ترجمة مختارات من قصائد سليم بركات إلى الإنجليزية

هذه، حتى إشعار آخر، الترجمة الإنكليزية الأفضل لمختارات من قصائد سليم بركات؛ والجهد الفريد الذي بذلته هدى فخر الدين، أستاذة الأدب العربي في جامعة بنسلفانيا الأمريكية، وزميلها جيسون إوين، لا يقتصر على تذليل عشرات المصاعب التي تعترض نقل شاعر شاقّ عالي الفصاحة استثنائي التعبير ورفيع المجاز إلى إنكليزية جديرة بشعرياته الرفيعة أو على الأقلّ منصفة وملائمة. ثمة، كذلك، ذكاء الاختيارات لجهة الحرص على تغطية المقدار الأكبر من تحوّلات بركات الأسلوبية، منذ مجموعته الأولى «كلّ داخل سيهتف لأجلي وكلّ خارج أيضاً»، 1973، وحتى «أنساب الحيوان»، 2019؛ وهذا، في ذاته، أحد أبرز جوانب التحدي، وربما المجازفة المحسوبة أيضاً.
وهكذا فإنّ المختارات ضمّت عدداً من قصائد بركات الأشهر، والأصعب على الترجمة كما تقتضي الإشارة، أو مقاطع منها؛ مثل «دينوكا بريفا تعالي إلى طعنة هادئة»، «ديلانا وديرام»، «تصانيف النهب»، «سوريا»، «الأبواب كلها»، و»تنبيه الحيوان إلى أنسابه». وقد كتب المترجمان مقدمة تعريفية بشعر بركات وشخصيته، ركزت بصفة خاصة على أنه كردي يكتب بلغة عربية أثارت إعجاب شعراء كبار أمثال نزار قباني وسعدي يوسف وأدونيس ومحمود درويش. كما استمدّ المترجمان عنوان المجموعة، «تعالي إلى طعنة هادئة»، من عنوان قصيدة بركات الشهيرة؛ وهنا فقرات من مستهلّها:

هدى فخر الدين

عندما تنحدر قطعان الذئاب من الشمال وهي تجرّ مؤخراتها فوق الثلج وتعوي فتشتعل الحظائر المقفلة، وحناجر الكلاب، أسمع حشرجة دينوكا (شهادة)
في حقول البطيخ الأحمر، المحيطة بالقرية، كانت السماء تتناثر كاشفة عن فراغ مسقوف بخيوط العناكب وقبعات الدرك، حيث تخرج دينوكا عارية تسوق قطيعاً من بنات آوى إلى جهة أخرى خالية من الشظايا (شهادة)
دينوكا
ماذا أقول للصيّادين الذين يضعون سروجاً فوق ظهور الكلاب السلوقية في سفح سنجار وجبال عبد العزيز؟ أنت مختبئة في مكان ما، ربما في زريبة، تشمّين التراب ومزاود النعاج. كبيرة أنت، بليلةٌ، مسكونة بالحصاد وبي.
أسمع والدك يصيح: دينوكا.. أسمع والدتك تصيح: «دينوكا، احملي خبز الشعير هذا إلى المهاجرين وقولي أن يستريحوا قليلاً».
كان عددهم يزداد يوماً بعد يوم.. من طشقند وخوزستان وأرمينيا والجنوب الغربي لروسيا حملوا أشرعتهم وصرر السرخس إلى الجزيرة بلا أحذية أو مناجل. وكنت صغيرة لم تدركي  أنهم يحتاجون إلى الماء وإلى امرأة مجنونة أو أرملة يدفنونها بعيداً في شقوق البراري لتنبت في سنيّ الهجرات عدساً وجنادب (…)
قيل: خرجتِ من جهة العراء، وخرجت بريفا من جهة العراء، ومن جهة العراء خرج الله، وجاءت الدهشة والطلقات الفارغة التي جلبها الصبية من براميل قمامة السراي. وقيل إنك عدتِ بقطيع من النعاج المبتهجات وكبش واحد يخرّ كالمحارب في كلّ موضع مبلل بالبول (…).

  Salim Barakat: «Come to a Gentle Stab» Translated bY Huda Fakhreddine and Jayson Iwen

Seagull Books, Calcutta 2021

  • عن القدس العربي

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *