استفسارات أولية حول كتاب:مفاهيم، رؤى، مسارات و سير.. نصوص رائدة

*خاص – ثقافات

*سعيد بوخليط

لتسليط الضوء على ظروف إصدار هذا العمل الأخير،وكذا بعض اهتمامات سعيد بوخليط الفكرية والمعرفية، يلزم بالتأكيد الاستفسار عن الأسئلة الأولية التالية:

*أهم أطروحات وأفكار وقضايا كتاب :مفاهيم، رؤى، مسارات وسير؟

صدر كتاب :”مفاهيم، رؤى، مسارات وسير.. نصوص رائدة”عن منشورات عالم الكتب الحديث الأردنية، في حدود ثلاثمائة صفحة، من القطع المتوسط. انطوى عبر معطيات عناوينه الكبرى،من خلال مقالاته التي بلغت تقريبا ستين دراسة،على تفاصيل أخرى متشعبة إلى حد ما،تناولت قضايا معرفية ومجتمعية،سواء في بعدها التاريخي أو الراهن.انطلاقا من وجهات نظر متعددة إبستمولوجيا وإيديولوجيا وسير- ذاتيا وفلسفيا وتأريخيا توثيقيا وصوفيا وسوسيولوجيا وأنثروبولوجيا ولسانيا.لذلك، مثلما يبدو للوهلة الأولى،سعيت بهذا الكتاب إلى جانب طبعا أعمال أصدرتها سابقا وأخرى آتية حتما لاحقا، نحو التوثيق بطريقتي الخاصة لمجموعة نصوص أتبيَّنها مهمة،حتىلاتضيع هكذا هباء،دون الوقوف متأملين فحواها واستلهام كنه مضامينها.بالتالي، كلما وضعت يدي،على نص من تلك العينة، التي أحبها، صدفة أو تنقيبا،إلا وفكرت منذ الوهلة الأولى في ترجمته والتعريف  به عربيا،حتى تعم الفائدة وتفتح منافذ جديدة للتناظر والنقاش،ثم الأهم توسيع آليات الحوار الثقافي، وتعضيدميكانيزماتاستشراف المفاهيم، لاسيما أن الأسماء الفكرية الواردة سواء في كتابيالحالي أو عناويني السابقة،تشكل في جل الأحيان علامات بارزة للثقافة الإنسانية،تزخر  نصوصها بحمولة معرفية ورؤيوية موسوعية قدر عمقها.يكفي أن أستعرض بسرعة أسماء مثل :تودوروف،جوزيه ساراماغو،لوي ألتوسير،موريس بلانشو،ألبير كامو،بيير بورديو،جبران خليل جبران، إدموند هوسرل،جيل دولوز، كارلوس فوينتس، ميشيل فوكو، جاك ديريدا، حنا أرنت، إدغار موران،غاستونباشلار، باتريك موديانو،غوستاف لوكليزيو، فاطمة المرنيسي،عبد اللطيف اللعبي،الطيب صالح، فرانز كافكا،غابريل غارسيا ماركيز، رولان بارت،إدوارد سعيد، جورج بوليه، عبد الرحمن بن خلدون، أوغست كونت، القديس أوغسطين، ماركس، أفلاطون، هيدغر،كانط،  سارتر،شوبنهاور،بودلير، محمد أركون، ولادة بنت المستكفي، أبو العلاء المعري، أبو نواس، النفزاوي، الجاحظ…إذن، مثلما نلاحظ،هي كوكبة  أدباء وفلاسفة وشعراء وعلماء، ينحدرون من ثقافات غربية وشرقية، انكبت اهتماماتهم على  جوانب عدة أرست لبنات تحديث أفكارنا الوجودية.أما بخصوص الموضوعات والتيمات، التي تطرقت إليها صفحات هذا الكتاب. فيمكن إجمالها اختصارا، كالتالي :الديمقراطية؛المرأة؛الفلاسفة والجنس؛نشأة الرواية؛ الفلسفة الظاهراتية والنقد الأدبي؛الهيمنة الذكورية؛الموت الميتافيزيقي؛نشأة الرواية؛فلسفة الهنود الحمر؛الصحافة الحرة حسب وثيقة تاريخية وجدت في أرشيف ألبير كامو؛مآلات الربيع العربي؛ الوطن؛ الاستعمار؛الرسائل الغرامية العاشقة بين كامو والممثلة ماريا كازارس؛ نضال المثقف؛ التمرد على الأديان؛ تفكيك الأساطير؛طبيعة العلاقة بين فوكو ودولوز؛تفاصيل جنون لوي ألتوسير وقتله لزوجته؛قراءة باشلار لقصيدة بودلير؛مقاربة إدوارد سعيد لتصور كامو بخصوص الاستعمار الفرنسي للجزائر؛أديبات مغاربيات يكتبن باللغة الفرنسية…؛إلخ.

*كيف تبلورةفكرة إنجاز هذا العمل؟

لاشك أن تراكممتون القراءة، والملاحقة الدائمة لمستجدات الكتابات الصادرة هنا وهناك،يوفر لصاحبها مادة فكرية تتوخى ضمنيا خلق حوار،بين الكاتب وقراء مفترضين،ربما جاء المترجم كي يمثل دور الوساطة بينهما.من  ثمةتأتي دقة المهمة الملقاة على عاتقه، بخصوص حرصه الشديد كي يوجه سياق التأويل وفق الإشارات الضمنية والصريحة لبنية النص التركيبية والدلالية والتداولية.هذا ما أحاوله كل يوم،وأنا أفكك على قدر المستطاع،بعضا من تضمينات تلك النصوص،غير المحتفِلة أو المهتمة ،سوى بالإيحاء العميق،انطلاقا من حقول وتخصصات معرفية يمكنني التفاعل معها بشغف،في حين لاتزال أخرى مستعصية على صبري، المطلب الذي يقتضي مزيدا من الاجتهاد والاشتغال.إذن، أساس البرنامج في التوثيق،وخلق إشعاع فكري بطريقتي الخاصة. طبعا يستغرق الإنجاز كما حدث مع كتبي السابقة،سنوات من العمل والإنتاج، ثم خلال لحظة من اللحظات ودون سابق تدبير،يلح عليك المولود بقوة.

س-ماهو المنهج المتبع لتجميع نصوص هذا العمل؟

ليس بالضرورة، منهجا تقليديا منطويا على خلفية أكاديمية صرفة.وأقرب المناهج إلى قلبي،تكمن أولا وأخيرا في الشغف والعشق والقراءة الحالمة المتيقظة كما تصورها غاستونباشلار.فحينما أجدني، صدفة أو تدبيرا،أمام نص جميل ومعبر وموحٍ،أثار مخيلتي أولا وقبل كل شيء،أمتثل لحظتها أمامه،بكل جوارحيراغبا في الانصات لمنطوقه واستلهام إضافته،ثم توسيع دائرة هويته،بعرضه أمام القارئ العربي للتداول على نطاق واسع.في نهاية المطاف هي موضوعات تتراوح بين المعرفي والجمالي والإيتيقي والإيديولوجي والتأريخي والبيوغرافي،لذلك تختلف بالتأكيد من حيث نوعية مقارباتها وطبيعة خلفيتها النظرية،لكنها تأتلف هنا منهجيا ضمن بوثقة واحدة، تتمثل في الورشة التناظريةبين بعض من الأسماء التي أرست أو عضدت معالم التفكير الإنساني البناء.

*ماهو الجمهور الذي يخاطبه الكتاب؟

ليس بالضرورة المختصين،لأنه مثلما يلاحظ فموضوعات الكتاب تتأرجح قوة وليونة، نفاذا وبروزا، تنظيرا و إقرارا، عسرا ويسرا،تمكُّنا وانفلاتا،تصريحا وتضمينا.لذلك يتباين حتما وقع خطاب مقالات مثل :الأسلوب و”الحق في الموت”(بلانشو)،أن تكتب عند تخوم الفراغ (بلانشو)،ملاقاة العالم(إدموند هوسرل)،الرب، الهاتف المحمول وصوت ماوراء القبر(ديريدا)،النزعتان الانسانيتان(إدغار موران)،تفكيك الأساطير(محمد أركون)…مقارنة مع أخرى جاءت عناوينها كالتالي :حياتي مع باشلار(عبد اللطيف اللعبي)،سأحبك حتى آخر لحظة(ألبير كامو)،الانبهار أمام الحياة(جبران خليل جبران)،فلاسفة والجنس، فلسفة الهنود الحمر، متمردون على الإسلام ….أو أطروحات أقل صرامة نظرية،ذات طابع صحفي مباشر.ك : فتيات سعوديات يرتدين مثل الذكور،ماهية الصحافة الحرة(كامو)،باتريك موديانو لحظة تسلمه جائزة نوبل للأداب،الكارثة الثقافية(اللعبي)،الربيع العربي(الأمير هشام العلوي)، وداعا (غارسيا ماركيز)، إلخ.لذلك، تختلف وضعيات التلقي ومستويات التجاوب، من نص إلى ثان،عبر احتفالي المستمر بحضور قارئ، ينقب بين دفتي النصوص،فيرشح هذا النص أو ذاك .من هنا،تكمن الفائدة العملية والبيداغوجية لتجميع نصوص متباينة النزوع والمنحى،ضمن إطار مصنف واحد. خطاب في غاية الديمقراطية، يتطلع كي يرخي السمع للجميع.

*ماهو جديد الكتاب الحالي على مستوى المضمون والأسلوب؟

ج-يصعب حقيقة،أن أكون لاعبا وقاضيا في نفس الوقت،لذلك تظل مسألة تحديد تقييم محايد وموضوعي لِجِدَّة عملي أو رتابته قياسا لما نشرته سابقا، متروكة أساسا للقراء. لاسيما من يتابعون بشكل من الأشكال مسارات مشروعي الاصداري،منذ أول منشوراتي،التي تعود إلى أواسط التسعينات،ثم تحققت التراكمات،التي أردتها دائما أن تكون نوعية قدر استرسالها الكمي.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *