. العنوان” ضد التاريخ .. تفنيد أكاذيب السلطة وتبديد أوهام الشعب” صادر عن الدار المصرية اللبنانية. ولأني أعرف مؤلفه مصطفي عبيد صحفيا وكاتبا وأديبا ومفكرا مرموقا قلت مصطفي سيفتح نفسي للحياة . وحدث. الكتاب عشرة فصول بعد المقدمة سأمسك بجوهرها بسرعة . الفصل الأول عن مصطفي كامل وكيف لم يكن زعيما كما شاع بيننا عبر التاريخ، فكفاحه من أجل الاستقلال كان لتعود مصر إلى حضن الدولة العثمانية بدلا من الإنجليز- بالمناسبة استمعت صدفة فجر اليوم الي فيديو للكاتب الكبير سيد حافظ يقول ذلك عن مصطفي كامل معتمدا علي رسائله واحاديثه والاثنان يقارنان بينه وبين محمد فريد مثلا الوطني الكبير- المقال الثاني عن مظلومية اليهود المصريين فلم يكونوا خونة لمصر، ومن قُبض عليهم في عمليات تجسس وتخريب كانوا فرادي، وتم التخلص من الجميع وخاصة بعد العدوان الثلاثي عام 1956 فدفعوا ثمن جريمة اسرائيل. وأضيف أنا أن أكثرهم هاجر إلى أوربا وأميركا وبعض أعلامهم في الخارج كتبوا مذكرات هامة في هذه المسالة . ولقد قابلت صدفة كثيرا منهم في فرنسا في حفلات توقيع علي رواياتي المترجمة ومن غير الأعلام كانوا يأتون لأن الكاتب من الإسكندرية التي أجبروا على السفر منها. الفصل الثالث عن الوجه الآخرللديكتاتور اسماعيل صدقي ودوره الكبير في النهضة، وأضيف أنه في الفترة مابين 1919 الي 1952 لم يفز الوفد حزب الشعب بالحكم إلا سنوات لا تذكر، وكانت النهضة الصناعية والفنية والتعليمية والصحية وغيرها خلال حكم أحزاب الأقلية أيضا. الرابع عن الكتاب الأسود للرجل الأبيض، وهو عن كتاب مكرم عبيد ضد مصطفي النحاس. والحقيقة أنه أثبت بالمستندات أن النحاس كان مظلوما جدا وبريئا من كل اتهام. الخامس عن امرأة قلبت حياة سيد قطب، فيري أن نزوعه للشمولية والتكفير للمجتمع ابن قصة حب فاشلة أكثر من أي شيئ، كتبها سيد قطب في راوية بعنوان “أشواك”وهو اجتهاد لطيف لكن طبعا لا ينفي ماكتبه سيد قطب وظروفه السياسية. الفصل السادس عن محمد نجيب وكيف لم يكن ديموقراطيا وكان كارها للأحزاب محبا للإخوان، لكن أضيف هنا أنه سيظل حبسه وابعاده عن الحكم بشكل انقلابي لا يُنسى، ولقد كان ذلك دخولا حاسما في حكم الفرد، والذين يعرفون مصطفي عبيد وكتبه لا شك أنهم سيدركوا أن ما يقوله عن محمد نجيب لا يبرر ما جري له – ثم الفصل السابع عن صلاح سالم والشارع الغلط فأعماله لا تجعله يستحق شارعا باسمه، واضيف أنه في الإسكندرية شارع باسمه أيضا. الحقيقة أن شوارع كثيرة بأسماء ناس لم يساهموا في النهضة بل منهم أجانب محتلين كانوا ضد مصر والمصريين . ثم الفصل الجميل عن عبد الحليم حافظ حلو وكداب، وكيف كانت أغانيه الوطنية أكبر جامع للشعب حول ثورة يوليو وعبد الناصر حتي وقعت الهزيمة لنكتشف الكثير من العيوب وعلى رأسها المعتقلات. وطبعا لم يكن حليم إلا مغني لكن كان هناك من يكتبون له ويلحنون وبالمناسبة هو يذكر ذلك، لكن عبد الحليم يتحمل الجزء الأكبر من المسألة. وأضيف غير مبرر لعبد الحليم أن النهضة الصناعية والتعليمية والثقافية ذلك الوقت، كانت مغرية للكثيرين لمدح النظام بصرف النظر عن أى مكاسب شخصية. ويأتي فصل مثير يلوم فيه الشاعر أحمد فؤاد نجم علي قصيدة كتبها في مدح الإرهابيين قتلة الرئيس السادات، ورغم أن نجم بعد ذلك لم يضمها في أعماله لكنه يتعجب. ثم الفصل الأخير عن سليمان خاطر وكيف لم يكن قديسا ولا نبيا بل قاتلا لبعض السياح الإسرائيليين عن عمد، وربما مريضا نفسيا. موضوعات جريئة جدا أهم مافيها أنه لا يعتبرها أحاديث نهائية ويمكن الاختلاف معها ، لكنه يقدم من الأدلة والوثائق الكثير مما يؤيده. الحقيقة أن الكتاب مثير وراءه جهد بحثي كبير ويمكن ان يكون الخلاف معه اسهاما في اشعال الحياة الفكرية واخراجها من ركودها والأمر متروك للقارئ، لكن أن يفكر في البحث مثله لو عارض الكتاب.

  • عن صفحة الكاتب على الفيس بوك

شاهد أيضاً

طه درويش: أَتكونُ الكِتابَة فِردَوْسَاً مِنَ الأَوْهامْ؟!

(ثقافات) طه درويش: أَتكونُ الكِتابَة فِردَوْسَاً مِنَ الأَوْهامْ؟! إلى يحيى القيسي لَمْ نَلْتَقِ في “لندن”.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *