*جمال القيسي
قضيت صباح هذا اليوم مع أمجد ناصر في الذكرى الأولى لغيابه الحامض!
عدت إلى ذاكرة الهاتف. تأكدت أن رقم موبايله في لندن ما يزال موجودا، ولم أبحث عن رقم أردني له كوني لم أتصل به حين عاد إلى عمان بعد أن رأيت صوره في الصحف المحلية ولم أستطع التعرف على ملامحه فيها بسبب اختلاف هيئته وتضخم ملامح وبنيته الجسدية بفعل آثار الكورتيزون. لم أعرفه إلا من شرح الصورة التي كذبت فقالت إنه أمجد ناصر
عدت إلى مراسلاتنا الإلكترونية أو رسائلنا، وأخذت أقرأها وأنا أستمع إلى صوته على يوتيوب. صوته الشجي الذي أحبه وأميزه من بين ألف صوت. استعدت (غالبية) رسائلنا. و(رسائلنا ليست مكاتيب) حسب تعبير إلياس فركوح عن رسائله مع مؤنس الرزاز. أعني برسائلنا تلك التي بدأت مني في عمّان منذ العام 2002 ، واستمرت حين كنت في عدة ولايات أميركية 2011 و2012 ، وتواصلت وأنا في أبوظبي 2012 و2013 و 2014 و 2015 ، وتابعناها حين عدت إلى عمان في 1/2/2016 عشرات الرسائل القصيرة المكثفة المباشرة الواضحة.
عثرت من بين تلك لا بل هذه الرسائل على أسئلة حوار أرسلتها له من بريدي الخاص في ديسمبر 2012 بعد لقائنا السريع في عمان خلال حفل توقيع كتابه “بيروت صغرة بحجم راحة اليد” الذي كان مذكرات يومية كتبها بخط يده أثناء حصار بيروت 1982 . ليلتها ودعته وتعانقنا وكانت آخر مرة أراه فيها وأول مرة أعانقه، وللدقة أنا لم ألتق بأمجد وجها لوجه سوى مرتين قبل هذه الأخيرة. من قال إن اللقاءات في الزمن الرقمي شرط أساسي أو ضروري للصداقة؛ فلدي أصدقاء وصديقات تربطني بهم علاقات روحية وفكرية وشيجة أكثر من أشخاص ما أزال أراهم ولا ينقطعون عني! لي أصدقاء أثيرون لم ألتق بهم ولا حتى مرة واحدة مثل باسل رفايعة أو التقيتهم مرة واحدة زياد بركات.
كانت هذه أسئلة الحوار حسب الايميل المرسل ذات ليلة أولى في فندق خمس نجوم أقمت فيه أكثر من شهرين على نفقة جهة العمل ريثما انتقل للسكن الشخصي. بدأت بإعداد الأسئلة ليلة وصولي من شدة حماستي للعمل، وكنت قد أتيت على كتاب المذكرات اليومية “بيروت صغيرة بحجم راحة اليد” دفعة واحدة في الطائرة بعد أن أقلعت حزينة من مطار الملكة علياء حين شيعتني عمان في ذلك المساء بالأمطار الغزيرة كعادتها كلما سافرت:
“صديقي الأثير الشاعر أمجد ناصر
تحية المحبة والاحترام
بين يديك أسئلة حوار والاعتذار مرفوض و”منك أزعل“!
1- ها هو كتاب المذكرات “بيروت صغيرة بحجم راحة اليد” يزهر بعد ثلاثين عاما على الخروج من بيروت.. هل هو الوفاء ولمن؟ أم هو تجشم دور الناطق الإبداعي باسم كثير من المبدعين الذين عاشوا تلك المرحلة لكنهم لم يشهدوا لها أو عليها؟
2- الكتاب هو يوميات كتبتها بذاك الوعي وذاك المستوى. هل ثمة صعوبة يكابدها الشاعر/الأديب حين ينشر ما كتبه قبل ثلاثين عاما؟ لا سيما وقد نضجت تجربته ورسخ حضوره في المشهد الشعري/ الأدبي؟ ماذا أضفت وماذا حذفت هل تجرؤ على الاعتراف؟
3- ماذا أتاحت لك روايتك ” حيث لا تسقط الأمطار” في التعبير. هل منحتك الرواية فضاء ضن عليك به الشعر؟
4- وصف النقد روايتك “حيث لا تسقط الأمطار” بأنها “سيرة ذاتية” وليست “رواية بتقنية السيرة ذاتية”؟ كيف تدافع عن نفسك في ضوء مقولة عبد الرحمن منيف “إن من يكتب سيرته الذاتية، سيكتب رواية واحدة فقط”؟
5- هل يحتاج المبدع العربي إلى أدوات واجتراحات جديدة في ظل هيمنة الصورة والسرعة المذهلة؟
6- ماذا عن ترهل النقد العربي واتكاءاته على الكلاسيكية الأكاديمية الجامدة؟
7- ما المحنة التي يعيشها الكاتب العربي ؟
8- بأي ظروف من الممكن أن يعود أمجد ناصر إلى عمان؟
* أرجو التكرم بالإطالة في الإجابات وبلا حدود لعدد الكلمات.
بانتظارك. فلا تتأخر صديقي وما كنت يوما متأخرا ههههه“.
لم يرد أمجد فأرسلتها ثانية من بريد الصحيفة الإلكترونية التي صرت أعمل فيها. رد أمجد على الأسئلة بعد أيام بإسهاب وتدفق وعلى بريد العمل. قرأت أسئلة الحوار اليوم، فتذكرت جوهر ردود أمجد لكني لم أجد (الايميل) بالطبع والذي تضمن ملف الإجابات الحرفية لأن بريدي الإلكتروني تم إلغاؤه بعد الاستغناء عن خدماتي في تلك الصحيفة..
إلى اليوم لا أعرف سر الاستغناء عن خدماتي في تلك الصحيفة، أو لا أريد الخوض فيها على وجه الدقة، ولا يهمني ذلك الأمر كثيرا اليوم، لكن يهمني وأتمنى فقط، الحصول على رسالة أمجد التي رد فيها على الحوار. ذاك الحوار الذي أعددته للنشر فرفضه مدير التحرير لأسباب تتعلق بعدم ارتياحه الشخصي لي ولأصدقائي بعد أن كان معجبا بي وبهم أيما إعجاب!
يقول البريد الإلكتروني أني رويت قصتي مع تلك الصحيفة باختصار لأمجد ناصر فكتب لي: سبحان مغير الأحوال. قلبي معك
- عن موقع تنوير الأردن