عن دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع صدر مؤخرا كتاب ” جعلوني بوذياً..دراسة مقارنة في التبشير بالفكر البوذي في المجتمعات العربية والإسلامية” للدكتور رؤوف العطار.
تأثرت كتيبات ودورات الطاقة والجذب كثيراً بمفردات وعقائد الديانات الشرقية والبوذية بالذات ، ودخل فيها الكثير من ممارساتها وطقوسها، وهذا واضح جداً لكل باحث منصف، فـ ” التأمل” ، و” اليوجا”، و” الريكي”، و” طاقة البران” ، ومصطلحات مثل “غورو”، و”أتاروماستر”، وتنظيم رحلات للتبت والهيمالايا والهند والمعابد البوذية؛ أصبحت جميعها لا تخفى على أحد، ولا يختلف في دلالاتها اثنان.
يرفض الإسلام الرهبنة “متأصلة في الدين البوذي” لأنه دين الفطرة ، ودين العلم والعمل دين مبني على منهج رباني خلق الكون وخلق الإنسان ويعلم الأنسب له يقول تعالى : أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ونهى عن الرهبنة لأن فيها تعطيل لعمارة الأرض، ووقف للنسل، ومصالح البشر يقول الله تعالى عن النصارى وابتداعهم الرهبانية : وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا
لذلك البوذية سلبت كرامة الرهبان عندما عطلت دورهم الحقيقي في الحياة فمنعتهم من التملك ومزاولة الأعمال وأبسط حقوقهم كالزواج والإنجاب ، فحرمتهم من الحياة الكريمة الشريفة ويكفي إذلال لهم أنهم يعيشون على ما يقدمه الناس لهم أو المراكز الخيرية فأصبح معطل مشلول في حياته .
إن أهم ما يميز الإسلام هو التوازن ومراعاة متطلبات الحياة يقول الله تعالى: وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ..
ومن هنا كانت العبادات في الإسلام تتوافق مع فطر البشر ومع مصالحهم الدنيوية ، وكان الإسلام دين الوسط بين الغلو في الرهبنة والانقطاع عن الزواج والإنجاب والحياة وبين الانغماس في الملذات والشهوات والزنى لذلك سن ضوابط يحفظ بها الضروريات للإنسان وعدم اعتداء الإنسان أو الآخرين عليها . بل ضمنت هذه التشريعات بقائها واستمراريتها لذا نهى الرسول عن التطرف ففي الحديث الذي رواه البخاري قال : ” جاء ثلاثة رهط إلى بيوت النبي يسألون عن عبادة النبي فلما أخبروا كأنهم تقالوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ،قال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال الآخر: أنا أصوم ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء ، فلا أتزوج أبداً فجاء رسول الله فقال :أئنتم الذين قلتم كذا وكذا ، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني “بل أنه صلى الله عليه وسلم جعل على الاتصال الزوجي أجر وحسنات وقد سمى الله تعالى تحريم الطيبات المباحة بالتعدي
وفي البوذية وترك الدنيا دعوة للفقر وترك العمل وتشجيع البطالة والاتكال على الناس مما يضر الفرد والمجتمع ، وقد كان الأنبياء في بداية حياتهم يطلبون الرزق ويعملون، وفضل الإسلام اليد العليا المعطاء على اليد السفلى التي تطلب الآخرين.
إن الإسلام يأمر الإنسان بالمحافظة على نفسه لذلك سن له الوضوء والاغتسال والاعتدال في الأكل والشرب وعدم الإسراف وحرم الانتحار والإجهاض، وأحل كل ما هو طيب وحرم الخبائث