فطيرة التفاح
يناير 20, 2017
خاص- ثقافات
الشخصيات :
عساف : مدرس لبنانى من 30 -40 سنة .
أبجيل : مديرة مكتب من 30 – 40 سنة .
المكان شقة عساف الصغيرة فى بلدة ريفية صغيرة .
الزمان : الآن .
( عساف فى شقته … يفتح الراديو على إذاعة البى بى سى العالمية ، طرق على الباب ، يغلق الراديو ، ينهض و يفتح الباب . تقف أبجيل هناك وفى يدها فطيرة تفاح محلية الصنع )
عساف : أى خدمة ؟
أبجيل : مرحباً عساف .
عساف : أبجيل !
أبجيل : أبجيل .
عساف : نعم ، نعم . آسف . كيف حالك ؟
أبجيل : لقد تقابلنا فى هندرسون . فى حفل عيد الميلاد ؟
عساف : بالطبع ، نعم . للحظة ، تعملين … لست مركزا .
أبجيل : هل يمكن أن أدخل ؟
عساف : رجاء .
( يوضح لها كيف تدخل ، و يشير إلى الأريكة و يرتب أوراقه )
اجلسى ، آسف ، تبدو الشقة فوضى .
أبجيل : ( تجلس ) يجب أن ترى منزل . لدى كلاب و كونيل .
عساف : حقاً .
أبجيل : حيوان اللاما . حسناً اللاما لا يدخل المنزل ، فقط يبصق على ، و يعمل فوضى فى الشرفة .
( تضحك بعصبية – مثل ضحكة الدجاج من الأنف . يبتسم عساف فى أدب ، و متردداً ماذا يعمل فى هذا ) آمل ألا أكون قد سببت لك إزعاجاً .
عساف : لا . لا . لا مطلقاً . أنا كنت فقط أرتب بض الأوراق .
أبجيل : أمازلت تدرس ؟
عساف : نعم ، الافضل أم الأسوأ .
أبجيل : لأفضل الطلاب . أنا متأكدة .
عساف : هل يمكن أن أقدم لك شيئاً ؟ شاى ؟
أبجيل : لا شكراً .
عساف : أأنت متأكدة ؟ لا مشكلة .
أبجيل : أنا بخير . كان على أن أحضر فى الوقت المناسب لكى أشكرك .
عساف : تشكرينى ؟
أبجيل : بسبب تغير حياتى .
عساف : كيف حدث ذلك ؟
أبجيل : هل تتذكر المحادثة التى كنا أجريناها معاً فى هندرسون ؟
عساف : على ما اذكر ، تحدثنا فى عدة أمور .
أبجيل : لقد قلت لى السر فى قشرة فطيرة التفاح .
عساف : آه ، نعم .
أبجيل : الزبد . مزيد من الزبد . الفطيرة التى أحضرتها . لا أستطيع أن أصدق كيف كانت القشرة رقيقة و خفيفة و أنت قلت : الزبدة كان ذلك بمثابة الوحى لى . كل هذه السنوات و أنا أستخدم الكرنسكس .
عساف : ( جامد الوجه ) أفضل للمصابين بالنوبات القلبية .
أبجيل : ( تضحك بعصبية ) نعم ! لذلك هذا بالمناسبة . شكراً لهديتك . بالطبع . أريد أن أعرف رأيك فى القشرة . أقصد لكنى أحب أن تجربها و تعطينى خبرتك المهنية .
عساف : إنه لكرم كبير منك . لكنى لا أرغب فى ذلك إن لم تمانعى .
أبجيل : لكن عليك أن تجرب ذلك .
عساف : لقد تناولت عشائى للتو .
أبجيل : لكنك لم تمل . صحيح ؟
عساف : سأجربها فيما بعد .
أبجيل : لا . ليس ذلك … أريد أن أرى رد فعلك .
عساف : لكن ماذا لو كنت لم أحبها ، سوف أجرح مشاعرك .
أبجيل : لا بأس . لدى بشرة سميكة مثل الفيل .
عساف : جلد .
أبجيل : ماذا ؟
عساف : للفيل جلد و ليس بشرة .
أبجيل : صحيح . كل ما اريد قوله أنك لا تستطيع إهانتى . أوكيه ؟ إن ذلك مستحيل ، هنا . جرب هذه
( تأخذ السكينة ، و الشوكة و منشفة من حقيبتها و تقدمهم إليه . دقة )
عساف : إنها تبدو جيدة جداً .
أبجيل : نعم . هى كذلك . أليس كذلك ؟
( دقة . فى تردد )
عساف : آسف . لا أستطيع أن أفعل ذلك .
أبجيل : عساف . لقد قطعت كل تلك المسافة من المدينة إلى البلدة فى هذه الليلة الباردة جداً لكى أحضر لك هذه الفطيرة . رجاء جاملنى و أقطع لنفسك شريحة صغيرة و قل لى رأيك فيها . و بصدق من فضلك ، أستطيع أن أتحمل ذلك .
عساف : هل تعتقدين أن من السهل على مهاجر لبنانى أن يكون صادقاً فى أمريكا ؟
أبجيل : بخصوص الفطيرة ؟
عساف : بخصوص أى شىء .
( دقة )
أبجيل : حسناً , تناولها فيما بعد ، أو لا تتناولها ، إذا كنت لا …
عساف : آسف . حقيقة ، لم أقصد أن أكون وقحاً معك .
أبجيل : ( ناهضة لكى تخرج ) ما كان ينبغى أن أحضر ، و اقتحم شقتك على هذا النحو ، فجأة .
عساف : لا ، لا . أنا سعيد بحضورك .
أبجيل : أأنت كذلك ؟
عساف : إنه لطيف جداً منك . لفتة طيبة ، رجاء .
( يدعوها للجلوس ، تفعل )
كما تعرفين ، أجد مفارقة فى تلك الجملة : الأمريكان فطيرة التفاح “
أبجيل : لماذا ذلك ؟
عساف : كما لو كان الأمريكان هم من اخترعها .
أبجيل : حسناً ، نحن إلى حد ما فعلنا ، أليس كذلك ؟
عساف : الفطائر و التفاح موجودة حولنا من زمن طويل . اليوم ، ينتج الأمريكان التفاح أكثر من أى بلد آخر فى العالم ، لكن الرومان زرعوه فى أوربا من ألفى عام ، لكنك تذوقت التفاح الجيد فى نيوزلاندا ، حسناً …
أبجيل : لكننا رقم واحد فى التفاح .
عساف : نعم . الأمريكان رقم واحد فى التفاح .
أبجيل : لابد أنك تظن أننا نفخر بذلك جداً .
عساف : أمريكا بلد شابة ، ويأتى التواضع مع التقدم فى السن .
أبجيل : أنت لا تحب المكان هنا .
عساف : لم أقل ذلك .
أبجيل : أنت بارع فى النقد . أستطيع أن أحس هذا .
عساف : و هل ذلك يعنى أننى لا أحب هنا ؟
أبجيل : لماذا أنت هنا ؟
عساف : لماذا لبنانى حاصل على دكتوراة فى الفلسفة يدرس االدراسات الاجتماعية فى كلية المجتمع فى مكان مثل هذا ؟ و كيف يتأتى له أن يصنع مثل هذه الفطائر اللذيذة ؟
أبجيل : إذن ما الإجابة ؟
عساف : أنت قلت لى .
أبجيل : لم يكن عندى فكرة .
عساف : أحمق .
أبجيل : أوكيه . دعنا نرى . أنت لاجىء و تحتاج إلى وظيفة . كشخص عربى ، لديك صعوبة فى الحصول على واحدة ، فى الأوساط الأكاديمية على نحوها . هكذا انتهى بك الأمر هنا حيث يصعب إرضاءك .
عساف : و ماذا عن خبرتى فى فطائر التفاح ؟
أبجيل : فى أيام دراستك عملت فى مطعم أمريكى فى بيروت ( يومىء عساف موافقاً ) صحيح ؟
عساف : تماماً .
أبجيل : هل يوجد طعام عشاء أمريكى فى بيروت .
عساف : كل شىء فى بيروت ، حتى ماكدونلدز .
أبجيل : ألديهم مطاعم ماكدونلدز فى بيروت ؟
عساف : إنها أمريكية مثل فطيرة التفاح . دعينى أسألك شيئاً .
أبجيل : أكيد .
عساف : لماذا أتيت لرؤيتى ؟
أبجيل : أعجبت بك ، عندما قابلتك فى الحفل .
عساف : كان ذلك من عشرة شهور .
أبجيل : أنا مطلقة الآن .
عساف : فهمت .
أبجيل : هل يمكن أن تخرجى معى ؟
عساف : فى لقاء غرامى ؟
أبجيل : نعم .
عساف : حسناً ، ذلك عرض مغرى جداً .
أبجيل : هل تود ؟
عساف : كما تعرفين . لو كان هناك شيء واحد قد تعلمته منذ أن حضرت إلى هذه البلد ، سيكون هو أن الأمريكان لا يؤمنون بالمداعبة .
أبجيل: جرب معى .
عساف : كلام مجازى .
أبجيل : هل ترغب فى الخروج معى ؟
عساف : لا أعتقد أنها فكرة جيدة .
أبجيل : أنت لست متزوجاً و غير مرتبط أيضا .
عساف : كيف عرفت ؟
أبجيل : راجعت بياناتك .
عساف : أنت و الأمن الداخلى .
أبجيل : بدون توقعات – مجرد فرصة للتعارف و إذا كانت هناك كمياء ، حسناً ، لا ضرر من القيام بذلك . هناك مطعم صغير لأطعمة الشرق الأوسط فى شارع هارسون .
عساف : أوه . نعم .
أبجيل : هل تعرفه ؟
عساف : تتم إدارته من قبل الرومانيين .
أبجيل : رومانيون ؟
عساف : الفلافل فى كيس . يستطيع أى أحد أن يعملها.
أبجيل : إذن أنت اخترت بنفسك . أنا بسيطة ، أحب كل أنواع الأطعمة الأصيلة .
عساف : أبجيل ، إنه عرض لطيف جداً . دعينى أفكر فى ذلك .
أبجيل : ما الذى تفكر فيه ؟ أوكيه ، لست عبقرية جداً و أضحك بصعوبة و لدينا مانستمع به . شىء ما يقول لى أنه يمكنك أن تمارس بعض المتعة .
عساف : لن يكون جيداً أن تتورطى معى .
أبجيل : أنا أتحدث عن العشاء و رحلة إلى ديزى كوين .
عساف : أتعرفين كيف ينظر الناس إلى ؟
أبجيل : نعم ، لقد رأيت الناس وهم ينظرون إليك .
عساف : أنت لم تستمعى إلى بعض الرسائل التى وجدتها على جهاز الأنسرماشين .
أبجيل : يمكننى أن أتخيل .
عساف : لا . لا يمكنك .
أبجيل : هل تعتقد أننى لا أستطيع أن أفكر فى كل هذا ؟
عساف : يحاول الأمريكان دائماً أن يجربوا شيئاً جديداً .
أبجيل : أذلك ما تعتقده ؟ ذلك أنك بالنسبة لى أجنبى ؟ أنت لطيف ، و حساس ، و جنتلمان أحب أن أتعرف عليك . ذلك هو كل ما فى الأمر .
عساف : آسف . أحتاج إلى قليل من الوقت .
أبجيل : حسناً ، لا أريد أن أذهب إلى أى مكان .
عساف : كان لطيفاً منك أن تأتى .
( يتصافحان ، تنهض لكى تغادر )
أبجيل : سأتصل بك .
عساف : لا ، سأتصل بك ، رجاء ؟
أبجيل : بالطبع ، تمتع بالفطيرة ، سأسمح لنفسى بالخروج .
عساف : مع السلامة ، شكراً لك ، شكراً لحضورك .
( تخرج . يجلس عساف ، ينظر إلى الفطيرة ، ثم يمسك بالسكينة و يقطع شريحة منها . تظهر أبجيل من جديد عند مدخل الباب . تشاهد . متناسياً حضورها ، يأخذ قطعة من الفطيرة . يستطعمها )
أبجيل : إذن ما أريك ؟
عساف : ( مندهشاً و هو ينظر حوله ) تمام .
[ تعتم الأضواء ]
نهاية المسرحية
المؤلف : بيتر سناد ، كاتب مسرحى أمريكى من اصل بريطانى ، يقيم فى امريكا منذ عام 1977 ، مثلت مسرحياته فى معظم انحاء أمريكا ووكندا وبريطايا واستراليا ، وحاصل على العديد من الجوائز المسرحية
مرتبط
إقرأ أيضاً
نصوص*فيوليت أبو الجلدأزرق، من مخمل الشِعر،قلت لعينيه :هذا البحر دميوبكيت.***لما تراءَت له،سقطَت ثماره على نَصّها…
نصوص*عثمان بالنائلةخاص ( ثقافات )عبثاسمع طنين ذبابة. اِقشعرّ بدنه. أجال نظره داخل الغرفة. رآها تستقرّ…
نصوصمحمد مراد أباظةخاص ( ثقافات )(المرآة)لا.. لا تصدِّق..ذاكَ الطفلُ لم يهرمهيَ الأحزانُ أتعبَتْهُ قليلاًفتراءَتْ على…
الوسومبيتر سناد د.محمد عبدالحليم غنيم
شاهد أيضاً
سعاد الورفلي بقدر الظلام الذي يتسع كحضن هاوية تتغزل بعجوز يبتاع قلبها بحفنة من دراهم …