جمهور المسلسلات أم جمهور الأفلام في رمضان

* طاهر علوان

إنه موسم المسلسلات بلا منازع بحق في ظاهرة تتعمّق وتتجذّر في كل عام.

يأتي شهر رمضان المبارك فتتنافس العشرات من الفضائيات العربية في ما بينها من أجل اجتذاب الجمهور إليها، وخلال ذلك تمضي سوق الإعلانات إلى أقصى غاياتها حتى أنك تعاف مشاهدة المسلسل من كثرة الإعلانات المتكرّرة والمملّة أحيانا والتي تقطع أوصال المسلسل وتحول دون متعة استمرارية المشاهدة.

ولنعد إلى أصل القصة في ازدهار سوق كتّاب السيناريو خلال شهر رمضان وما هي المواصفات التي يكتبون بموجبها لكي تكون الثلاثون حلقة التي كتبوها أو سوف يكتبونها مرغوبة من جانب جمهور المشاهدين.

معلوم أن الغاية الأولى للمنتج، المستثمر هي استرجاع أمواله من بيع المسلسل الذي أنفق عليه الكثير، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال سيناريو مكتوب بعناية خاصة وبمواصفات تجمع ما بين النمط التجاري وبين الشكل الذي يعتني بالميلودراما والأكشن والشجن النفسي ومحاكاة الحياة اليومية فضلا عن مورد الإعلانات والرعاية.

في مقابل ذلك لا يوجد موسم ذهبي للأفلام كما هو الموسم الذهبي للمسلسلات ولن يقدم أغلب المنتجين على ضخ مالهم على فيلم مدته لا تزيد على ساعة ونصف الساعة في مقابل ثلاثون ساعة تلفزيونية تقريبا تعرض بشكل يومي على الجمهور المتعطش لذلك النوع من المسلسلات (الممطوطة) لكي تغطي أيام وليالي الشهر الفضيل.

والحاصل أننا أمام ظاهرة عربية بامتياز، يتفاعل خلالها المنتجون ومبرمجو الفضائيات مع جمهور متعطش ينتظر بشغف ركاما من المسلسلات لا يربطها رابط فهنالك باقات متنافرة الألوان والأشكال والمعالجات الدرامية من المحتوى التاريخي إلى السياسي إلى الكوميدي إلى الاجتماعي إلى غير ذلك لتقدم للجمهور كل ما يبحث عنه من متعة المشاهدة.

ولعل السؤال الذي يطرح هنا كيف يمكن لذلك الجمهور الواسع أن يلبي كل تلك الفرص للمشاهدة، ومتى سوف يتاح له أن يشاهد العشرات من الساعات التلفزيونية يوميا؟

ما هو سياق التفضيلات، إن وجد، لكي تتاح لذلك الجمهور فرصة الاختيار والتفضيل في المشاهدة في مقابل العملية العشوائية في المشاهدة والانتقال المتواصل من قناة إلى أخرى ومن مسلسل إلى آخر.

ولعل الجواب على ذلك هو انتقائية المشاهدة ما بين كل ذلك الركام وأضف إلى ذلك ما تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي من عمليات إقناع بترشيح مسلسلات في حد ذاتها بأنها هي الأفضل وهي الجديرة بالمشاهدة.

وأما السينما (المظلومة) ظاهريا على سطح الفضائيات فإن مظلوميتها تبدو دائمة، فمتى كانت أغلب الفضائيات لديها أدنى حرص أو اهتمام بالسينما وتحديدا بالإنتاج السينمائي والترويج للخطاب السينمائي المتميز والرصين؟

واقعيّا هنالك تكرار ممل أحيانا في إعادة عرض أفلام مرحلة الكلاسيكيات السينمائية بالأبيض والأسود على شاشات بعض الفضائيات وعرض أفلام أخرى تنتمي لعقود لاحقة من منجز السينما في العالم العربي وبخاصة السينما المصرية، وأما ما عدا ذلك فلا تكترث الفضائيات كثيرا للإنتاج السينمائي وربما تخصص برنامجا أسبوعيا لتتبع أحدث إنتاجات السينما الهوليوودية مما تحفل به منصة نيتفليكس المكتظة على الدوام بالأفلام.

بالطبع هنالك وفرة من الأفلام تجدها في ذروتها في مواقع مقرصنة هنا وهناك والسؤال هو لماذا تضطر الفضائيات التي تعيش أعراس المسلسلات ورواجها التجاري في رمضان الكريم، إلى دفع المشاهد للبحث عن أفلام مقرصنة فيما هي قادرة على استقطاب المشاهد إلى أفلامها الخاصة، أن تنتج بضعة أفلام في العام يكون عرضها خلال شهر السينما كما هو شهر المسلسلات التي يتم عرضها خلال الشهر الفضيل.

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *