رحيل عودة الله القيسي.. في عصرنة اللغة

رحل يوم الثالث من شهر أيار -مايو الجاري 2021 الباحث واللغوي الأردني عودة الله منيع القيسي (1938 – 2021) الذي ترك وراءه العديد من المؤلفات في النقد الأدبي، وشروحات وتحقيقات في مؤلّفات اللغة بالتراث العربي، إلى جانب تخصّصه في الإعجاز اللغوي في القرآن، وتدريسه النقد وفقه اللغة في عدد من الجامعات الأردنية.

وُلد الراحل في بلدة الطيبة بالقرب من مدينة الكرك جنوب الأردن، ونال درجة الليسانس في اللغة العربية من جامعة دمشق عام 1964، ثم شهادتي الماجستير في النقد الأدبي من “جامعة القاهرة” عام 1980، والدكتوراه في النقد وفقه اللغة عام 1988، وعمل في مجال التربية والتعليم لفترة طويلة.

في كتابه “العربية الفصحى.. مرونتها، وعقلانيتها، وأسباب خلودها”، يعارض الدراسات الاستشراقية حول نسب اللغة العربية للعائلة السامية، والتي وجدها مطابقة للرؤية التوراتية، مبينّاً أن جذورها لا صلة لها بما افترضه المستشرقون والعديد من الباحثين العرب، ويثبت ذلك آليات التوليد والاشتقاق في العربية التي تظهر اختلافها منذ القدم والعودة إلى المصادر التاريخية والنقوش والقرآن الكريم، كما يحلّل ويعلق على آراء عبد القاهر الجرجاني وابن خلدون وخليل السكاكيني ونعوم تشومسكي حول أصول اللغة وتطوّرها.

وسعى في الكتاب إلى الإجابة عن جملة تساؤلات أساسية حول كيفية تعلّم الإنسان اللغة، واللغة العربية الفصحى لماذا هي لغة إلهامية، وما هي وجوه ودلالات عبقرية العربية في النحو والصرف والمعاني، وكذلك مسألة التعريب والنظرة المعاصرة للغة الضاد في تطبيقاتها العملية، موضحاً تنوّع الاشتقاق في العربية وعدم حصره في الاشتقاق من الفعل والمصدر، وكيف يتبع اللفظ المعنى وليس العكس، مع تقديم العديد من النماذج في تحليل الواقع اللغوي اليومي والمستعمل.

وركّز أيضاً على تعدّد الاجتهاد وتنوّعه في اللغة مثلما توضّحه مؤلّفات التراث التي اختلف فيها اللغويون القدامى في العديد من اجتهاداتهم وقياساتهم على ما استشكل من جديد ومستعار في لغتهم، وكيف أن العامة سارت على هدي اجتهاداتهم المختلفة، محاولاً تطبيق ذلك على اللحظة الراهنة حيث لا صواب وخطأ محدّدين في ترجمة وتعريب العديد من المفردات، أو في تجاوز قواعد إملائية ولغوية ألفها الناس منذ مئات السنين.

أصدر القيسي عدداً من الكتب والدراسات في النقد الأدبي والإعجاز القرآني والاشتقاقات اللغوية، منها: “تجارب في النقد الأدبي التطبيقي”، و”منابع الشعر ومكانة الشاعر”، و”الإعجاز اللغوي في قصص نوح عليه السلام في القرآن الكريم”، و”الإعجاز اللغوي في آيات الصّيام”، و”رائعة ابن أبي ربيعة في حبيبته (نُعم): نقد وتحليل”، و”سر الإعجاز في تنوّع الصِّيغ المشتقة من أصل لغوي واحد في القرآن الكريم”.

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *