عبد الكبير.. الكبير!


*إعداد وتنسيق – إسماعيل غزالي

المتفرّد – المتعدّد، هو التوصيف المزدوج، البكر، لحالة عبد الكبير الخطيبي الإبداعية ذات الاستثناء المضاعف.

هذا الممتهن لقياس المساحات كما يحبّذ أن ينعت نفسه، علامة فكرية لا مألوفة، منفلتة وخارجة عن خطية منظومة الإنتاج المعرفي والأدبي والفكري، المغربي والعربي في آن، علامة ذات قيمة سامقة، حظيت بتقدير خاص ضمن الثقافة الفرنسية بشكل خاص، والغربية بشكل عام. يكفي أن نلمح لذلك بما كتبه عنه رولان بارث وجاك دريدا على سبيل المثال لا الحصر، يقول رولان بارث في شهادته الموسومة بـ «ما أدين به لعبد الكبير الخطيبي»: (إنني والخطيبي نهتم بأشياء واحدة، بالصور، الأدلة، الآثار الحروف، العلامات. وفي الوقت نفسه يعلمني الخطيبي جديدا، يخلخل معرفتي، لأنه يغير مكان كل هذه الأشياء، يأخذني بعيدا عن ذاتي، إلى أرضه هو، في حين أحس كأني في الطرف الأقصى من نفسي).
ويقول جاك دريدا: (مثلي مثل الكثيرين، أعتبر الخطيبي أحد الكتاب والشعراء والمفكرين المعاصرين العمالقة في اللغة الفرنسية، وأتأسف لكونه لا يُدرَّس بالشكل الذي يستحقه في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية).
هي حفاوة غربية أثمرت نيله لجوائز ذات صيت عالمي، كجائزة لازيو الإيطالية عن مجمل أعماله الأدبية، وجائزة الأكاديمية الفرنسية وجائزة أهل الأدب.
فيما لم ينتبه الشرق إلى هذه العلامة النادرة، ولم يكتشف قوة وعمق وخطورة فسيفسائها الإبداعي والجمالي، كما لم يقرأها النقد بعد ويوليها الاهتمام الذكي اللائق بها.
البناء الفسيفسائي العجيب لعبد الكبير الخطيبي يرتهن إلى مغامرة مسكونة بنداء الحدود القصوى، أو مخاطرة تدمن الترحال فيما وراء هذه الحدود بالأحرى، فيصعب القبض على اسمه المتعدد والمتشعب ضمن تصنيف أحادي أو تكثيفه واختزاله ضمن تحديد أجناسي ثابت ومستقر، فهو:
– أولاً، مفكر سوسيولوجي وأنثروبولوجي، يمكن أن يندرج عمله الفكري الجسور في حقل الفلسفة بجدارة، بحسب مؤلفاته: (دموع سارتر/ القيء الأبيض: الصهيونية والضمير الشقي/ النقد المزدوج/ المغرب المتعدّد/ المفارقة الصهيونية/ السياسة والتسامح/ المغرب العربي وقضايا الحداثة).
– ثانياً، مفكك رموز ومهووس علامات، يمكن أن يندرج عمله النقدي في حقل السيميولوجيا (الاسم العربي الجريح/ فن الخط العربي…).
– ثالثاً، ناقد للرواية والسرد يمكن أن يندرج عمله في حقل النقد الأدبي والفني (أنطولوجيا أدب شمال أفريقيا الناطق بالفرنسية/ الرواية المغاربية/ الكُتّاب المغاربة من عهد الحماية إلى 1965/ تجليات الأجنبي في الأدب الفرنسي/ الفرنكوفونية واللغات الأدبية/ الجسد الشرقي «ألبوم صور»).
– رابعاً، روائي أصدر أكثر من عنوان سردي: (الذاكرة الموشومة/ كتاب الدّم/ ألف ليلة وثلاث ليال/ حب مزدوج اللغة/ صيف في استوكهولم/ ثلاثية الرباط).
– خامساً، شاعر صدره له: (المناضل الطبقي على الطريقة التاوية/ إهداء إلى السنة المقبلة/ من فوق الكتف/ ظلال يابانية).
– سادساً، مسرحي صدر له: (موت الفنانين/ النبي المقنّع).
فضلاً عن اهتمامات ثقافية أخرى، ساهم في إثراء أجناسها برؤى استثنائية وملاحظات مربكة ومستقبلية ومساءلات مخلخلة للأنساق، كأطروحته أو نظريته في اللغة والهوية والتقنية والميتافيزيقا… الخ.
وإيمانا منا بضرورة قراءة واكتشاف مشروع عبد الكبير الخطيبي الفكري والأدبي والنقدي، يفرد «الاتحاد الثقافي» ملفاً خاصاً، يضيء تخومية وخرائطية عمل هذا الكاتب الأريب، من خلال الوقوف عند الوجوه المتعددة لإبداعيته: فكراً وفلسفة ونقداً وسرداً وشعراً.
______
*الاتحاد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *