رِسَالَةُ حُبٍّ

خاص- ثقافات

خُولْيُو كُورْطَاثَرْ*/ ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**                   

كُلُّ مَا أُرِيدُهُ مِنْكِ

قَلِيلٌ فِي الْعُمْقِ لِأَنَّهُ فِي الْعُمْقِ كُلُّ شَيْءٍ،

كَمُرُورِ كَلْبٍ، كَتَلٍّ،

تِلْكَ الْأَشْيَاءُ التَّافِهَةُ، الْيَوْمِيَّةُ،

سُنْبُلَةٌ وَ سَالَفٌ وَ كُتْلَتَا تُرَابٍ،

رَائِحَةُ جَسَدِكِ،

مَا تَقُولِينَهُ حَوْلَ أَيِّ شَيْءٍ

عَنِّي أَوْ ضِدِّي،

كُلُّ هَذَا هُوَ قَلِيلٌ جِدًّا،

أُرِيدُهُ مِنْكِ لِأَنَّنِي أَهْوَاكِ،

فَلْتَنْظُرِي إِلَى أَبْعَدَ مِنِّي،

فَلْتُحِبِّينِي بِعَنِيفِ الإِهْمَالِ

فِي الْغَدِ، وَ لْتَنْفَجِرْ صَيْحَةُ

ائْتِمَارِكِ فِي وَجْهِ رَئِيسِ الْمَكْتَبِ

وَ لْتَكُنِ الْمُتْعَةُ الَّتِي نَبْتَدِعُهَا مَعًا

عَلَامَةً أُخْرَى لِلْحُرِّيَّةِ.

                                                                 

*القصيدة في الأصل الإسباني:

Una carta de amor

Todo lo que de vos quisiera
es tan poco en el fondo
porque en el fondo es todo,

como un perro que pasa, una colina,
esas cosas de nada, cotidianas,
espiga y cabellera y dos terrones,
el olor de tu cuerpo,
lo que decís de cualquier cosa,
conmigo o contra mía,

todo eso es tan poco,
yo lo quiero de vos porque te quiero.

Que mires más allá de mí,
que me ames con violenta prescindencia
del mañana, que el grito
de tu entrega se estrelle
en la cara de un jefe de oficina,

y que el placer que juntos inventamos
sea otro signo de la libertad.

*هو مفكر أرجنتيني و كاتب ومترجم، ولد في مقاطعة إكسيل، بروكسل عاصمة بلجيكا في 26 أغسطس من سنة 1914. حاصل على الجنسية الفرنسية ويعد واحداً من أكثر كتاب القرن العشرين تجديداً وأصالة، ويضاهي بأعماله أدباء من أمثال خورخي لويس بورخيس و أنطون تشيخوف وإدغار ألان بو، فهو مايسترو القصة القصيرة والنثر الشعري والسرد القصير بشكل عام. وقد كتب مجموعة من الروايات التي بدأت أسلوبا جديدا  في صناعة الأدب المكتوب باللغة الإسبانية، مبتعدا بذلك عن النماذج الكلاسيكية وذلك من خلال سرد يخلو من خطية الزمن واستخدام شخصيات ذات سلوك ذاتي وعمق سيكولوجي وتلك العناصر قليلا ما كانت تظهر في الأعمال القصصية والروائية المختصة بهذه الفترة. و نتيجة لاستخدامه هذا الأسلوب الغير معتاد، نجد أن محتوى أعماله يمحو كل الفواصل بين عالم الحقيقة والخيال وذلك عادة ما يرتبط بالسريالية. وقد عاش قدرا كبيرا من حياته في باريس واستقر بها منذ عام 1951 وحصل على الجنسية الفرنسية بالإضافة أن المنية وافته أيضاً هناك، واستخدم كورطاثر العاصمة الفرنسية لتدور فيها أحداث بعض رواياته. جدير بالذكر أن كورطاثر عاش أيضاً في الأرجنتين وإسبانيا وسويسرا. وتأتي رواية “الحجلة” على رأس أعماله الأدبية. وتوفي في باريس في 12 فبراير من سنة 1984. و هذه القصيدة واحدة من أشهر ما نظم خوليو كورطاثر من شعر. و يذهب بعض النقاد إلى أنه قصد بها محبوبته كارول دانلوب. فهي قصيدة حميمية شخصية تعكس نظرة كورطاثر للعلاقة العاطفية في إطار الزيجة بعيدا عن أي زخرفة لفظية أو صور شعرية غارقة في التخييل. إنها وصف لطقس العلاقة بين محبين في إطار مؤسسة الزواج و بتفاصيلها الصغرى التي قد تبدو لنا تافهة أحيانا.

**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية – الدار البيضاء -المغرب.

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *