خاص- ثقافات
*زاك سيمس/ ترجمة : د. محمد عبد الحليم غنيم
كان الجو دافئاً جدا في فبراير ،وكانت الشمس بارزة وقد انسحبت برودة الشتاء الكئيبة ، ولو لفترة وجيزة للسماوات الزرقاء وشروق الشمس البهيج .
كنت فلادفيا في فندق على شارع الطريق السريع ، في الدور الخامس عشر . تستطيع أن تجلس في الحانة الصغرة هناك في الغرفة والنوافذ تحيط بك من كل الجوانب فيما عدا خلفك . تستطيع أن ترى كل ما حولك . جلست هناك مع الويسكى والماء أراقب المدينة تمر من تحتى . شاهدت سيارات الأجرة وهى تمر ، وكثيراً من الناس يمشون بصورة أبطأ في هذا الدفء غير المتوقع . شاهدت الشمس وهى تختفى خلف البنايات ، وعرفت أن اليوم التالى سيكون شتاء بارداً آخر من جديد .
جاء ت ليزا في الثانية صباحاً . كان الجو مظلماً في الغرفة فيما لم تكن قد أشعلت النور . رأت ظلى في النافذة فأسرعت تقول :
-
ماذا تفعل ؟
-
أنا فقط أنظر .
-
إلى ماذا ؟
-
المدينة …. الأضواء .
توجهت نحو الحمام ، وسمعت النقرة الناعمة للباب وهى تغلقه ، وشاهدت الضوء البرتقالى يتسرب من تحت عقب الباب . خرجت بعد دقائق ، وهى في فوطة الحمام .
قالت :
-
أنا مرهقة .
فقلت :
-
ليلة – سعيدة .
-
هكذا
-
هكذا
-
هل تود أن تبقى هناك طوال الليل ؟
فقلت :
-
أظننى سافعل ذلك لقد رأيت الشمس وهى تغرب ، وأعتقد أن سيكون جميلاً أن أراها وهى تشرق من جديد .
– أنا تعبانة وذاهبة إلى السرير .
-
ليلة سعيدة
نظرت أسفل إلى الشارع ، كانت الأضواء تلمع في لونها البرتقالى و مازال هناك أناس يتمشون ولكنه ليسوا كثيرين . أستطيع أن أرى مركز كاميل التجاى مضاء كله من الداخل من تحت الزجاج . كانت هناك طائرة قادمة في الأفق جنوباً إلى المطار ، تساءلت من أين هى قادمة .
دخلت ليزا في السرير وسمعت صوت هسسة الملاءة الحرير فوق جلدها . كانت تريد أنظر إليها ، ولكننى كنت فقط أنظر إلى الأضواء في الخارج.
كان هناك شخصان اثنان في أعلى مدخل الجراج عبر الشارع ، بنت و ولد ، كانت البنت تجلس على الأرض الأسمنتية والولد فوق لوح التزحلق ، يتحرك في دوائر ويقوم بعمل ألعاب وحيل . في أغلب الأحيان ظل يتزحلق بجوار الفتاة . تكلما مع بعضهما للحظة ، ثم اندفع الولد في دائرة أخرى أكبر ، وقام بعمل حركات وحيل أكبر . أما البنت فجلست هناك تراقبه حتى عاد إليها .
كانت ليزا صامتة ، ولكن أستطيع القول أنها مازالت متيقظة، بسبب صوت تنفسها .
سألت :
– ماذا هناك ؟
قالت :
– لا شيء .
– إذن نامى
– لماذا لل تأتر إلى السرير .
– لست مرهقاً .
– أأنت سكران ؟
قلت :
– نعم .. لكن من يهتم ؟
– أنا لا أهتم .
قالت ذلك ، ثم سمعت الهسيس مرة أخرى و هى تستدير بعيداً عنى
سألت :
– أين كنت الليلة .
– أنت لا تهتم .
– ربما لا أهتم.
– أعرف أنك لا تهتم .
– و مع ذلك أين كنت ؟
– في مكان ما .
– أى مكان ؟
قالت :
– مكان لا تعرفه .
سمعتها وهى تجلس في السرير . كانت تنظر إلى . أستطيع أن أرى صورتها المنعكسة في الزجاج . لم أنظر نحوها .
قالت :
– أنت لا تهتم على أية حال .
– هل أكلت ؟
– نعم أكلت .
– هل لديه ذوق في الطعام ؟
عادت لتنام على السرير مرة أخرى ، و أخرجت نفساً مرهقاً .
– بالطبع لديه ذوق
– أين أخذك ؟
– إلى منزل الكوبى .
قلت :
– عصرى جداً .
– حسناً ، هذا أفضل من الجلوس هنا و النظرعبر النافذة طوال الليل.
– أهو كذلك ؟
– نعم هو كذلك .
قلت :
– ليس صحيحا .
كان الرفيقان يجلسان الآن في مدخل الجراج فوق الأعمدة الخرسانية ، البنت تواجه الولد الآن . و كان هو ينظر إلى الأمام ، يتحدث ويشير بيديه وهى تومئ من الحين إلى الآخر و تلقى برأسها إلى الخلف و تضحك .
قلت لليزا :
– اذهبى إلى السرير
– أنا اذهبة .
– سأجلس هنا طوال الليل حتى تشرق الشمس .
– بالطبع ستفعل .
سمعتها و هى ترقد .
– وبعد ذلك سوف أنتظرك في الصباح و سوف آخذ قيلولة بعد أن تخرجى . . عليك أن تضعى لى في الخارج إشارة بدون إزعاج لى عندما تخرجين
– سأفعل
– حسناً ، أيمكن عندما تعودين أن تحضرى لى بعض الطعام ؟
– بالطبع . ماذا تحب .
– أكل صينى ، مكرونة . أو شيء ما . المهم لا أكلات بحرية .
– حسناً .
– وربما بعد أن آكل تستطعين أن تحضرى لى زجاجة أخرى.أنا تقريباً نفد ما لدى من شراب .
قالت :
– سأفعل .
أستطيع أن أقول أنها كانت تعبانة الآن . كانت تتحدث، ووجها فوق الوسادة ، فكلامها كان مختنقا إلى حد ما .
– وعندما تعودين بالزجاجة بعد أن ترى صديقتك يمكننا أن نتحدث لفترة ، وربما ننام معاً
ظلت صامتة لوقت طويل . وأخيراً قالت :
– أنا ذاهبة للخروج معه .
– من ؟
– المدعو .
– المدعو من المنزل الكوبى ؟
قالت :
– نعم .
– أوه .
قلت ذلك ،و كان هذا كل ما استطعت أن أفكر فيه.
أسفل في الشارع رأيت رجلاً يمر على دراجة ، كان يعبر الشارع بلا خوف وهو واقف على البدالة .
– سأحضر لك الطعام و الزجاجة و عندئذ سأعود لأحزم أمتعتى وأرحل معه .
سألت :
– إلى أين ؟
– أى مكان .
قلت :
– حسناً . نامى الآن ، أنت مرهقة ن سأجلس هنا و أنتظر حتى شروق الشمس ، و بعد أن تذهبى سآخذ تعسيلة لبعض من الوقت
قالت :
– أعرف .
نهض الرفيقان في مدخل الجراج لكى يغادرا . و ضع الولد لوح التزحلق تحت أحد ذراعيه . ولف ذراعه الأخرى حول البنت و مشيا عبر السديم البرتقالى ثم اختفيا وراء البناية التالية .
كانت السماء في الشرق مظلمة ، ولكن في الأفق،فوق حديقة نيوجرسى كانت النجوم شاحبة ، و كان هناك وهج ضعيف، حيث كانت الشمس على وشك الشروق
إنها نائمة الآن ، أستطيع أن أقول ذلك من صوت نفسها ،نظرت إلى الأسفل نحو الشارع . لم يكن هناك أحد يمشى في الشارع الآن، وكان الشارع خالياً ،فلا يوجد هناك حتى سيارة أجرة . سكبت بعض الويسكى في كاسى ، ولم يكن لدى ثلج .
جلست هناك وانتظرت . يمكن للشمس أن تشرق الآن .
كنت أن أعرف أن الدنيا ستكون برداً مرة أخرى اليوم . لقد كنت أعرف أنه كان ربيعاً كاذباً .
المؤلف :
يعيش جاك سيمس : كاتب أمريكى يعيش في ولاية مسيورى ، حيث يعمل موظفاً بشكل مؤقت .ينشر قصصه في العديد من المجلات الرقمية المعروفة.
___________________