*ترجمة: راضي النماصي
نشب جدال بين مهرجَين ذات مرة، وتوقف الناس متفكهين لمشاهدتهما.
سألوا: “ما الأمر؟”
“لم (السؤال)؟ إنهما مهرجان يتجادلان فقط.
من سيأخذ أمرهما بجدية؟ تبادل الكوميديان الردود بينهما بسرعة وبشكل سخيف، وكان جدالهما لا يستند لمنطق. كان الموقف برمته حماقة، ومضى يومٌ بأكمله.
بقي المهرِّجان في اليوم التالي وهما يحاولان غلب بعضهما بشكل بغيض. بدا حتى كأن شراب اليكة بينهما على هذا الحال سيحمض. كان من يحضر في تلك الأثناء من الناس ذلك الموقف سعيدًا بالمشهد التنكري، وبدأ كل منهما يزيد إهاناته سوءًا بإشارات منتقاة بعناية لتؤذي الآخر. ولكون المارين يعتقدون بأن هذا مجرد عرض، فقد كانوا يتركون بعض القطع النقدية على جانب الطريق.
على أي حال، في اليوم الثالث وصل الأمر لاستخدام القوة. استحال صفيرهما إلى فوضى، وكانت الركلات المتبادلة تصيب الهواء أكثر من الأجساد. ابتهج الأطفال وهم يقلدون صفير كلا البهلولين، وضحكا على المغفلين بينما يتعثر كلٌّ منهما بهم، وأراد الفتية أن يردا جميل المهرجين.
“أبي، أعطني بضعة قطع نقدية كي أتركها على جانب الطريق.”
زاد الوكز والصفير بشكل أسوأ في اليوم الرابع، وبدأ وجها المهرجين بالنزيف تحت المكياج. بدأ بعض الأطفال يشعر بالخوف. هل كان ذلك دمًا حقيقيًا؟
هدَّأ الآباء من روعهم قائلين: “لا تذعروا. ليس أمرًا خطيرًا”.
أصيب البعض بسبب لكمة خاطئة، ولكن لم تعتبر سوى جرعة صغيرة لزيادة الضحك. تزايد الناس ليشهدوا ما يحدث.
“ما الذي يجري؟”
لا شيء. مجرد خلاف على الحساب ولا تستحق أن يُفرّق بينهما. سيتعبان. لا شيء سوى بعض التهريج هنا.
على أي حال، تسلّح أحد المهرجين في اليوم الخامس بعصا، وغلب خصمه بتصفيرٍ أطاح بشعر الآخر المستعار. شعره المستعار. تدجج الآخر غاضبًا بمضرب مخصص للخبط ورد بالمثل. كانت العصيان تشق صمت الهواء وهما يهذيان ويتشلقبان. أصيب أحد الجماهير بالخطأ وسقط جثة هامدة.
تصاعد بعض التوتر، وانقسم الناس. بدأ أرضا معركة بالتشكل شيئًا فشيئًا. تبادلت العديد من المجموعات الضرب، وما زال هناك ناس يصرعون.
أتى أسبوع ثانٍ وسمع الجيران أن هناك هرجًا طفيفًا يجري حول مكان المهرجين، وقد شغل كامل الساحة ووجده الجيران مضحكًا. ذهب البعض إلى الساحة ليستقصي الأمر. رجعوا بقصص غاضبة ومتعارضة تخص كل واحد فيهم، واستمر الحي بالانقسام بسبب تلك الآراء المتضادة. اشتعلت بعض المعارك في بعض الأحياء.
في اليوم العشرين سُمع دوي الرصاص. لم يتيقن أحد من أين أتت؛ من الممكن أن تكون قد دوت من أي مكان في المدينة. شرع أهل المدينة بتسليح أنفسهم. وبدت أصغر المجموعات مشتبهًا بها. انتشر إطلاق النار. بدأت الجثث بالتكدس في الشوارع. عم الإرهاب المدينة بأكملها، وسرعان ما بدأت المذابح.
مات كل سكان المدينة مع بداية الشهر. كلهم ما عدا المهرجين. استيقظا في ذلك الصباح وجلس كل واحد منهما في زاوية، وقاما بالتخلص من لباسهما السخيف. نظرا إلى بعضهما وهما بحالة مزرية، وقاما بعناق بعضهما وهما يضحكان على الأعلام المرمية. جمعا القطع النقدية من جوانب الشوارع وهما يتشبثان ببعضهما ذراعًا بذراع. قطعا المدينة سويًا بحذر ألا يدوس أحدهما الجثث ومضيا للبحث عن مدينةٍ أخرى.
_____________________________
* مدونة راضي النماصي الشخصية