*الفاهم محمد
أثار موضوع (الأمو – Les Ummites) أو (الأمو – Les Ummo) وهي التسمية التي يشتهرون بها، خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي ضجة إعلامية هائلة، وأسال مداداً كثيرا. خصوصاً عندما انكب على دراستهم جان بيير بوتي وهو عالم فرنسي مرموق في الفيزياء النظرية وعلم الفلك ومدير سابق للأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي CNRS، ذلك أن انضمام شخصية بحجمه إلى عالم اليوفولوجي يعطي وزنا كبيرا للموضوع.
بدأت قصة الأومو حين قام مجموعة من الإسبان المهتمين بموضوع الكائنات الفضائية، وعلى رأسهم أنطونيو ريبيرا بإفشاء هذا السر الكبير، مدعين أنهم تلقوا رسائل كثيرة من زوار فضائيين. وهكذا أصبحت هذه الرسائل موضوع دراسة من طرف العديد من المتتبعين. بعد ذلك توالت التصريحات من العديد من الشخصيات في ألمانيا وأميركا وفرنسا وكندا وغيرها، أكدت هي الأخرى أنها تلقت مثل هذه الرسائل. نحن نتحدث هنا عن الآلاف من الوثائق التي تتضمن معلومات عالية الدقة في مختلف المجالات العلمية. وكما قال جان بيير بوتي «لو كانت هذه الوثائق ملك شخص ما أراد أن يفبرك مثل هذه القصة لكان أولى به أن يتقدم بها لجائزة نوبل لأنه حتما سيفوز بها». اطلع هذا العالم على هذه الوثائق لأول مرة – كما يقول – عندما قدمها له زميل له، فوجد أنها تتضمن معلومات علمية لا يمكن أن تكون في حوزة أي كان. إنها معارف دقيقة في تخصصات علمية مثل علم الفلك والرياضيات والبيولوجيا والتاريخ وغيرها. هل الأمر إذن يتعلق بخدعة كبيرة ذات بعد كوني أم أن الأمو كائنات فضائية حقيقية؟
التقطوا إشارتنا!
في أوراقهم هذه يقول هؤلاء الزوار الغرباء أنهم ينتمون لكوكب (أمو Ummo) الذي يبعد عن الأرض بحوالي 14 سنة ضوئية، والذي يدور حول نجمة مزدوجة تدعى (وولف 424 Wolf) في مجموعة العذراء. وأنهم قدموا إلى الأرض سنة 1950 بعد أن التقطوا بشكل عرضي إشارة قادمة من سفينة نرويجية كانت تبث رسالة بشيفرة مورس. تم فك هذه الشيفرة وعرفوا أن رسالة من هذا النوع لا يمكن أن تبث إلا من طرف كائنات عاقلة (Extra ummite) هكذا قرر هؤلاء الغرباء زيارة كوكب الأرض. عندما وصلوا كانت مهمتهم في بداية الأمر القيام بدراسات علمية حول الغلاف الجوي الأرضي، وكذلك الاطلاع على عادات وثقافات جنس الإنسان. إن ما ساعدهم على هذا هو أنهم يشبهوننا إلى حدود بعيدة، فهم أقرب إلى مظهر سكان الدول الإسكيندنافية ببشرتهم الفاتحة وشعرهم الأشقر وعيونهم الزرقاء الصافية. الفرق الوحيد بيننا وبينهم هو أنهم لا يعبرون عن أفكارهم مثلنا بوساطة الجهاز الصوتي، بل بوساطة التخاطر كما أن حاسة الشم جد متطورة لديهم مقارنة بما لدينا.
من الناحية الحضارية يعرف الأمو أنفسهم بكونهم يمتلكون ثقافة قديمة زمنيا مقارنة مع الحضارة البشرية. وبالتالي فهم يمتلكون تكنولوجيا متطورة بالنسبة لما لدينا اليوم، هم – على سبيل المثال – قادرون على الانتقال من كون إلى آخر بسرعة تتجاوز سرعة الضوء. في أوراقهم هذه يبدي الأمو تعجبهم من التعدد الثقافي الهائل الذي يوجد فوق الأرض، سواء في الأنساق السياسية المختلفة، أو اللغات المتعددة، أو كذلك العادات والسلوكات، كما يخبروننا كذلك أنهم لا يريدون الظهور بشكل علني، لأن نظامهم الأخلاقي يمنعهم من خلق صدمة داخل حضارتنا الفتية.
إضافة إلى ما سبق تقدم هذه الأوراق صورة عن حضارة كوكب الأمو، حيث الفرد عندهم يشكل حلقة ضمن النسيج الاجتماعي المترابط ، فالتركيز إذن هو على وحدة الجماعة وليس على الفرد، مما يعني أن ظاهرة الفردانية التي تعرفها المجتمعات البشرية تظل غريبة لديهم. يمضي الأمو سحابة يومهم في التأمل والتفكير والعمل، على عكسنا تماما حيث نلهث من أجل مراكمة الخيرات وإبراز التفوق المادي. تتناول الأوراق كذلك قضايا اجتماعية وفلسفية عديدة مثل الإرادة الحرة والسعادة والأخلاق، إضافة إلى قضايا علمية جد متخصصة مثل طي نسيج الفضاء، والأكوان المتعددة، والتطور البيولوجي، وعنصر الغرافيتون وهو عنصر افتراضي نظري طرحه الفيزيائيون عندنا من أجل تفسير الجاذبية. كما تقدم أوراق الأمو تفسيرا للثقوب السوداء باعتبارها أنفاقاً تقودنا إلى أكوان وفضاءات أخرى، والعديد من القضايا الأخرى.
حالة بوتي
لم يكتف جان بيير بوتي ببعض الظهورات الإعلامية التي أدلى فيها بتصريحات حول هذا الموضوع، بل زاد على ذلك بأن كتب مؤلفات أصبحت اليوم من كلاسيكيات علم اليوفولوجي. من هذه الكتب كتابه الصادر سنة 1991 (تحقيق حول الكائنات الفضائية الموجودة مسبقا بيننا) و (لغز الأمو) سنة 1995، و (الصحون الطائرة المجهولة الهوية والأسلحة السرية الأميركية) 2003.
تطرح حالة جان بيير بوتي نفسها بشكل خاص؛ فنحن أمام عالم رصين ومسؤول عن كل ما يقوم به من أبحاث أو ما يدلي به من تصريحات، وليس مجرد باحث هاو يعشق التنقيب في هذه المواضيع الغريبة. كان ستيفان هوكينغ قد سخر مرة من هؤلاء الذين يدعون أنهم اختطفوا من الكائنات الفضائية، أو أنهم رأوا صحوناً مجهولة الهوية، وأبدى امتعاضه من هذا الموضوع متسائلاً: لماذا مثل هذه الأحداث لا تقع للعلماء. ها هو إذن عالم معترف بمكانته العلمية يتناول موضوع الكائنات الفضائية ويدافع عن وجودها.