توجان: حين يسكن الأدب تفاصيل المكان

خاص- ثقافات

 

*نــجــاة إدهــــــان

أقيم في “توجان” من ولاية قابس في الجمهوريّة التّونسيّة ملتقى الأديبات التونسيّات في دورته الأولى على امتداد ثلاثة أيّام (3-4-5مارس 2017) وقد أختير له أن يكون مهتمّا بالأدب النّسائيّ لا بحثا عن تصنيف يُضيّق عوالم الأدب بل حرصا على إثبات ما يضيفه الإبداع النّسائيّ من ثراء وتنوّع.

لم يكن الملتقى مجرّد تظاهرة أنجزها منظّموها وانتظروا نهايتها ليعلنوا إتمام مهمّتهم بل كانت بناء جديدا وتكريسا لثقافة أخرى نحتاج إليها والبلد يحاول التّعافي من أمراض كثيرة تنخر جسده. فحين يتحوّل صدور كتاب هو رواية “توجان” للكاتبة “آمنة الرّميلي” إلى احتفال يحضره جميع أهل المكان دون استثناء ولا مبالغة وحين يكون القائمون على الملتقى بروح مبدعة وواعية في الآن ذاته وحين يصبح الأدب مدار مجالس كلّ النّاس في توجان لأيّام سبقت الملتقى وأثناءه وبعده، حين يحدث كلّ هذا لا يمكن إلّا أن نتحدّث عن ثقافة جديدة تجعلنا نراجع مسلّمات كثيرة واهمة. إنّها ثقافة تهدم سورا متعاليا يفصل الكاتب عن النّاس لتبني حقيقة أخرى وهي أنّ الكاتب لا يمكن أن يكون مثقّفا حقيقيّا إلّا متى كسر قيد النّخبويّة الكاذب وأثبت أنّه صاحب رسالة إنسانيّة قادرة على تغيير وجه البلد.

نحتاج فعلا إلى أن يستعيد الأدب وظيفته الأمّ وأن يصبح الكاتب الواعي بدوره فاعلا في المجتمع وأن تتحرّر الملتقيات والندوات من أسوارها الضيّقة لتنفتح على النّاس فهُم جوهر الكتابة وهدفها في الآن ذاته. لا حاجة إلى أدب يُكتب لينفّس صاحبه عن نفسه أو ليُمتع فقط ولا حاجة إلى كاتب يتعالى ظانّا أنّه امتلك سرّا لم ينله غيره.

ملتقى الأديبات التونسيّات في دورته الأولى بـ”توجان” كان حجّة على أنّ الفكرة الواعية قادرة على البناء متى وجدت من يؤمن بها ومن ينجزها ومتى تشاركها منظّم واع ومبدع يحمل مشروعا حقيقيّا ومتلقّ يرنو إلى غد أفضل يستحقّ أن يعيش من أجله.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *