يَا دُمى العَالمِ صَبرٌ مِنْ هُنَا وَصَبْرٌ مِنْ هُنَاك

خاص- ثقافات

*عبد اللطيف رعري

في الطّرِيقِ إلَى ضَبَابِ المَدِينَةِ…..
. إلَى أعْشَاشِ النّمْلِ…
.إلَى رَحْبَةِ المَوْتَى…..
أنْتِ عَارِضَةَ يَأسٍ وَحِرْمَانٍ
أنْتِ غَلِيلَة تَمْتَصِّينَ مِن قَارِعَةِ اليُّتْمِ رَشْفةً
أنتِ هُنَا قُرْبَ مِرْآتِي الخَلفِيةِ تُلَمْلِمِينَ الفَرَاغَ
فَمَنْ عَرّاكِ مَنْ يتَّمكِ أيتُهَا الدُّمَى ؟
من أرْكَنكِ للصَّمتِ والمَيالِ
عُيُون القَمَرِ لاَ تَحرُسُ المَوتَى …
وفِي الصَّخْرِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى..
وَعَلَى مَا تَقْدِرِينَ
ولاَ صَوْلَةَ للنَّجْمَةِ الفَانيَّةِ فِي هَوَاه..
عَدِيمَةٌ أقْعَدَهَا في مَثْوَاه.
.فَفِي أيَّ فَلَكٍ سَتَهِيمِينَ
.تَخَلَّيتُ عن جِلبَابِي لِحُرَاسِ المَعَابدِ
وَعَمَامَتِي فِي قَلْبِ زِنْزَانَةِ سَانْد رِيلاَ مَعْشُوقَة العَالَميِنَ
أخْطُو لأسْقِطَ  خيَبتِي فِي مَوجَةٍ تلَحّفتْ بِحَرِيقٍ
تَخَليّتُ عَن أنَاي لأغَنِّي لطَائِرِ العَشِيِّ
رُمْتُ مَدَارَات السّراب فِي غَفْلَةٍ مِنَ اللّيْلِ
تُهْتُ فِي نَفسِي بُرْهَةً أنْوِي التَّطهُر
فَرُبَّ لِصَلاتِي هُنَاكَ شَفِيعٌ يُؤَثثُ وَحْدَتِي
لكِنَّ شَخِيرَ الشُجَيْرَاتِ دثّرَ خَلاَءَ الحُفَرِ…
.لكِنَّ حَفاءَ النَّظَرَاتِ كَدَّرَ صَفاءَ الحَجرِ..
تُهْتُ في عُقمِي رَدْحَةً يمتدُّ العُقمُ فِيهَا غِيابَ الزّمنِ …
خِلتُنِي البَّرْقُ وَالرّعْدُ
والأبُ الكَوْنِيُّ للْعَاصِفَة
خِلْتُنِي النَّهرُ الهَائِجُ وَالجبل المُحْتارُ
خِلتُنِي الغَضَبُ القَادِمُ مِن البَحْرِ
خِلتُنِي الشَّعَاعُ الأحْمَرُ المُتَّجِهُ لِعَينِ الشَّمْسِ لِغَصْبِ النَّهَارِ
خَلتُنِي إبنَ آوَى فِي عُلْوِ الجَبلِ
مُقَرنِسًا فَوقَ عَاجِياتِ الأَعْمِدَةِ التِّي تَحْمِلُ إمبرَاطُورِيةَ سَاحِرٍ
قَضَى فِي الوَهْمِ سِنِينَ
للِظَّفَرِ بِفَرِيسَةٍ علَى صَدرِ مَن نَعْشَق
خِلتُني النَّبتَةَ السِّحْرِية التِّي أمّنَتْ لِفِرعَوْنَ سَلاَمَةَ البَدَنِ
يَاحَسْرَتِي…
يَا أسَفِي…..
لاَ هَذَا وَلاَ ذَاكَ…
خِلتُنِي كُلَّ شَيءٍ وَأنَا لاَ شَيْء….
لِحُسْنكِ أيَّتُها الدُّمَى لَم يَكْتَمِلْ غُرُورِي ….
ولَمْ تقْوَ شُرُورِي ….
بَدَأتُ بِنُفُورِي وَانْتهَيتُ بِنُفُورِي
طِفلٌ آخَرَ تَعَلَّقتْ رُوحُهُ بِدُّمَى صَامِتة
فسَارَتْ حَولِي أمْنِياتٌ ٌأعْلَامُهَا خَرَّتْ فَانِيةً
لِوَردةٍ تركَهَا الوَادِي تَنفُض ثِقْلَ الغَدرِ
لِدُميةٍ ترى الرُؤوسَ فِي حِبالٍ
و تَرَى الأطرَاف في حُطامِ.
أنْتِ الدُّمَى ترْحَلينَ فِي مُبالاةِ أطْفالِنا
أحْيَاناً بَاسِمَةً
أحْيَاناً بَاكِيةً
وأحْيانًا زَعَلُكِ يَسْقُطُ عَلَى الكِبارِ..
.رَقَّصْنَاكِ عَارِية وَلَمْ نَسْتَحْيّ علَى حُزْنِنَا…
أرَينْاكِ قُبْحَ نَوَايَانا ضَرِيرَة أنْتِ وَلَم نُبَالِ….
أَرَيْنَاكِ مُسْتَحِيلَ حُمْقِنَا ….
أَرَيْناكِ الألْوَانَ بِعيُونِنَا الجَافَةِ ….
أنْطَقْنَاكٍ كُلَّ الّلغَاتِ…
وَهَيأنَاكِ لِلغِنَاءِ   ….
جَعَلنَا مُسُوحَ الرُهْبانِ علَى ظَهْرِكِ وَقلْنَا آمِيِن …
تَوَّجْنِاكِ ذهبًا وسِرنا نَحْرُسُكِ  مِنْ دَهَاءِ المَاكرِينَ…
لَنْ يَأخُذَكِ المَوتُ عَنِّي وَلاَ غَيرِي يَتَمَنَّاك…
فَصَبرٌ مِن هُنَا وَصْبرٌ مِن هُناكَ..
فَرُبَّمَا مِنْ هُنَا العُمْرُ يَطُولُ …
وَرُبَّمَا مِنْ  هُنَاكَ القَبْرُ يزُولُ
المَوتُ لَا يعْشَقُ الأرْوَاحَ البَارِدةَ لِتَكتَمِلَ نَشْوَتَهُ….
المَوتُ يَصْحَبُ العَليَاءَ حَتَّى نِهَايَةَ الحُلْمِ
المَوْتُ قَدَرٌ أنَانِيٌّ لَا نَجْمَ يَؤُمُهُ لِجُرْمِهِ
تسْقُطُ أعْلاَمُهُ مِنْ يَدِهِ سَهْوًا لتَحْيى الأفَاعِي
قبْرُكَ النِسْيانَ والإهْمَالِ…
قَبْرُكَ الأرْضُ وَوَعِيدُكِ وَطْأةُ الأَطْفَالِ
فاسْألِي الرَّب مَولُودًا فَقيرًا يُمْسِدُ شَعْرَكِ وَيُبلِلَ عَيناَكِ …
اسْألِي الرَّبَ زوْبعَةً تُلْحِقُكِ بِبَر الأمَانِ
اسْألِي الرَّبَ عَوْدَةَ الأنْبِيَاءِ فَهُمْ حُمَاةَ الدُّمَى فِي كُلِّ الأدْيَانِ.

______
مونتبوليي/فرنسا

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *