خاص- ثقافات
*مهند النابلسي
خيال علمي جامح جديد في السلسلة المشوقة، من بطولة كل من ايفان بيتر، جيمس ماكفوي، جينيفر لورنس، جوش هيلين، مايكل فاسبندر، نيكولاس هولت، اوسكار اسحق، روز براين وصوفي فيرنر….
(1)منذ فجر الحضارة البشرية، تم تعميده كاله واسمه الجحيم (أبوكاليبس)، إنه المتحول الأول والأعظم قوة وسيطرة (مثل الوحش الذري الناري جودزيلا الذي سبق وأن كتبت عنه)، سيعود مرعبا وخالدا بعد استيقاظه من نوم دهري طويل لآلاف السنين، ومجندا فريقا من المتحولين الخارقين، من بينهم ماجينتو (مايكل فاسبندر)، لإبادة الجنس البشري وخلق نظام عالمي جديد يسيطر عليه مرة أخرى…ولكن مصير الأرض سيصبح يتأرجح على المحك عندما تتضافر جهود كل من رايفين (جنيفر لورنس) بمساعدة البرفسور (جيمس ماكفوي) لقيادة فريق المتحولين الشباب المتضافرين لايقاف المتحول الطاغية وإنقاذ الجنس البشري من الدمار الشامل.
إنه فيلم مبهر ومفعم بالبراعة المشهدية والاستحواذ على المشاهد المتتالية الحابسة للأنفاس…يستولي على الشاشة شرير أزلي عتيق خارق (يذكرنا بالوحش النووي غودزيلا)، مهمشا الشخصيات الخارقة الأخرى وساعيا لإبادتها بإصرار “إلهي” قدري. تحت أطنان من المكياج الثقيل يصدر الطاغية (اوسكار اسحق) أوامره التخاطرية الخارقة لتحريك أعوانه وتسخيرالخارقين لرغباته الشريرة، بعد أن استهل الشريط بمشاهد مهيبة ضمن طقوس سحرية فرعونية قديمة…تظهر في هذا الفيلم الشيق قدرات بريان سينجر الإخراجية الذي يمزج التجريب السينمائي المدهش بالاستمتاع الجماهيري، كما تتبلور الموهبة السينمائية الخارقة لاوسكار اسحق الذي يشكل مدرسة في التقمص والتعبير (ويا حبذا لو التفت السينمائيون العرب الأكارم المتعالين لهذا النوع من الأفلام ويبدأوا بالتعلم منه بدلا من تسفيه هذا الجنس السينمائي العصري الجاذب).
تكمن فرادة هذا الجزء تحديدا بقدرات “صباح النور” الذي ينجح بنقل “ثقل تواجده” بشكل تخاطري ليتمكن من العيش للأبد والعبث بمصير البشرية بلا منافس، كما يبدو وكأنه أكثر أفلام السلسلة بساطة وطموحا بالرغم من كثرة الشخصيات والفذلكات وتزاحم القدرات والصراعات.
(2) “صباح النور” هو متحول مصري عتيق، قوي ومهيمن، حكم مصر القديمة حتى تمت خيانته من قبل الانقلابيين المقربين منه، وتم دفنه حيا قبل 3600 عام، وقد قتل غدرا أربعة من جنرالاته المرافقين أثناء مؤامرة الانقلاب التي استهل بها الفيلم بطريقة مهيبة مشوقة…استيقظ فجاة بعد رقاد طويل في العام 1983، معتقدا أن الإنسانية قد ضلت طريقها بدونه، مقررا تدميرالعالم وإعادة تشكيله على هواه، موظفا الفهلوي الحرامي نشال المحافظ “اورورو مونرو” الذي يملك بدوره خاصية خارقة تنحصر في السيطرة على الطقس.
(3) بالمقابل هناك في برلين الشرقية، تقوم المتحولة القادرة على تحوير شكلها رافين بالتورط في عراك بنادي، كما تكشف بالصدفة المتحول الآخر “أنجل” الذي يملك زوجا من الأجنحة الواسعة على ظهره، ثم يظهر “كورت فاجنر” القادر على التخاطر، وتسعى “رافين”جاهدة لانقاذ “كورت” وتسفيره لأمريكا…ويتزامن ذلك مع سعي “صباح النور” المعروف بالجحيم لتوظيف أشخاص لكي يقودانه للتعرف على “أنجل”، وإصلاح أجنحته التي تكسرت بفضل عراكه العبثي مع “كورت” وتحويلها لأجنحة معدنية خارقة.
(4) يكتشف “اليكس سمرس” بأن شقيقه الأصغر “سكوت” يستغل طاقته التحويلية للعبث وللتلاعب بالأشعة البصرية، فيأخذه لمقابلة البرفسور ” شارلز اكسافير” في معهده التعليمي القائم في “وستشستر بنيويورك”، على امل قيام الأخير كيفية السيطرة على مهاراته الخارقة.
(5) يقابل سكوت “جين جراي” ذات قدرات التخاطر التحريكي، وينجذبان لبعضهما البعض بسرعة، وتنجح “رافن” بجلب “كورت” للمعهد…ويحدث أن تتسبب قوى “أبوكاليبس” الخارقة بحدوث تشوشات وقلاقل عبر العالم، مما يجبر كلا من “كسافير وأليكس” للتعاون مع عميلة “السي آي ايه” “مويرا ماك تايغرت” للقيام باجراء أبحاث في اسطورة “صباح النور” لتقصي أسرارها السحرية القديمة وخطرها، وتسترجع أبحاثا تطبيقية تتعلق بأساليب التخاطر وغسل الدماغ والتحكم بالذاكرة.
(6) هناك في بولندا، يقوم المتحول صاحب القدرة على التحكم بالمعادن “أريك لينشر” الذي يعيش مع زوجته وابنته الصغيرة نينا، يقوم بإنقاذ زملائه من كارثة محققة، وعندما تستدعى الشرطة للقبض عليه تقتل عائلته بالخطأ، فيرد منتقما بقتلهم جميعا…ويستغل الفرصة “أبوكاليبس” فيتواصل مع أريك “المحطم القلب”، ويستدعيه على عجل لمشاهدة ومعاينة المعتقل النازي الشهير “اوشفتز”، حيث نمت هناك قوى أريك الخارقة لأول مرة، ثم يذكره بمأساة إبادة اليهود مما يستفزه ويجبره بفورة غضب جامحة لكي يدمر المعسكر وينضم لأبوكاليبس نهائيا (على فكرة ظهرت تقارير جديدة مؤخرا تؤكد كم المبالغات والأكاذيب والأوهام التي أحيطت بهذا المعتقل قصدا)!
(7) …ثم يدخل “أبوكاليبس” تخاطريا لعقل “كسافير” مجبرا كافة القوى العالمية لإطلاق مجمل تراسنتها الصارخية من الأسلحة النووية، التي تنطلق من مرابضها للسماء عموديا وبسرعة فائقة ربما لمنع تصادمها مع بعضها البعض(ولم أفهم بالحق مغزى هذا الفعل الكارثي الماحق!)، ونرى “أبوكاليبس” وجنرالاته وقد وصلوا للموقع واختطفوا “كسافير” ، وبهدف إيقافهم يتسبب “أليكس” بتفجير المقر…ويكتشف “بيتر ماكسيموف” بالصدفة
أنه ابن “كسافير” آملا في ان يجده هذا الأخير، الذي يصل في اللحظات الأخيرة مستغلا سرعته الخارقة لاخلاء الطلاب من المعهد، مفترضا بأن “أليكس” قد قتل لقربه من الانفجار، ونرى في المشاهد الأخيرة تقدم قوات الكولونيل “وليام سترايكر” للقبض على كل من “هانك/رافين/بيتر ومويرا”…حيث يتم إجلائهم لقاعدة عسكرية بغرض استجوابهم، ولكن “سكوت وجين وكورت” يتابعون العملية وينقذون زملاءهم بشجاعة، مستغلين مهارتهم الخارقة وعناصر التخاطر والتحكم بالذاكرة، ممهدين ربما لأحداث الفيلم الجديد المتوقع من هذه السلسلة.
نظرة استشراقية ونغمة “الإبادة الجماعية”!
أما ما لم يعجبني إطلاقا في هذا الشريط فهو طريقة تصوير مصر الحديثة من منظور استشراقي كئيب وكاذب وبدائي، ثم العزف “الهوليودي” المعهود على لحن استرجاع المعاناة اليهودية (الهولوكست) وقصص عذابات معسكرات الاعتقال النازية، وتذكيرنا بالذكريات البائسة والمرعبة وربما المفبركة، ومن ثم تسخير القوة الخارقة “للمتحول اليهودي” لتدمير المعسكرالمشؤوم، ومن ثم الانضمام لأبوكاليبس بمشروع تدمير العالم…تحقيقا للرغبات والعقد المتأصلة المكبوتة! وقد أجمع معظم النقاد على أن التركيز المبالغ به على شخصية “أبوكاليبس” الجهنمية الاسطورية قد استحوذ على معظم المشاهد وأثر تلقائيا على الشخصيات الاخرى، كما شتت أنظارالمشاهدين عن متابعة قدراتها التمثيلية والتحويلية الباهرة والتي بدت حركاتها “صبيانية” أحيانا، لذا فقد حاولت جاهدا بهذا التحليل إحداث التوازن السردي المتكامل والغوص بمعظم التفاصيل.
كما أعتقد أن السلسلة بهذا الشريط وبهذا الكم المتلاحق من الأحداث اللاهثة هنا وهناك، ربما تكون قد استنفدت أغراضها وآن الآوان لانتهائها، ولكن المنتجين مع إغراءآت أرباح شباك التذاكر لن يكفوا بالتأكيد عن ذلك إلا في حالة تعرض جزء قادم لفشل تجاري ماحق!