(ثقافات)
محمود عيسى موسى
لِي
فِي حَلَبَ
امْرَأَةٌ قَلْعَة
وَأَوْلَادٌ ثَلَاثَة
مَشَاعِلُ ابْرَاجِ
زِينَةُ السَّمَاءِ شُهَب.
امْرَأَةٌ
قدَتْ مِنْ حِجَارَةِ الصَّبْرِ
جبِلَتْ مِنْ صَلْصَالٍ
مِنْ نُحَاسٍ تَجَلَّى لمَعَانِهِ
عَبْرَ الْعُصُورِ
عُجَنَتْ بِفِضَّةِ الزَّمَانِ
وَحَدِيدُ الْمَكَانِ
سُكِبَتْ فِي حَوْقَلَةِ الْحَبقِ
كُنْ فَيَكُونُ
فَاحَ عِطْر
وَدَبَّتِ الْحَيَاةُ فِي الْعُرُوقِ
مِنْ دَمٍ
مِنْ طِينٍ لَازِب.
اوْلَادٌ ثَلَاثَة
أَوْتَارٌ كَمَنَجَاتٍ
مِنْ خَشَبِ الْوَرْدِ
نَايَاتِهِمْ
عَهْدٌ مِنَ الْغِنَاءِ
سَلْطَنَةُ ال يَالِيلُ
تَفرِيدٌ
خُرُوجٌ عَلَى الْمَقَامِ
عرَب.
امْرَأَةٌ
حُلْوّةُ الطَّرَفِ
محْيَاهَا الشُّرُوق
حُلْوَّةُ اللِّسَانِ
مَذَاقُ طَلَاوَةِ قَلْبِ هَلُوبٍ
غَزِيرٌ مَطَرَهُ
يُبَلِّلُ الرُّوحَ بِنَدَى الصُّبْحِ يَتَهَلَّب.
امْرَأَةٌ
تَزْهُو ذَوَائِبُهَا
قدْتْ
مِنْ حَيَاءِ لَحْمٍ وَدَمٍ
مِنْ عَفَافِ عِظَامٍ خَجُولَة
مِنْ نَبْضٍ
شَفَافِيَّتُهُ أنَسُ الْعَصَب.
أَزَبَ عِنَبَهَا زَبِيبًا
جَرَى الْمَاءُ
مَرَّ عَلَى عَطَشٍ عَتِيقٍ عَتِيق
سَالَ فِي الْعُرُوقِ
أَزَب.
امْرَأَةٌ
نَجْمَة عَلْيَاءَ
شَمَاءُ الْهَوَى
مَال
ملْنَا حَيْثُمَا يَمِيلُ.
لُؤْلُؤَةٌ
زَيْنٌ عقدُهَا صَدْرُ الْبَيْتِ
طَوْحَتْنَا الاشْوَاقُ وَالْأَسَارِيرُ
فَاحَ عِطْرُ الْحَبِّ بِالْأَسْرَارِ
جوَى اللّبِ
خلَبَ.
لِي
فِي حَلَبَ
امْرَأَةٌ (يَا شَمَالِيَةُ ظلِّي قبَالِي(
وَأَوْلَادٌ ثَلَاثَة
اعْنَاب
أَغْصَانٌ بِان كَالْيُسْرِ
أَعْنَاقُ زُرَافَاتٍ
بَسَاتِينُهُمْ شَجَرٌ مِنَ الْحِسَانِ
أَرَقُّ رِقَّةً مِنَ الرِّقِّ
نَشْوَةُ النَّقْرِ
عَزَفَ غِنَاءً
مُوسِيقَى السَّحْب.
مِنْ قُدُودِ مِيَاسَةٍ
مَمشُوقةَ الْعَبَرَاتِ وَالْأَنْغَامِ
الْقَوَامُ لي الْخَصْرُ
تَمَايُلُ الرَّقْصِ
انْحِنَاءَةُ الْمغْنَى وَالْمَعْنَى
شْدٌّ وَجَذَبَ
***
أَشَفَ
مِنْ شَفِيفِ الْمُوَشَّحَاتِ
نَقْرُ الدُّفُوفَ
بَيْنَ أَنْدَلُسَ وَشامٍ
اشْجَى وَأَطْرَبَ.
نَجْمَةُ الدَّارِ سَاطِعَةٌ
الدَّارُ يَا دَارِ
حٌصُنٌ
كَانَ
لَاحَ فِي الْأُفُقِ
اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ كَوْكَب.
امْرَأَةٌ قَلْعَة
اثَوَابُهَا دَمُقُسُ
حَرِيرُ الرُّوحِ
شَالُهَا الْمِرْمُرُ
أُرْجُوَانٌ فَنِيقٌ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ
وَمَضَّ بَرِقِّ خُلَب.
حَمْلَتُهَا دَهْرًا دَهُورًا
مِنْ عَسَلِ الْخَرُوبِ
سُكَّرٌ (بَاطِيَةٌ) الْبَيْتُ
يَقْطُرُ مِنْ دَمِي
حَتَّى
فَاضَ جَاطُ الْعُمْرُ بِالْعُمْرِ
وَطَرْطَشُ مَذَاقِ الْحَلَاوَةِ ربٌّ.
امْرَأَةٌ
قَرَاصِيَّةٌ
الْأَذَارُ شَهْرُهَا عِزها
(دُرُوبُ دُرُوبٍ)
بَيْنَ الشُّهُورِ وَالسَّنَوَاتِ عذْب.
لِي
فِي حَلَبَ
امْرَأَةٌ قَلْعَة
صَرَمَتْ نَخْلُهَا
صُرِمَتْ أَشْجَارُهَا
صَرَمَتْ صَمْتُ حبالها
بَعْدَ الْوَصْلِ
الدَّهْرِ قَلْب.
لِي فِي حَلَبَ
امْرَاةْمُنْجَابِ
اوْلَادٌ ثَلَاثَةِ نَجَب.
الْعَيْنُ الْيُسْرَى
بَعْدَ النَّوَى
امَارَةٌ بِالسُّوءِ
لَهَا اخْتٌ
ادْمَعْهَا
اسْكَابَا اسْكَابَا
تَسْكَبُ.
امْرَأَةٌ شَهْبَاءَالْمحْيَا
قَلْبَهَا
لُبَابَةِ نَخْلَةٍ
صَيَّرَهَا الشَّوْقُ
فِي تَغْرِيبَةِ الْبِعَادِ لَبَب.
احْبِبْتْهَا
غَارَتِ الشَّامُ
غَيرَةُ عِشْقِ دِمَشْقَ لَهَب.
أَوْلَادٌ ثَلَاثَة
لْبُّ السِّحْرِ
جَمَالُ زِينَةِ الْعَقْلِ
فِطْنَّةُ الِانْتِبَاهِ
رِقَّةُ الْوِصَالِ عَلَى الْبُعْدِ
حُسَامُ اللَّحْظِ
قَاطِعٌ فِي غَمْدِهِ
عَذبَهُ عَذَابٌ يَذب.
امْرَأَةٌ
مِنْ مُرَبَّى الْوَرْدِ
بَتَلَاتٍ ثَلَاثٍ
شَهدَ عَسَلُ الرَّحْمَنِ
سُورَةُ الْخَلْقِ
سَمُو التَّكْوِينِ
صُورَةُ الْحَسَنِ الْأَخَّاذِ
مُعْجِزَةُ التَّمَاهِي
أَعْلَى تَجَلِّيَاتِ الرَّب.
امْرَأَةٌ حَبَّةَكَرْزٍ
خَبَأْتُهَا فِي السُّوَيْدَاءِ
كُلُّ الْعُمْرِ
سَكَنَتِ النَّجْوَى
حَلُوهَا
مَذَاقُهَا
خَفَفَ
***
السُّهَادُ الْمُرْ
هِيَامُ الْفُؤَادِ سَلْب.
امْرَأَةٌ رُونَقْ
عَطَش نُدَى
هُدْب رمش
رَعْشُ هَدِيل نَاعِس
غَفْوَةٌ يَقَظَة
حُلْمُ الْكَتِفِ الْأَيْسَرِ حَدَب.
رَسَائِلُ زَاجِلْ
بَثَتْ بِحُرُوفٍ حَشَاشَةٍ حرى
كُتِبْتْ بِمِلْحِ الْعَيْنِ
دَمْعُ الْأَجْفَانِ مَا نَضَبَ.
أَسْرَابُ حَمَّامِ
تَتَبِعَهَا خَيْطَانُ أَسْئِلَة
حَلَّقَتْ بَيْنَ الْقِلَاعِ
تبْلُغُ لَوْعَةُ السِّنِينَ
بِرِيش الْعَتْب.
أُدْمَتُهَا وَعَوْرَةُ الْمَسَالِكِ وَالدُّرُوبِ
اكْتَوَى بِنَارِهَا الشَّغَافِ
وَالْقَلْبُ
مَا قَلِب.
علُقْتْ
مَمَدُود الْيَدَيْنِ
مَشْدُودَ الرَّجْلَيْنِ
عَلَى حَشبِ الزَّمَانِ
مَا تَبَقَّى مِنْ الْجَسَدِ صلْب.
كَثِيرُ الشِّعْرِ
رَقِيقُ الْأَلْب.
كَثِيرُ الْمَطَرِ
(فَلَا نَزَلَ الْقُطْرُ)
شَجَنُ الْوَجْدِ
هَلَب.
(مُعَلَّلَتِي بِالْوَصْلِ)
اشْتَدَّ الْأَسَى
شرش
حَفرَ فِي الرُّوحِ غَلَب.
مَاأَبْهَاهَا
مَا أَحْلَاهَا
مَاأَقْسَاهَا
اقَانِيمُ الْهَوَى
وَالدُّنْيَا عَجَب.
امْرَأَةٌ قَلْعَة
مِلِيحَةُ
خِمَارُهَا الْأَسْوَدُ
شَغَفُ الْحُبِّ
تَمُرُّ نَاضِجٌ
الْعُمْرُ نَاسِكٌ فِي مَعْبَدِ الْهَوَى
وَالْعِشْقُ رطْب.
أُخِذَتِ الْأَعْطَافُ وَالْحَنَايَا
وَجَرَتِ الْعَقْلُ
تَشْهَدُ أَشْجَارٌ بُرْدَى
وَخَرِيفُ الشَّامِ
تَزَاحُمُ وَرَقِ نِيسَانْ
طَارَ الْوَجْدُ
حلقَ فِي فَضَاءِ الْكَوْنِ
ثَلَاثَة جَلْب.
عَودَ رَيْحَانَ
فَوْحَ حَبْقٍ
أَخَّرُ الْعُنْقُودِ زَهْوُ زَغْب.
فستق الرَّبِّ
هَدِيَّةٌ التَّمَاهِي
أَزْكَى
أَطْيَبُ
أَرَقُّ مِنْ رَقْرَقَةِ مَاءٍ عَذْب
رِجَالٌ أَشِدَّاءُ
فِي الْوَغَى
)الرِّمَاحُ نَوَاهِلُ(
حُرَّاسُ بُرْجِ جسْرِهَا
شُمُوخُ مَدَارِجِهَا
قَلْعَةٌ
تِسْعَةُ أَبْوَابِهَا
بَابُ الْحَدِيدِ(نَبْقُوسا)
اوَصَدَتْهُ الرِّيحُ
قَلْبٌ أَرَقُّ مِنْ وَرَقِ السِّيجَارَةِ
حَنَ الْحَدِيدُ عَلَى حَالِهِ وَطَلَب.
رِجَالٌ ثَلَاثَةٌ
زَخَارِفُ عَرْشِهَا
مَشَاعِلُ عِزْها
نَصْرُهَا سِهَامُ غَضَب.
نَسَجُوا
حَرِير بِيْرِقُهَا
طَرَزُوا
ثَوْبُهَا خَان حَرِيرُ الْأَبَدِ.
حَاكُوا لَهَا عَصَارَةَ صَدَفِ الْمرِيقِ
شَرَشَفّا
جمَل بِالْقصْب.
رَقَصُوا
غَنُوا الْقُدُودَ بِأَعْلَى مَقَامٍ
مِنْ مَقَامَاتِ الطَّرَب.
) يَا مَحْمَلِيْنِ الْعِنَبَ تَحْتَ الْعِنَبِ تُفَّاحُ(
الصَّمْتُ طَوِيلٌ بَيْنَ الْبُحُورِ
عُرُوضُ الذِّكْرَيَاتِ خَبْبٌ
الْعَوْدَةُ إِلَى كَرْمَلِ فِلَسْطِينَ
لَا بُدَّ
أُرْجُوَانٌ بِخَطِّ الذَّهَبِ