فيسبوك موريتانيا.. الوجه الآخر!

خاص- ثقافات

 

*محمد سالم عبد المجيد

 

كان الفنّان التشكيلي خالد مولاي إدريس موفقاً إلى حدّ بعيد، عندما جسّد في إحدى لوحاته حالة السيطرة التي فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع الموريتاني في الوقت الراهن، وهي تلك اللوحة التي تُظهر أسرةً من أب وأم ورضيع في بهو منزل تقيم الشاي على عادة معظم الأسر هناك.

هذه الأسرة ـ كما تُبيّن اللوحة ـ تعيش حالة من “القطيعة الاجتماعية” جعلت الأب منزوياً في ركن من البهو منقطعاً إلى هاتفه، سابحاً في عالمه الافتراضي، غير عابئ بالجوّ الأسري الذي يُفترض أن يعيشه في بيته كأب بين عائلته.

أما الأم ـ التي تعد الشاي ـ فهي أيضاً تعيش حالة انقطاع كليّ إلى هاتفها أيضاً للتصفح وأخذ صور سيلفي، لدرجة غابت معها عن الإحساس بالواقع من حولها ما جعلها تسكب شاياً ساخناً على جسم رضيعها دون أدنى شعور بذلك، ظناً منها أنها إنما تصب الشاي من كأس لأخرى!

هذه الواقعة البسيطة تتجاوز في أبعادها السوسيوثقافية لحظة إبداعية اقتنصتها مخيّلة فنان، لتجسّد حالة من “الواقعية الثقافية” يعيشها المجتمع الموريتاني الآن بعدما تملّكه سلطان الفيسبوك بشكل مريع.  صحيح أن الإنسان اليوم أخذ يتحوّل من الواقعي إلى الرقمي في كثير من مناحي حياته رغماً عنه، وصحيح أيضاً أننا نعيش الآن حقبة الإنسان الآلي وعصر إنترنت الأشياء، وأن هذا الفضاء العنكبوتي غير المتناهي بات جزءاً ضرورياً من حياة الإنسان لا يقل أهمية عن مأكله ومشربه وملبسه، لكن نظرة متفحّصة على واقع المجتمعات انطلاقاً من مراعاة خصوصياتها الثقافية والاجتماعية، تعطينا مؤشراً سلبياً على تعاطي معظم الموريتانيين مع وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً فيسبوك.

فهذا المجتمع المفتوح تحوّل في معظمه إلى كائنات افتراضية لا تقيم للتواصل الواقعي وزناً، ولا تعطي الحياة في طبعتها الأولى كبير شأن، دون أن تعيَ حجم خطورة هذه المسألة.  قد يرى البعض هذا نوعاً من المبالغة غير المبررة، إلا أن الناظر إلى مستوى التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة الآن، وبين المجتمع ككل يعضد ما نذهب إليه هنا؛ ويعطيه مبرراً كافياً حسب اعتقادنا. ولعل هذا ما تلمّسه بعض الكوميديين بحسه الفني باكراً؛ إذ نجد أحد أبطال سلسلة “ورطة في ورطة” يجسد قصة شاب استقل سيارة أجرة إلى منزل أهله داخل نواكشوط، غير أنه أخذ يسبح في فيسبوك وعوالمه الفسيحة ولم يشعر إلا وصاحب الأجرة يوشك على التوقّف بالمحطة الأخيرة بعد أن اجتاز به مبتغاه لعشرات الكيلومترات.

فالمهم ـ طبعاً ـ في هذه الواقعة ليس القصة ذاتها ولا حتى مجرياتها؛ بقدر ما تحيل إليه مما نحن بصدد الحديث عنه من سلطان هذا الوافد الجديد وما بسطه من نفوذ على عقول وأفئدة أبناء هذا المجتمع في معظمهم، وذلك ما تكشفه الأنساق والمحامل الثقافية الأخرى بوصفها ترومومتراً يرصد تعاطي المجتمع مع مثل هذه الأشياء.

لكن لماذا فيسبوك بالضبط دون وسائل التواصل الأخرى؟

لا يعني تركيز الموريتانيين هنا على فيسبوك إهمال توتير، وواتساب، وسنابشات، وغير ذلك من مواقع التواصل الأخرى، بقدر ما يؤشر إلى فارق كبير في الاستخدام فقط. فظهور فيسبوك أولاً وانجذاب الناس نحوه ولّد نوعاً من العلاقة الحميمة ترسّخ مع الزمن، وعضّدته طبيعة الموريتاني الميّال للاستفاضة في الحديث والاستطراد، وذلك ما يُسعفه به فيسبوك أكثر من توتير ذي التغريدات المحدودة ( (140حرفا المتّسمة بالسرعة، والتي تتطلب موهبة كبيرة في اختزال الموضوعات   الفضفاضة إلى جمل قليلة وبسيطة ومعبّرة. وهنا تتجلى نخبوية توتير نوعاً ما. فالفيسبوك يكاد يكون اليوم ساحة للناس العاديين، ومجموعاتهم الدردشية، أما تويتر فيتّجه إلى أن يكون للشخصيات الرسمية والمشهورة.

ويمكننا القول إن السمة العامة لفيسبوك وما يُتيحه من خيارات واسعة على مستوى التدوين (مفتوح) والتفاعل، يلائم نفسية الموريتاني الثرثار الذي يحب الحديث لذاته ويتطلع بشغف لتلقي الأخبار (أيا كانت، عامة، قصصاً، طرائف) وإذاعتها بين الناس كنوع من المفاكهة، هدراً للوقت، وملئاً للفراغ، وهو بهذه المميّزات يبدو أكثر التصاقاً بذائقة الموريتانيين وأقرب إلى عقليّاتهم.

وبهذا يكون فيسبوك أكثر “شعبوية” من توتير، لا بمعنى الإحالة القدحية للكلمة؛ وإنما بمعنى أنه استطاع لملمة فئات عريضة في صعيد واحد، منها المثقف، والسياسي، والكاتب، وصانع الرأي العام.  وعموماً فعدد مستخدمي فيسبوك في المغرب العربي تحديداً يفوق نظراءهم في توتير، خلافاً لما هو سائد في بلدان أخرى كالخليج مثلاً.

ويتضح ذلك أكثر عندما نعضّد ما نذهب إليه هنا ببعض البيانات الإحصائية؛ إذ ذكرت كلية دبي للتجارة في إصدارها السابع من سلسلة دراسات مستمرة عُنيت برصد تنامي دور الإعلام الاجتماعي، أن عدد مستخدمي فيسبوك في موريتانيا بلغ 11% من السكان، بزيادة 185 ألفاً خلال الربع الأول من2017  فقط، وهي نسبة مرتفعة جداً بالنظر إلى عدد السكان القليل أصلاً (4 ملايين ونصف تقريباً)، وانتشار الأمية، وتدني مستوى الدخل الفردي، وصعوبة الولوج إلى الإنترنت.

وبعملية حسابية بسيطة ـ وفقاً للإحصائية المذكورة آنفاً ـ نستطيع أن نتبيّن أن هذا الرقم لو ضُوعف ثلاث مرات كمعدل نهائي أصبحت النتيجة زيادة555  ألفاً سنوياً، وهو رقم مُريعٌ جداً خاصة إذا ما علمنا أن أعداد الفسيبوكيين إلى تزايد مستمر، وذلك ما يُنذر بـ”تحوّل” ادراماتيكي من الواقعي إلى الافتراضي دوماً!

إن تنامي دور الفيسبوك مجتمعياً، وزيادة المنشغلين به من كل الفئات والأعمار، أفرز ما سنصطلح على تسميّته هنا بـ”الذات المزدوجة”؛ ونعني بها ظهور ذاتين مختلفتين للإنسان الواحد ضمن هذا الفضاء، تبرز الأولى منهما كذات حقيقية بكل ما تُحيل إليه من أبعاد جسمية، ونفسية، وثقافية، واجتماعية، ضمن الواقع الحق، وتظهر الثانية بالموازاة معها متسلحة بقيم ومبادئ “الجماعة الافتراضية”، وما تركن إليه من رومانسية في الخطاب، لمسايرة مجتمع يأخذ ـ في معظمه ـ بالشكليّات لفتاً للانتباه أو ظهوراً بمظهر مختلف، أو هرباً من واقع مُزرٍ يتسم بالسكونية الأبدية، وتوقاً لحياة يراها أفضل، سوى أنها لم تتحقق بعدُ واقعياً على الأقل، وكأن قدر هذا الكائن الإنساني/الفيسبوكي، أن يأخذ من حياة كلا المجتمعين بطرف..!

ثم إن”الازدواجية الذاتية” هذه، صاحبها تحوّل يبدو منسحباً على صعيد الخطاب الديني والثقافي أيضاً؛ برز في شكل صفحات شخصية بعضها واقعي “أصحابه حقيقيّون”، وبعضها الآخر مستعار، تظهر هذه نوعاً من الاستهزاء بالدين الإسلامي؛ وتسبّه وتنتقص منه في كثير من جوانبه أحياناً؛ بل تدعو الناس لليهودية والمسيحية أحايين أخرى، فيما تتوق تلك (الواقعية) إلى التمرّد على بعض الأعراف الاجتماعية والثقافية السائدة، خاصة منها تلك المتصلة بقضايا المرأة وبعض العادات الاجتماعية الأخرى.

ليس هذا كل ما في الأمر فحسب؛ بل بالموازاة معه أيضاً بدأت تظهر من حين لآخر أصوات مبحوحة لما يسميه الناقد والأكاديمي عبد الله محمد الغذامي، “الهويّات المتصارعة”؛ الشرائحية، والفئوية، والجهوية، والقبلية، وهي هويّات لم تمّح بعدُ في مجتمعنا الموريتاني ولم تذب بشكل نهائي، وإن كان ضجيجها خفتَ برهة من الزمن في ظل الدولة الوطنية، حتى إذا ما جاء عصر فيسبوك انتفض هذا المارد من قمقمه معلناً عن نفسه بشكل لا مواربة فيه، بعد أن وجد في الفضاء الافتراضي متنفساً لأهوائه، وحاضناً رئيساً لأفكاره ومنطلقاته، ليتشكّل الواقع القديم من جديد ويظهر دونما استحياء، بعد أن عاش فترة كمون إيجابي كانت ستسهم دون شك في ذوبانه وامحائه أبد الآبدين..!

إن ظهور مثل هذه الأصوات النشاز الطاعنة في كلما هوديني واجتماعي ثقافي داخل مجتمع صحراوي مسلم مائة بالمائة،ذي بنية “قبائلية” صارمة لا  تقبل الانعطاف يميناً أو شمالاً عمّا رسمته لها منظومتها الاجتماعية الخاصة، يشي بنوع من النفاق الاجتماعي نعيشها لآن، مازال بعض أصحابه يتمترسون خلف ستار واهٍ من وسائل التواصل الاجتماعي، ويتبنّون التقيّة مذهباً بدلاً من المجابهة والصدام، لكنهم عندما يجدون فرصة مناسبة للانقضاض على قيم الجماعة لن يترددوا في ذلك ولو للحظة واحدة، انطلاقاً من أن المبدأ الذي سمح لهم بالإفصاح عن ذواتهم سابقاً، هو ذاته الذي سيسمح لهم بالمجابهة الآن، خاصة بعد أن اعتاد الناس مذهبهم وألفوا سنَنَهم.

وإذا كنا تعرضنا في الفقرات السابقة ـ بنوع من الاستفاضة ـ إلى تعداد مثالب فيسبوك في مجتمعنا الموريتاني، فإن ذلك لا يعني بحال أنه لم يأت بجديد على صعُد عدة. فهو وإن كان أفرز ظواهر سلبية مختلفة كان يُنظر إلى بعضها على أنه أصبح في حكم الماضي، وساهم في إعادة تشكيل بعضها الآخر، إلا أنه فسح المجال واسعاً أمام أصناف كثيرة من الفكر، والأدب، والتاريخ، لتعرف طريقها منسابة رقراقة إلى عقول القراء والمتابعين.

إن ظاهرة الكمون والاستعارة ـ على ما يبدو ـ في الصفحات الفيسبوكية الموريتانية لا تعني بحال أن تكون تلك الصفحات قائمة على السلبي دائماً، أو هادفة للنيل من أعراض الناس، أو إلى إذاعة ما هو متنافٍ مع قيمهم الدينية، والثقافية، والاجتماعية السائدة.  فالموريتانيون على مستوى الوطن كله مازالوا يذكرون الصفحتان اللغزان البارزتان: “إكس ولد إكس إكرك”، و”الطيب عبد الله ديدي”، اللتان كانتا تقومان بدور وسائل الإعلام في الأخبار الحصرية المهمة، والتثقيف الواعي، ونثر الدّرر الأدبية، والفكرية، والتاريخية، بأسلوب شائق وماتع، جعل كثيراً من الكتبة والمثقفين يترسّمه ويقتفيه دون أن يصل إليه أو يأخذ منه بنصيب يذكر..!

وإذا كان الموريتانيون ينسجون آلاف القصص والحكايات حول هاتين الصفحتين، ويختلفون في تقدير من يقف خلفهما؛ أفرد هو أم جماعة، فإنهم يتّفقون على أنهما أحدثتا نوعاً من الحراك الثقافي الرصين، وحرّكتا ساحة ثقافية راكدة منذ سنين، في بلد يُفترض أن جُل اهتمام أهله الأول  كان منصبّاً على المعرفة والثقافة، واستطاعتا نيل إعجاب معظم الموريتانيين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية والأيديولوجية، وتلك لعمري من المعجزات التي قد لا تتكرر.

ولعل سبب ذلك راجع إلى أنهما اهتمّتا بموضوعين أساسيين عند السواد الأعظم من المجتمع، ألا وهما السياسة، والثقافة؛ قطبا قصة عشق الموريتانيين الأزلية، التي لا تكاد تجد أحدهم إلا وهو ضارب فيها بسهم حلال أو حرام..!

وبغض النظر عن هاتين الصفحتين ومحتواهما، وما يُثار حول من يقف خلفهما، أجماعي هو أم فردي، فإن ثمة خصائص أسلوبية (جزالة اللغة، متانة الأسلوب وجماله، قوة التراكيب)، وثقافية (اطلاع واسع على الثقافة الشنقيطية، والتاريخ المحلي، الأمثال الشعبية، المجتمعات القبلية، القصص التراثية)، وعلمية (معرفة واسعة بالوقائع والأحداث العلمية والتاريخية الكبرى)، وسياسية (معرفة دقيقة بالسياسة المحلية، ورجالها، وفتراتها، وخفاياها وكواليسها)، تكاد تجعل منهما صفحة واحدة، معلنة على لسان الحلاج: “نحن روحان حللنا بدنا”.

إن تفرّد هاتين الصفحتين لم يكن على مستوى الأسلوب اللغوي الرصين فحسب، ولا على مستوى سعة الثقافة التي يتمتع بها القائمون عليهما، ولا حتى في معرفة دقائق الذائقة الاجتماعية الموريتانية وما يلامس شغافها من موضوعات وأخبار؛ بل في إضفاء مستوى من الذاتية الجميلة على الموضوعات، كشفت رقة في الطباع، ومستوى عالياً من الذوق، طبع المواضيع بصبغة شخصية كانت بمثابة ماركة إبداع مسجلة في صفحات هذا الفضاء الأزرق، ومن ذلك مثلاً توقيع إكس ولد إكس إكَركَ، الذي يختتم به مواضيعه عادة وهو: “كامل الود”

إن هاتين الشخصيتين الافتراضيتين ـ اللتين سادتا المشهد الفيسبوكي الموريتاني وتفنّن الناس في نسج القصص والأساطير حولهما، وتكهّنوا بمن تكونان، وخمّنوا، وقدّروا، وفكّروا ـ كانتا على مستوى عالٍ من الثقافة بحيث لا يستطيع أي إنسان مهما كان أن يتمكن من رصد خصائص محلية أو جهوية تمكّنه من إصدار حكم نهائي بشأنهما.

وإذا كان من حسنات هذا الوافد الجديد أن أظهر لنا شخصيات كبيرة بحجم هاتين القامتين الفارعتين ثقافة، وأدباً، واللتين تحدثنا عنهما سلفاً، فإنه أسهم في تكريس ثقافة الحوار والتعاطي الإيجابي، وقزّم عظمة شخصيات سياسية، واجتماعية، وثقافية، ظلت حتى وقت قريب منقطعة إلى أبراجها العاجية،لائذة بصمتها الأبدي، متعالية على السواد الأعظم من بني جلدتها. إنه أخرجها من عزلتها المثالية، ومرّغ مارن أنفها في التراب، وأرغمها على أن تكون جزءاً من مشهد شعبي مائج، وضاجٍّ بالحيوية، كانت تترفّع عليه، وتراه غير جدير بالاحترام.

إن تفكير زوكربيرج الذي أهداه أصلاً إلى منح الناس بمختلف فئاتهم وأعمارهم المميزات والمواصفات ذاتها ضمن هذا الفضاء الافتراضي غير المتناهي، فوّت على أولئك المتعالين فرصتهم، وأعطى الشعبويين سانحة لتكدير صفو حياة الأرستقراطيين، ومنحهم مستوى من الحرية موازياً لما عند غيرهم من الناس، حتى أصبحت لديهم منابر شخصية يكتبون فيها آراءهم، وينتقدون مسؤوليهم، ويعبرون عن لواعجهم ومكنوناتهم، وكأن زوكربيرج فتح لهم باباً من المساواة ولو افتراضياً على الأقل..!

ولعل خير مثال في هذا الصدد ما حصل لوزير المالية والاقتصاد الموريتاني مؤخراً، عند ما رد على المدوّن خالد الفاضل، الذي كتب تدوينة تعرض فيها بشيء من التفصيل للوضع الاقتصادي والمعيشي المزري للمواطن الموريتاني، ما استدعى من الوزير الردّ بتدوينة كانت بعنوان: “إني لأرى بوادر تحوّل اقتصادي لولا أن تفنّدون”، أسالت كثيراً من الحبر، وفتحت باباً من النقاش الجاد حول وضعيّة البلد، وقابلها كثير من المدوّنين الموريتانيين بوسم مضاد حملا اسم:#حملة مشاريع وهمية.

هذه الواقعة تؤشر إلى أن المسؤولين الحكوميين والشخصيات الوازنة نزلت من عليائها الوهمية إلى حضيض الواقع، وبات عليها التعاطي بجدّ مع المتغيرات المتسارعة التي فرضها فيسبوك، والتي تنبغي مجابهتها بخطاب موازٍ يكون أكثر قوة وصلابة.

عدا ذلك أصبح فيسبوك أيضاً في ساحتنا المحلية مأوى للحركات الشبابية الرافضة للواقع؛ الساعية إلى تغييره، وملتقى خيريّاً للمبادرات الشبابية الإنسانية الهادفة إلى إضفاء مزيد من البسمة على واقع عبوس لابد من مقاومته بجهود متضافرة ومتكاملة.

ومن ثم فإن هذا الوافد الجديد بسط نفوذاً كبيراً على حياة الناس وعقولهم، وأحدث تغييراً جذرياً في كثير من المفاهيم، وكسر كثيراً من التابوهات الاجتماعية العتيقة، وقلب قيماً أخرى زائفة رأساً على عقب، غير أنه مع ذلك كله يبقى ـ كأي جديد ـ سلاحاً ذا حدّين ينبغي استثماره إيجاباً، والاستفادة من خصائصه المميزة، والتعامل معه بحذر حتى تغيب شأفته الأكثر حدة وخطورة.

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *