خاص- ثقافات
*حلا السويدات
بطبيعة الحال، الموجود الأول – في الأسطورة – .. له الأثر الأكبر:
وعوّد ظلّ آدم النّهري جلدَه على الطحالب.. فصار فيما يقال في الحكايا وحشًا يخيف العذارى، يبرأ من وجه حتى ينغمس في آخر، وقالوا الخمر يُنسيه وأبدلوا الماء الأُجاج نبيذًا، وما نسي لأنهم كتبوا على ظهره عندما لبسته الصفصافة، فصار إلها من لغتهم.
وبعد، لم تكن الأسطورة ستحفى بانبهار آنيّ، والأبطال كذبة تستنفد ذهب القوم، ليس بطلاً آدم، وإنما سراب يحدّ البسيطة كي يقتل الفضول للمدى البعيد، يُشغل قومه بالخطيئة والورع؛ قطبيْ حكاية الوجود الأولى، ذات الكلمات المتقاطعة، وذات الأسماء الحرة غير نظيرةٍ للأجسام.
كيف يا ابن أمك كان وجهُك في تلك اللجّة حينئذٍ؟
كنت تدرك أن الحركة إلى الأمام وأنّ الجثث صواري خلفك، لا مناص من الركض على غير هدى، كانت المادة أصلب تحت القدمين، وكان الوعد بالإسفلت دون اللغة يجعلك تضمن أن ثمّة فراغ في الهواية، دون الارتطام بما يفتتك، ويسلبك اندهاش الجسد والقدرة على الحركة، رغم أنها ذات اتجاه واحد، لا مناص الآن، سوف تنزل بطبيعة الحال، وسوف ترتطم بالصفصافة وتخالها وجهة أنثى، فتأكل نفسها كي لا يأكلها غريبٌ عن الأرض، وسوف تبحث في الطّلع عن مأوى وتكتشف أنك أضخم من أن تُحتوى، وأنّ لسانك أفعى.
من آدم خرجت الأفعى، أم من الأفعى خرج آدم؟
قسوةً أن أجتزئ من لغة الواحد ما قد يبعث فيك إذ تقرأ الصخرَ وجهًا محتملاً لك، ومراوغة أن تعرف المجاز كي لا تفنى وتضيع في الطحالب، هو البَدء جهاد نحو الخروج. والهدى؛ قيد غيبوبة في الوعي لا تستيقظ منه إلا وقد أبصرت ما حولك، وعرفتَ موضع الحرف في الصدى، ورقعة الهواء التي تطير فيها الفراشة، يصيبها سمُّ أفعاك، فتسقط ويبقى الأثر يرجع لتعرجك الأول المرتبك والخائف، منذ أدركت أن لا مناص من الخروج من هذه الأرض.
______
*كاتبة وشاعرة أردنيّة