دبي- أجرت الوكالة الخاصة بالروائي البرازيلي العالمي باولو كويلو بالاتفاق مع مؤسسة كنوبف البريطانية، حواراً قصيراً مع كويلو لمناسبة صدور روايته الجديدة «الجاسوسة» في لغات عالمية عدة ومنها العربية، وقد خصت الوكالة عبر شركة المطبوعات للتوزيع والنشر «الحياة» بهذا الحوار غير المنشور لتكون المنبر العربي الوحيد الذي يقدمه إلى القراء العرب. أما ترجمة الحوار عن الإنكليزية فتولتها «الحياة».
> من كانت ماتا هاري، ولماذا اخترتها موضوعاً لروايتك الجديدة؟
– كانت ماتا هاري من أيقونات جيل الهيبيز – فمثّلت الفتاة السيّئة، والمختلفة، والغريبة، التي أكثرت من ارتداء الفساتين الفاخرة – وقد أذهلتنا جميعاً. وبعد أربعين عاماً، كنت أتناول العشاء في مدينة جنيف السويسرية مع محاميّ، وذكر أمامي عدداً من الملفّات، التي تناولت أشخاصاً أبرياء حُكم عليهم بالإعدام خلال الحرب العالميّة الأولى، ولم نعلم بهم إلا الآن بعد أن رفعت السرّية عن عدد كبير من مستندات الحرب. وشكّلت ماتا هاري أحد الأمثلة التي أعطاني إياها، ولكن نظراً إلى أنّها كانت دوماً تثير فضولي، ما لبثتُ أن قمت ببحث سريع عنها على الإنترنت ما إن عدتُ إلى المنزل. وأوصلني بحثي إلى عدد كبير من هذه الوثائق، وإلى المزيد والمزيد من المعلومات عنها. وفي اليوم التالي، اشتريت بعض الكتب وأرغمت نفسي طوال نهاية الأسبوع على قراءة كلّ ما أمكنني إيجاده عن ماتا هاري. ولم أعرف بأنّني كنت منكبّاً نوعاً ما على بحث بهدف تأليف كتاب، ولم أدرك ذلك إلا عندما قرّرت أن أمرّن خيالي وأن أضع نفسي مكانها.
> كيف قمت ببحث عن حياتها وعن تلك الحقبة؟ ما أكثر ما فاجأك في حياتها؟
– إنّ أكثر ما فاجأني هو الطريقة التي نجحت فيها امرأة تمّ تعنيفها حتّى سنّ العشرين، في تخطّي الوضع الذي عاشته والتحوّل إلى ما أصبحت عليه. أمّا الزمن الجميل في باريس، فكان عبارة عن حقبة كان «كل شيء فيها ممكناً». وكم حيّرتني هذه الحقبة، فعملت كثيراً لأجعل الكتاب يتمحور حول الشخصيّة الرئيسة فيه. في العادة، يميل المؤلف إلى الإكثار من الوصف. أمّا أنا، فأعطيت فكرة عن حقبة الرواية، وحاولت وضع القارئ ضمن سياقها من دون أن أُغرِقه بالمعلومات عنها.
> في نهاية الكتاب، تقـول إنّك مـلزم بعـــدد كبيـــر مــن الوقــائع. أين حــوّرت مسارك عن السجل التاريخي، ولماذا؟
– وقائع الكتاب صحيحة، والتسلسل التاريخي فيه صحيح، لكنّي وضعت نفسي مكان شخص آخر. ويصعب عليّ القول أين حوّرت مساري، ربّما في تصوّري لآخر رسالة كتبتها ماتا هاري. لكنّي أعتقد بأنّني كنت قريباً جدّاً ممّا فكّرت فيه. فمنذ نحو شهرين، نشر متحف هولندي رسائل جديدة لماتا هاري، كتبتها عندما كانت في هولندا، قبل أن تتوجّه إلى جزيرة جاوة. وقد اعتبر أحد مراجعي الرواية أنّ الأمر بدا وكأنني كنت «أوجّهها» في الكتابة.
> لماذا قرّرت منح روايتك صيغة الرسائل؟
– عندما تكتب رسالة، تمنحك الفرصة لوصف حياتك لشخص يراها من الخارج.
> ما الذي شعرت به عندما كتبت من وجهة نظر ماتا هاري؟
– أصبحت رفيقتي ليلاً ونهاراً، بينما كنت أقرأ عن الحقبة التي عاشت فيها. وبدأت أشعر كيف كانت تبرر تصرّفاتها، بالاستناد إلى ما كانت عليه.
> كانت ماتا هاري مشهورة نسبياً، وذاع صيتها كامرأة ذات فتنة لا تقاوَم. وهي صعدت إلى الشهرة باعتمادها في آن واحد على الموهبة والأكاذيب. وبالتالي، أيّ دروس نتعلّمها من هذه المرأة المعقّدة؟
– أولاً إنّ كلّ حلم يقابله ثمن، وثانياً إنّك إن تجرّأت على أن تكون مختلفاً، عليــك أن تكـون مستعدّاً للمهاجمة، وثالثاً أنّك حتّى في مواجهة العالم الذكوري العدائي، ستجد طريقة للتحايل عليه.
> ما الذي أدّى إلى إعدامها رمياً بالرصاص؟
– لا أراهن يوماً على كلمة «لو»، أو على ما أمكن أن يكون أو لا يكون. لقد حقَقت مصيرها، وهذا هو المهم.
___
*الحياة