يظن البعض خطأً أن كلمة قبطي تعني مسيحي ، وهذا لغط وجهل شديد ، فكلمة قبطي تعني مصري ، والقبط هم الشعب المصري ،لذا من الجائز وفق هذا التصور أن نقول هذا مسلم قبطي ، وهذا مسيحي قبطي. ومنذ فترة زمنية غير بعيدة وقعت عيناي على كتاب بمكتبتي الشخصية على كتاب يتناول اللغة القبطية القديمة يحتوي على أسرار وطرائف بديعة تهم المثقف القارئ بصفة عامة.
فمن العجيب أن اللغة القبطية القديمة لاسيما خطوطها لا تتضمن حرف ( الثاء ) ، بل تحول ( الثاء ) إلى ( تاء ) ، وهذا ما تغلغل في لغتنا العامية المعاصرة ، فتجدنا نقول تعلب بدلاً من ثعلب ، وتلج بدلاً من ثلج ، ونقول أيضاً تلاتة بدلاً من ثلاثة ، وتعبان بدلاً من كلمة ثعبان ، بالإضافة إلى كلمات ننطقها دون وعي كما جاءت في اللغة القبطية القديمة مثل كتير بدلاً من كثير ، وبرغوت مكان برغوث ، وكلمة توم بدلاً من ثوم.
والظاهرة الأخرى الموجودة بالخط القبطي القديم هي اختفاء حرفي ( الذال ) و ( الظاء ) لعدم وجودهما بالقبطية ، ولذا تم استبدالهما بحرفي ( الدال ) و ( الضاد ) ، مثل الكلمات التالية : ضهر بدلاً من ظهر ، وأدان بدلاً من أذان ، ودرة بدلاً من ذرة ، وديل مكان ذيل ، ودهب بدلاً من ذهب.
وأشار علماء اللغات القديمة أن اللغة القبطية تختفي منها بعض الهمزات وتتحول إلى حرف الياء ، وذلك لقلة الهمزات بالخطوط القبطية ، ومن أمثلة ذلك : كلمة دايم بدلاً من دائم ، وكلمة عدرا بدلاً من عذراء ، وعباية بدلاً من عباءة.
وهناك علاقة لغوية قائمة بين اللغة القبطية القديمة وبين البنية الصرفية للهجة العامية التي يستخدمها أهل مصر المحروسة ، وهي تحول النون إلى ميم إذا جاء بعدها حرف من الحروف الشفهية مثل الميم والباء، وهي قادة في تصريف أدوات النعت والإضافة ، مثل كلمة ( كرمب ) بدلاً من كرنب ، وكلمة أمبياء بدلاً من أنبياء وهكذا.
ومن لطائف الكلمات التي تسكن وجدان اللهجة العامية ويستخدمها المصريون دون وعي بأنها من كلمات اللغة القبطية القديمة مثل كلمة ( آبه ) بمعنى أبو فلان ، كلمة ( إمبو ) بمعنى إشرب. وكلمة ( إحم) التي تشير إلى وجود شخص يريد الدخول. وكذلك كلمة ( أفا) التي تعني الرأس ، ويستخدمها المصريون بلفظ ( القفا) ، وأيضاً كلمة ( إفسيخي ) بمعنى السمك ويطلق عليها المصريون كلمة فسيخ.
ومن الكلمات ذائعة الصيت والاستخدام والتي يستعملها المصريون في كلامهم العامي كلمات لها أصل معنى في اللغة القبطية القديمة مثل الكلمات التالية : بس التي تعني القطة ، وبرسيم وهو نبات معروف يقدم للحيوانات. وبصارة وهو الطعام المعروف المكون من الفول المطبوخ، وكلمة بلاص التي تعني زلعة من الفخار يوضع فيها الماء والعسل أو الجبنة كما في بيوت الفلاحين بريف مصر.