د.أحمد راشد: الإقبال على اقتناء الكتاب إنجاز يدعو إلى التفاؤل

بعد أربعة عشر عاما على انطلاق مشروع مكتبة الأسرة الأردنية

د. أحمد راشد: الإقبال على اقتناء الكتاب إنجاز يدعو إلى التفاؤل

حاوره: موسى أبو رياش

 

 

في عام 2007 انطلق مشروع مكتبة الأسرة الأردنية – القراءة للجميع، ويعتبر من أكبر المشاريع الريادية التي نفذتها وزارة الثقافة الأردنية وأكثرها قبولا؛ إذ أنه يوفر الكتب بأسعار زهيدة في متناول الجميع، حيث يبلغ سعر الكتاب 35 قرشا، أي ما يعادل نصف دولار لكتب الكبار، و25 قرشا لكتب الأطفال. وحول مشروع مكتبة الأسرة الأردنية، بمناسبة دورتها الخامسة عشرة (دورة مئوية الدولة الأردنية) التي تنطلق بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين ثاني، ولمدة خمسة أيام، كان حوار«القدس العربي»مع مدير المشروع أحمد راشد ..

كيف بدأت فكرة مشروع مكتبة الأسرة الأردنية؟
انطلق البرنامج برعاية الملكة رانيا العبدالله في عام 2007، وهو برنامج سنوي تسعى وزارة الثقافة من خلاله إلى تعميم الثقافة الوطنية القائمة، ونشر الوعي الثقافي، وتنمية الفكر الناقد، وإيجاد التناغم الحسي بين الفكر والوجدان الإنساني؛ لبناء مجتمع مثقف يدرك أهمية التحاور والتفاعل مع الآخرين، ويجتهد في تطوير ذاته، ورسم مستقبل وطنه. وانطلاقا من إيمانها بدور الثقافة المؤثر في رقي الأُمَمِ وتقدمِها؛ وتحقيقا لمبدأ التوازنِ والعدالةِ، في إتاحة الفرصة لأبناءِ الوطنِ على امتدادِ حدودِ المملكةِ، للاستفادة من أهداف هذا المشروع، وتسهيلا عليهم؛ حرصت وزارة الثقافة على أن تكون خطة المشروع واسعة وشاملة، تصل إلى الفئات المستهدفة في محافظات المملكة كافة، عبر توزيع مراكز بيع إصدارات المشروع توزيعا متوازنا وبأسعار رمزية. ويهدف البرنامج إلى تشجيع القراءة واقتناء الكتاب، وتأسيس مكتبة في كل بيت، والمساهمة في رفع مستوى الوعي لدى أفراد الأسرة الأردنية كافة.

كيف يتم اختيار العناوين المشاركة وموضوعاتها كل عام؟
تتولى لجنة عليا تضم العديد من أصحاب الاختصاصات اختيار عناوين الإصدارات، بحيث تغطي معظم جوانب المعارف الإنسانية، وتهم أكبر شرائح ممكنة من المجتمع الأردني، مع الحرص على مراعاة قانون الملكية الفكرية، وحماية حق المؤلف والمصنفات. وقد أولى المشروع شريحة الأطفال عناية خاصة؛ لرفع سويتها المعرفية وإثرائها من خلال تخصيص إصدار ما نسبته (25%) تقريبا من مجمل إصدارات البرنامج.

هل تتكفل وزارة الثقافة بكلفة طباعة الكتب المشاركة وحدها، أم يتم ذلك بالشراكة مع جهات داعمة؟
بشكل رئيس، تتولى وزارة الثقافة الإنفاق على هذا البرامج بنسبة (95%) وأحيانا يأتي دعم محدود لإصدار كتاب أو كتابين، لكن الجهة الوحيدة الملتزمة بدعم هذا البرنامج سنويا ومنذ انطلاقته حتى الآن هي «مؤسسة عبد الحميد شومان» فلها منا عظيم الشكر والامتنان.

في هذه الدورة رقم 15، كم عدد العناوين ومراكز البيع؟
عدد العناوين في هذه الدورة يبلغ (49) عنوانا، بواقع (53) كتابا؛ إذ يوجد لبعض العناوين أكثر من جزء. أما مراكز البيع ففي هذا العام سيكون رقما قياسيا مقارنة مع الدورات السابقة، إذ يبلغ (42) مركزا. وقد تم التركيز في هذه الدورة على العناوين التي تتناول الأردن، في ظل احتفالات المملكة بمئوية تأسيس الدولة الأردنية، وكذلك التركيز على نشر الكتب التنويرية، التي تساهم في رفع مستوى الوعي، وإغناء المعارف، وتعالج القضايا والظواهر المعاصرة.
المعرض السنوي فرصة ذهبية للمدارس والجامعات والمؤسسات الثقافية والأسرة، للتزود بالكتب بأسعار زهيدة؛ هل يتم التواصل مع هذه الجهات، أم يترك الأمر للإعلان العام فقط؟
بالتأكيد هذه فرصة لا تعوض لكل من يريد التزود بالمعرفة المتنوعة، ويتم التواصل مع الجهات التي ذكرت وغيرها، من خلال توجيه خطابات لها متضمنة المعلومات والبيانات المطلوبة، فضلا عن الإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام المختلفة، والوسائل الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. علما أن عددا من الجامعات الأردنية توجد فيها مراكز بيع لإصدارات مكتبة الأسرة، وكذلك بعض المدارس والهيئات الثقافية.

مهما زادت مراكز البيع لا بد أن تبقى مناطق محرومة، ألا يمكن تنظيم معارض متحركة لخدمة هذه المناطق؟
فكرة تنظيم المعارض المتحركة لها وجاهتها، وسننظر في إمكانية تنفيذها في الدورات المقبلة. لكن بشكل عام نحاول جاهدين الوصول إلى المناطق المأهولة النائية، ونقيم في عدد منها معارض فرعية في أوقات أخرى، فضلا عن وجود المكتبة المتنقلة التي تجوب المناطق النائية، وتقدم الخدمة الثقافية للمواطنين، سواء من خلال الكتب التي تحملها أو العروض الفنية والثقافية التي تقدمها، لكن نتيجة لظروف كورونا توقفت المكتبة المتنقلة، وستعود لنشاطها بمشيئة الله مع بداية العام المقبل.

وهل يمكن تطوير فكرة المشروع بإقامة ندوات وأمسيات ثقافية على هامش المعرض، دون الاقتصار على الكتب فقط؟
الفكرة جيدة وتستحق الاهتمام، وفعلا الوزارة تفكر في إقامة أنشطة مرافقة، مع العلم أن الوزارة ومديرياتها في المحافظات تنفذ برنامجا أسبوعيا دائما بعنوان (قراءة في كتاب) تتم فيه مناقشة كتاب بحضور المؤلف ونقاد.
بعد أربعة عشر عاما من انطلاق المشروع، هل هناك أثر ملموس لذلك، وهل هناك دراسات أو متابعات ميدانية للرصد؟
بالتأكيد هنالك أثر إيجابي ملموس، فقد تم تأسيس آلاف المكتبات المنزلية من إصدارات البرنامج التي بلغت (837) عنوانا، في مختلف المعارف الإنسانية، بأسعار زهيدة وطبعات أنيقة جاذبة، وأرى أن الإقبال الشديد من قبل المواطنين على اقتناء الكتاب هو بحد ذاته إنجاز ويدعو إلى التفاؤل، وفي اعتقادي أن البرنامج ساهم في رفع مستوى الوعي وأغنى المعارف لدى مختلف شرائح المجتمع وفئاته، كما ساهم في رفع مستوى الذائقة الأدبية والفنية.

هل يتم تقييم سنوي بعد نهاية كل دورة، وما أبرز تطورات المشروع؟
يتم تقييم البرنامج بعد كل دورة، فتعظم الإيجابيات، ونحاول قدر الإمكان تجاوز السلبيات، وكذلك نحاول تحقيق رغبات الجمهور ضمن الإمكانات المتاحة، وما يؤكد هذا الأمر أنه في كل دورة هناك الجديد والإضافات النوعية في البرنامج بغية تطويره وتجويده. من خلال ملاحظاتنا في الدورات المتعاقبة لهذا البرنامج، نشهد إقبالا متزايدا من قبل الجمهور على مراكز البيع في المحافظات كافة، والحصول على مختلف الإصدارات؛ لرغبة الجمهور الأردني الشديدة في المعرفة، وإدراكه لأهمية القراءة في حياته. أما عن التطورات فأشير هنا إلى أن إصدارات مكتبة الأسرة يجدها القارئ بنسخ إلكترونية على موقع (الكُتُبا) التابع للوزارة بعد نهاية مهرجان القراءة للجميع، وهي متاحة للجميع.

لا يسلم أي مشروع مهما كان ناجحا من انتقادات، فما هي؟
ليست انتقادات بقدر ما هي ملاحظات تهدف إلى التطوير والتجويد، ومنها على سبيل المثال: زيادة عدد عناوين الكتب الدينية، وكتب التراث الإسلامي، ونشر كتب باللغة الإنكليزية، وكتب ذات صبغة تخصصية أكاديمية، والتركيز على جوانب معرفية بعينها، والتوسع في فتح مراكز البيع.

 

  • عن القدس العربي

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *