جنون الكتابة.. وعقلانيتها

( ثقافات )

 

سعيد الشيخ

 

-1-

ما من كاتب يذهب إلى الكتابة بإرادته، هي تأتيه بنفسها، مرة سلسة وطيّعة تنضح بالغواية، تضع الكاتب في سعادة ورضى مع النفس. ومرة أخرى صعبة وقاسية ومتمنعة، تضعه في معاناة حقيقية وتقيم داخله أعراساً من القلق.

***

للنص جبهات..

جُندها الكاتب وحده، وهو يشتبك مع أفكاره تارة وأخرى مع خوالجه.

***

الكتابة العربية تشكل قطيعة مع القول الشائع “العرب لا يقرأون”.

***

لا ينبغي التخبط بالكتابة الإبداعية، كما يحصل مع الكتابة السياسية!

***

لا جدوى من سؤال: ما جدوى الكتابة؟

لا ينبغي طرحه مراراً وتكراراً، لأنّ الكتابة في أحوال الضيق هي كالماء والهواء. هي روح حيّة تتقد بالأشواق والآمال.

***

هل نعيش عصر غربة النصوص، في إطار ما يمكن تسميته “فوضى التصنيفات”، بحيث تجد النصوص نفسها في أمداء نائية لا افق لها، تخلق ثقافة مشوّهة، وتظل هكذا هزيلة وتائهة؟

***

في الكتابة سموم أيضاً كما في الطعام.

***

تقوم الكتابة على قطبين متناقضين. قطب يدعو إلى الشفاء وقطب يدعو إلى الشقاء!

***

حينما نزل الوحي، قال له: اقرأ. مما يعني أنّ امامه كان نصاً مكتوباً.

***

الكتابة التي تخلو من التجربة.. هي كتابة تخاصم الواقع.

 ***

المنصات الاجتماعية المنتشرة في زماننا هذا حرّرت الكتابة من جديتها ورزانتها.. إنها تبدو رخوة كـ “أيس كريم” يتسم بالميوعة.

***

الكتابة أفضل دواء لتحفيز المخيلة وتنشيط الذاكرة.

***

في أي عمل روائي لا بد من الذاكرة، الذاكرة تفرض نفسها لتصبح هي المحرك الأساس لأحداث الحاضر، وربما تصبح هذه الذاكرة هي بطلة الرواية دون قصد الكاتب!

***

كتابةٌ صاحبها بلا ضمير لا يعوّل عليها.

***

الكتابة وطن من لا وطن لهم، الذين يمارسونها يقيمون في اللغة.

***

الكتابة هي لهفة الأحاسيس في أنْ تتجسد على البياض!

***

الكتابة فتنة.. لها أجراس تقرع، طلقات تدوي، ولها المدى والأصداء.

***

الكتّاب الذين يهجرون أوطانهم من أجل الكتابة، هم الأصدق والأوفى، وهم الجديرون بصفة “المثقف”.

***

لا يمكن التكهن بأن الكتابة ترتبط بزمن معين، هي صيرورة مستمرة إلى المستقبل، وكلما حضر هذا المستقبل فأنها تتطلّع إلى المستقبل التالي.

***

لا شعر في الشعر.. لا قول في الكلام.. لا دهشة تهدهد حُسن الختام.. كتابة هذا الزمان!

***

الكتابة تطوي المسافات وتأتي بمكونات الوجود.

***

يجب على السرد أنْ يتحرر من الثرثرة والتخريف الحكواتي وتلك التفاصيل اليومية، ويعتنق رحاب الفلسفة حيث لا ينقطع حبل الأسئلة المتعلقة بالوجود.

***

في الكتابة السردية أرواح لا يجيد وضعها إلا راوٍ محترف، ولا يستطيع اكتشافها إلا قارئ شغوف.

***

حين ينكب الكاتب على البياض لن تبقى الغابات والمحيطات والسماوات على حالها!

***

يجلس الشاعر خلف الطاولة مع أحلامه يريد تحريرها، فيجد نفسه مكبلاً بظلاله التي نسيها في مكان آخر.

***

يا إلهي…

لهذه الدرجة يتشابه شعر الشباب المحلي مع الشعر العالمي المترجم.. تُرى من هو الذي يسرق من الآخر؟

***

لا يوجد رأياً حاسماً على جودة أو رداءة النص، أنّ المسألة تتعلق بذوق المتلقي.

***

الكتابة لا تخون إلا الذين خانوا مبادئهم وانقلبوا عليها.

***

كي لا تتحول الكتابة إلى ورطة الكاتب، يجب أنْ يجد لمؤلفاته قراء أذكياء يمدون له حبل النجاة كلما وقعت الكتابة في مأزق.

***

عتمة الكاتب حينما يعتقد بأنه أنار “اللمبة”، ويُقابل بقارئ بليد الإحساس بالضوء؟

***

من حسنات الكتابة أنها تعيد للكاتب طفولته وأحلامه المبكرة.

***

في الكتابة، خاصة السردية والفكرية منها، نحتاج إلى ذاكرة يُبنى عليها وليس تكراراً واجتراراً.

***

يشيخ الكاتب ويفنى، أمّا كتاباته فتبقى خالدة.

***

هل يأتي يوم يختفي فيه بريق الكتابة لصالح الصورة؟

-2-

شخصياً، ما من مرة ذهبت إلى الكتابة بتحريض من سعادة، ما يحرّضني على الكتابة هي المعاناة، هي الأسئلة. الكتابة هنا هي لتشريح المحنة وتفكيك الحزن. أمّا السعادة فهي الرجاء الداخلي الخاص جداَ، هي الأمل الذي لا ينتهي.

***

الكتابة، هذا العصفور الصغير المحبوس في صدري، أطلقه للحدائق لكي يزقزق على سجيّته ولأتنفس أنا تحت شجرة من البلاغة.

***

ما وضعت كلمة “حب” في نص، إلا وأصبح النص في اليوم التالي حديقة يئمّها العشاق.

***

حدث يوماً أنْ نمت في قصيدة لم انجزها لنهايتها، استيقظت في اليوم التالي بعينين متورمتين!

***

أمزج الواقع بالعجبة كي تولد المتعة في حشايا الدهشة، ربما صار الواقع أجمل من الخيال. وربما ارتدى النص رداء التجليات.

***

بقيت سنين لا أعرف قيمة ما أنثره من كلمات

حتى صدفة ظهرتِ لي في الطريق

كنخلة صاعدة إلى السماء

***

أيتها الكتابة..

كم دورا لكِ في حياتي.. تكونين مرة قلقي، ومرة خلاصي.

***

لغتي يقيني إلى الحقيقة.

***

أندم على كل لحظة امتلكت فيها الفكرة وبددت كتابتها في انشغال آخر.

***

الكلمات التي لم أقلها ستظل تلوب في خاطري مثل حوِم الفراشة حول الضوء.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

  • *من كتابي ” حوار المعاني” الصادر في الربيع الماضي عن منشورات ألوان عربية

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *