الجنّة فكرة الشيخ المكحّل العينين

خاص- ثقافات

*مرزوق الحلبي

 

بعض مَن صادفتهم على الدرجات النازلة إلى الجنة!

 

امرأة أفلتت من الأسر

وانسكبت ضحكتُها

مثل قارورة عطرٍ وسط هتاف الملائكة.

صانعة “البيتسا” المعتدة بنفسها

التي ما غشّت يوما في زيت الزيتون

ولا في الأجبان

بائعة الورد

التي تبيع ورودها من كل قلبها،

وردا للعاشقين

ووردا للموت

ووردا للمزهرية

ووردا تمنحه لمَن يمرّ بها آخر النهار

النادلةُ التي اعتادت أن تدخّن

سجائرَها برفقتي

في الفناء الخلفي للحانة

وتُغدق عليّ شهقاتها دون أن تُدرجها في الحساب

معلّمتي مُنى

وعلى وجهها الرضا ذاته

وبين يديها صور بالأسود والأبيض لتلاميذها

منذ أول يوم دخلت فيه غرفة الصف

الحدّاد الذي كان يشتري منّا

أوعية النُحاس رغم عدم حاجته إليها

كي نستطيع أن ندخل بأثمانها قاعة السينما

الشيخ الذي قال لي مُبتسما

أن الجنة هي المعرفة

وما تبقى مجرّد خُرافات.

 

ومَن ذا الذي لا يمتثل!

الجنّة فكرة الشيخ المكحّل العينين عن نفسه،

عن جسده القادر على سبعين نشوة

في البرزخ إلى الخلود

أو هي وعد المرفّهين للمُعدمين

أنهم من الفائزين بفضلِ العذابِ

كلمة السرّ تُقال للمقهورين لفكّ السِحر

وإشفاء النُدب في القلوب

الجنة حجة الطُغاةِ على الضحايا

أن يكتموا الصرخةَ

ويبلعوا الوجعَ

وينزفوا إلى الداخل دمَهم

والنارُ، هي النارُ

تنتظرُ..

ومَن ذا الذي لا يمتثل!
______
*شاعر فلسطيني

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *