خاص- ثقافات
* فتحية الصقري
يكفي ،لأستطيع الكلام، أن أرى صوتك،
أحرف اسمك ،ليتكلَّم حناني.
دائمًا يدُكَ البحر، وروحي الموجُ العنيف.
لم ألمس من قبل منديلًا حريريًّا خفيفًا مثل روحك.
فقط، بعد أن ألمس عينيك ،أصبح مرئيَّة.
أين يذهب العالم حين نلتقي ؟!
انْسَ الأقفاص ،حبِّي بجناحين كبيرين جدًّا، لن تجد قفصًا بمقاسه.
ضع يدَك في يدي، عينيك في عينيّ، فمَك في فمي، ثم حدِّثني عن منظر طبيعيٍّ بعد المطر.
قلبي مُضاء، طوال الوقت، مثل رسالة حبّ، داخل زجاجة تقلِّبها مياهُ البحر..
(إعادةُ حركة الأرض إلى طبيعتها)
هذا ما تفعله القبلةُ المسروقة.
لولا العناق لاستمرَّت أجسادُنا في الصُّراخ.
لا تترك صندوقًا مغلقًا في جسدك،
اقتلعْ هذه الشجرةَ الطيِّبةَ من جذورها.
مغلقة، صغيرة ،مواربة ،محميَّة بطبقة من الأسلاك الدقيقة
لم تعد الشبابيكُ تشغل بالي.
كلُّ ما أفكر فيه الآن هو الأبوابُ المفتوحة على مصراعيها .
الحبّ
هذا الشيء الغامض والشَّرِس
وِجهتي الأثيرة.
لا أشتم أحدًا في سرِّي، حين أنتظر حدثًا سعيدًا، ويتأخّر في المجيء
تشغلُني صورُ اليأس المتقافزة في رأسي.
ذابلا، منطفئًا، متكوِّمًا على الأرض، مثلَ قميصٍ قُطنيٍّ مخلوعٍ من جسدٍ مبلول.
أنيقًا، فاتنًا، خاطفًا للأبصار، مثل فساتين الأعراس المعروضة للبيع.
فيلسوفًا متشرِّدًا، يضع أسرارَه على طاولات المقاهي والحانات.
معتدًّا بنفسه، واثقًا مثل تحفٍ فنّية مرصوصة على رفِّ مكتبة قديمة.
قلقًا، مرتابًا، متصالحًا مع الله، يمدح العتمة، ويشتم النور.
تزعجني قوةُ الشمس وسيطرتها،
لكن عندما تغيب طويلا،
لا أمشي،
لا أتكلّم
والوقت ليس سوى صندوقٍ خشبيٍّ فارغ ومُغْبَرّ، يتدحرج فوق ظهر اليوم.
عندما تكتب كلماتٍ مثل:
الطائرة، المطار، قاعة المغادرين
أخرج من البيت، مثل صورة معلَّقةٍ على مسمار ضخم في جدار آيلٍ للسقوط.
ما اللذيذ والمدوِّخ في الصباح، إن لم أتذوّق شفتيك؟!
أعرفُ امرأةً طيّبة،
عُدَّةُ صباحاتِها العاديَّة:
“قوللي إيه حلو فى حياتي، وانت غايب عن عينيّا”
علبة مناديل ورقيَّة،
5ساعات تسوُّق.
تلك الضربات الخفيفة التي تحدثُها أصابعُك
تكفي لزعزعة أمن آلاف السجناء المُكبَّلين، داخل غرف جسدي المغلقة.
أرجوك لا تنكسر.
أقول لزجاج صدرك الذي حفظ ملامح وجهي.
كشخصين متزنِّين نعبُر الممرَّ الضيِّق ،أحبُّ الصدف،
لكن رغبة تمزيق الغلاف تأكل هدوئي.
لسبب ما يحدث أن يتأخر سائقُ التاكسي عن الوقت المتفق عليه؛ ممّا يضطرني للسَّير وحيدة، في شارع طويل مفتوح بحذاءٍ غير مريح، وقدمين متعبتين، منتصف الظهيرة،
السيارات التي تتوقّف، ويبدي سائقوها رغبتهم في المساعدة، بعضُهم لا ألقي لهم بالًا، لا ألتفت، ولا أتكلّم، وبعضُهم الآخر أسمحُ لهم بالمغادرة مع كلمة شكرًا، وأحيانًا بدونها.
أمشي، وأستريح في ظلِّ جدار دكانٍ لبيع الخردة، أجلس على كرسيٍّ بلاستيكيٍّ قديم مُخصَّص للعابرين؛ لأكتب رسالة مستعجلة لمن أحب
أنا أيضًا أركض،
أركض، وأشارك في المارثونات دون قصد،
لكنّني أتوقّف كثيرًا،
أتوقف؛
لأنظِّفَ الأرضيَّة والشبابيك، ولأغيِّرَ الستائر
أتوقّف؛
لأشتري علبَ هواءٍ جديدة من دكاكين شبه مَنسيَّة؛
لأنزع الدبابيس العالقةَ في حذائي،
أتوقّف؛ لأنّني أنسى فجأة كلَّ شيء،
كمن سقطت على رأسه حديقةٌ كاملةٌ من الأغاني،
أنسى كلَّ شيء، ويشغلني فيلم وثائقيٌّ بعنوان:” رحلة على جناحي فراشة”:
” جاهزة للاستيقاظ مع أشعّة شمس الربيع الأولى”
“يذوب الثلج عن اليرقانة الإمبراطورية البنفسجيَّة”
أنا غابةٌ كاملة من الأزهار والأشجار، الآن
يحتلُّني
فراش حشيشة الحجر المرقَّع، وفراش السيدة الملوَّنة
هذه ليست معجزة،
هذا قلبٌ
مجنونٌ يقرأ على الملأ مرادفاتِ الهُيام:
“حُبّ،صَبابَة ،عِشْق،غَرَام،كَلَف إِشْتِيَاق،تَتَيُّم،تَعَشُّق،تَعَلُّق ،تَلَطُّف، تَلَهُّف،تَوَلُّه،جَوًى،حُبّ،حُرْقَة،حِرَّة،شَغَف،صَبابَة،لَوْعَة،مَحَبَّة،مَوَدَّة، مَيْل،هَوًى،وَجْد،وَلَع،وَلَه،وُدّ،وُلُوع،وِداد،وِصَال،جَوًى،حُبّ،مَحَبَّة،هَوًى”.”
نقيقُ الضفادع لا يخيفني
“يرقاناتُ الفراش الأبيض الرُّخاميّ لا تحتاج إلى الكثير، تقضم العشب بسعادة “
_______
*شاعرة عُمانية