الأميركيون يبعثون فرجينيا وولف

*محمد علي صالح

يوجد مبنى عال عند طرف «كوبري بروكلين» (يربط بين نيويورك وضاحية بروكلين، عبر نهر هدسون). هذا هو مبنى جامعة بيس (15,000 طالب تقريبا، في نيويورك. وهي تعتبر جامعة صغيرة بالمقارنة مع جامعة نيويورك 50,000 طالب تقريبا، وجامعة كولمبيا 30,000 طالب تقريبا). لكن فيها أكبر مركز في الولايات المتحدة لدراسة روايات البريطانية فرجينيا وولف. ويوجد المركز كجزء من كلية الدراسات الاجتماعية، جنبا إلى جنب مع مركز الدراسات الأنثوية.

وولع الأميركيين (خاصة الأميركيات) بالروائية البريطانية يعود إلى 50 عاما تقريبا، فهم يرون رواياتها رائدة، سبقت إسهامات كاتبات أميركيات، إذ بدأت بنشر أعمالها في بريطانيا قبل قرابة 100 عام.

تختلط في مركز دراسات وولف المتعة بالدراسة، إذ توجد لافتات وإعلانات عن أفلام سينمائية صدرت اعتمادا على روايات وولف. ويقبل الطلاب على مشاهدة الأفلام كجزء من دراساتهم الأكاديمية. فهذا ملصق لفيلم «مسز دالاوي»، وآخر لفيلم «ساعات». وهناك حلقات من برنامج قدمته الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن وولف. وتعرض كذلك صور، منها صورة بعنوان «حفل العشاء» عن رائدات حركة تحرير المرأة حول العالم، ومنهن وولف.

وكانت شركة أمازون قد نشرت الشهر الماضي رواية «مسز دالاوي» في أول طبعة إلكترونية.

خلال هذا العام، صدر، أو سيصدر، 20 كتابا لها، أو عنها، أو عن روايات، أو مواضيع، لها صلة بها. مثلا: «فرجينيا وولف ولندن: السياسة والجنس». «لندن في عصر فرجينيا وولف» «مسز دالاوي» (نسخة ورقية). «ثلاث نساء» (اعتمادا على «مسز دالاوي»). «غرفة خاصة بي» «الحداثة» (عن الروائية). «أحسن 10 كتب نسائية» (واحدة منها «مسز دالاوي»).

ولدت فرجينيا وولف عام 1882 في كينسنغتون في بريطانيا، وتوفيت عام 1941. في رودميل، على مسافة ليست بعيدة من مكان ولادتها، منتحرة غرقا.

ملأت جيوب ملابسها بحجارة ثقيلة، وقفزت في نهر أوسي. ولم يعثر على جثتها إلا بعد 3 أسابيع. حرق زوجها جثمانها، ودفن رماده تحت شجرة في رودميل. وكانت قد تركت لزوجها رسالة تقول فيها: «يا عزيزي، أحس بأني صرت مجنونة مرة أخرى. وأعتقد أنني لن أشفى هذه المرة. أسمع أصواتا في أذني. ولا أقدر على التركيز. لهذا، سأفعل ما أراه أحسن ما سأفعل…».

كانت عانت من مشاكل نفسية منذ أن كانت صغيرة. توفيت والدتها وهي في سن صغيرة، ثم توفي والدها. تعرضت لعدة مضايقات جنسية، وعاشت سنوات في مصحات عقلية. وكان ختام ذلك تدمير منزلها بطائرات ألمانيا الهتلرية خلال الحرب العالمية الثانية.

كانت تلك ثاني حرب عالمية تعيشها، بعد الحرب العالمية الأولى، التي أثرت كثيرا على رواياتها (وعلى نفسيتها). لكن، خلال السنوات بين الحربين، اشتهرت، ليس فقط وسط المجتمع الراقي الذي انتمت إليه عائلتها، ولكن، أيضا، وسط عامة الناس الذين أثار انتباههم رواياتها المؤيدة لحقوق المرأة.

_______
*الشرق الأوسط

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *